صدر فى 13 أكتوبر 2019 قرار وزارة التجارة والصناعة رقم 827 لسنة 2019 بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية رقم 120 لسنة 1982 (قانون الوكالة التجارية) ليعتبر أعمال السمسرة العقارية عمل من أعمال الوساطة التجارية ليمد بذلك نطاق تطبيق القانون على السماسرة العقاريين ويشترط تسجيلهم فى سجل الوكلاء والوسطاء التجاريين بالهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.
فقد تم تعديل المادة (2) بند (2) من اللائحة التنفيذية المشار إليها لتنص على وجوب قيد كل من يقتصر نشاطه كوسيط تجاري ـ ولو عن صفقة واحدة – على البحث عن متعاقد أو التفاوض معه لاقناعه بالتعاقد، بما في ذلك التعاقد على بيع أو شراء العقارات.
ومن المعروف، أن قانون الوكالة التجارية يحظر مزاولة أي عمل من أعمال الوكالة التجارية أو الوساطة التجارية إلا لمن يكون اسمه مقيدًا فى سجل الوكلاء والوسطاء التجاريين، ويعاقب القانون كل من مارس مهنة الوكالة التجارية أو قام بعمل من أعمال الوساطة التجارية دون أن يكون مقيدًا بالسجل المشار إليه بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويعاقب الشريك المتضامن أو المدير أو عضو مجلس الإدارة المسئول بحسب الأحوال بالنسبة للشركات.
كما أن القانون يشترط الجنسية المصرية للقيد في هذا السجل حيث تنص المادة (3) من القانون على أنه لا يجوز أن يقيد في السجل المشار إليه إلا من كان مصري الجنسية أو مضى على اكتسابه الجنسية المصرية عشر سنوات على الأقل، وبالنسبة للشركات فلايجوز أن يقيد في السجل إلا الشركات التى يكون رأسمالها مملوكًا بالكامل لشركاء مصريين، فإذا كان الشريك شخصًا اعباريًا فيجب أن يكون أغلب رأسماله مملوكًا لمصريين.
وبناء عليه، فإن مفاد هذا التعديل الأخير لللائحة التنفيذية لقانون الوكالة الجارية الآتى:
1- أصبح محظورًا على الأشخاص الطبيعيين والشركات ممارسة أى عمل من أعمال السمسرة العقارية أو التسويق العقارى دون القيد فى سجل الوكلاء والوسطاء التجاريين بالهيئة العاملة للرقابة على الصادرات والواردات.
2- أصبح محظورًا على الشركات المملوكة لأجانب مزاولة نشاط الوساطة أو التسويق العقارى فى مصر حيث لن تتمكن تلك الشركات من القيد فى السجل المشار إليه، والذى يشترط أن يكون رأسمال الشركة مملوكًا بالكامل لمصريين، هذا ما لم تقم هذه الشركات بتوفيق أوضاعها بتغيير هيكل ملكيتها لتصبح مملوكة لشركات اعتبارية مصرية مملوك أغلب اسهمها لشركاء مصريين.
ويأتي هذا التعديل في توقيت غير مناسب حيث تشهد مصر توسعات عمرانية ومشروعات عقارية ضخمة مما يستوعب مزيد من شركات الوساطة والتسويق العقارى، خاصة إذا أصبح المشترى الأجنبي هدفًا للعديد من الشركات العقارية التي تبحث عن تسويق وبيع مشاريعها في الأسواق الخليجية ولم يعد الأمر مقتصرًا على المصريين، كما كان الحال فى السابق، لذا نرى أن حظر الشركات الأجنبية من العمل فى مجال السمسرة والتسويق العقاري لا يأتي في صالح سوق العقارات المصرى.
فبالرغم من قوة منافسة الأسماء العالمية للشركات المصرية، إلا أن تعزيز هذه المنافسة تؤدى إلى رفع مستوى خدمات الوساطة والتسويق العقاري من خلال تقديم حلول تسويقية أكثر ابتكارًا وذات مستوى عال وبأدوات تقنية حديثة، كما أن اعتماد هذه الشركات الأجنبية على العمالة المصرية من شأنه نقل خبراتها إليهم مع إحتمالية تعرف الشركات المصرية على أحوال السوق الخارجية وبحث فرص فتح فروع لها لتسويق المشروعات المصرية في الخارج.
ويأتي هذا التعديل كحلقة من حلقات التشريعات التي صدرت في السنوات الأخيرة لتقييد ملكية الأجانب للاستثمارات في مصر منها على سبيل المثال قانون 86 لسنة 2015 الذى حظر على الأجانب تملك شركات الأمن والحراسة وكذلك قرارات وزير التربية والتعليم الأخيرة رقم 183 و184 لسنة 2019، والتى قيدت مساهمة الأجانب في الشركات المالكة للمدارس الخاصة بحد أقصى 20%، وتأتى هذه التشريعات مخالفة للسياسية العامة للدولة الساعية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص عمل جديدة وهو ما يرسل بإشارات سلبية للمستثمرين المرتقبين ويتسبب فى خسائر كبيرة لمالكى الشركات الحالية.
بقلم: أ / محمد رياض
شريك بمكتب رياض ورياض للمحاماة والاستشارات القانونية