تعالت أصوات مصنعي الورق، خلال الفترة الأخيرة، تطالب الحكومة بوضع حلول للصناعة وإخراجها من مأزقها الحالي.
وأشار المصنعون إلى إغلاق بعض المصانع وتخفيض إنتاجية أخرى؛ بسبب سعر المنتج المستورد الذي ينخفض عن نظيره المحلي، وغزوه للسوق على حساب المنتج المصري.
وجاء وضع رسوم حمائية على الورق المستورد في مقدمة مطالب المصنعين، بجانب مطالب أخرى تتضمن خفض أسعار الطاقة، وقصر استيراد ورق الصحف على المؤسسات الحكومية، وهي 3 مطالب رئيسية بجانب مطالب أخرى.
قال المهندس أشرف أرنست، مدير مصنع شركة شوتميد للورق، إن قطاع الورق يعاني من غزو المنتج المستورد للسوق، على حساب الإنتاج المحلي الذي تحول إلى مخزون لدى الشركات التي خفضت بدورها طاقاتها الإنتاجية.
وأشار إلى أهمية وضع رسوم إغراق على الورق المستورد؛ لحماية الصناعة المحلية من المنافسة غير العادلة مع المنتج الأجنبي الذي تدنت أسعاره لجذب المستهلكين.
أوضح أرنست، أن المنتج المستورد من ورق الطباعة والكتابة معفى من الرسوم الجمركية ومعفى من ضريبة القيمة المضافة، في حين أن المنتج المحلي غير معفى من الأخيرة، فضلا عن ارتفاع أسعار الطاقة وتكلفة التصنيع والخامات المستوردة.
وطالب باستحداث نص مضمونه أن يكون الكتاب المدرسي صناعة محلية 100%؛ لإعطاء الفرصة للمصنعين المصريين، خصوصا بعد اعتماد المطابع على الورق المستورد في الطباعة؛ لتتوافق مع المواصفة التي وضعتها وزارة التربية والتعليم.
وأشار مدير مصنع شركة شوتميد للورق، إلى أن الشركة خفضت طاقتها الإنتاجية العام الحالي، لتسجل نحو 650 طنا شهريا مقابل 900 طن خلال العام الماضي.
وكشف أرنست، أن سعر الورق المحلي تراجع في 2019 ليصل إلى 11.5 ألف جنيه للطن مقابل 14.5 ألف جنيه العام الماضي، في حين تراجع المنتج المستورد ليسجل نحو 12.5 ألف جنيه مقابل 17 ألف جنيه العام الماضي.
واضح أهمية تسهيل الإجراءات الخاصة باستيراد ورق “الدشت” الذي يدخل في صناعة الورق عبر إعادة تدويره، كاشفا عن تعقيدات في عملية الاستيراد. ويظل الورق محجوزا فترات طولية لإجراء عملية الفحص في الموانيء، مما يتسبب في تحميل المنتج تكاليف جديدة وهي “الأرضية الجمركية”.
وقال مؤتمن الجارحي، مدير عام شركة هيبتون للاستيراد والتوريد، إن متوسط سعر طن الورق المستورد يبلغ نحو 13 ألف جنيه طن، ويقل في بعض الأحيان حتى 12 ألف جنيه، مما أوقف فرص مبيعات المنتج المحلي بسبب ارتفاع سعره إلى 14 ألف جنيه للطن في المتوسط، وأجبر عددا من المصانع المحلية على وقف الإنتاج.
اضاف أن سبب تراجع أسعار الورق المستورد، هو الركود في سوق الورق العالمي ، مما أجبر المصانع هناك على خفض الأسعار إلى أقل المستويات.
فقبل النصف الثاني من 2018، كانت أسعار الورق المستورد أغلى من الورق المحلي بنحو 3000 إلى 4000 جنيه في الطن الواحد.
وتابع: “توجد شركات محلية تُصنع بجودة عالمية، ولم نكن نستطع الشراء منها كونها تصدر جميع إنتاجها. واليوم هذه الشركات توقفت عن التصدير بسبب فارق الأسعار مع المنتج العالمي، وبسبب مخزونها المتراكم في المخازن نظرًا لتوجه العملاء نحو المنتج المستورد.”
وشدد الجارحي، على ضرورة تدخل الحكومة لحماية الصناعة المحلية، بفرض رسوم حمائية على المنتج الأجنبي، وقصر الاستيراد على الدرجة الأولى فقط، إذ إن الدرجة الثانية من الورق المستورد زهيدة السعر، لأنها تعتبر مخلفات المصانع العالمية الكبرى.
وقال وليد زكي، المدير المالي لشركة إيماك لتصنيع الورق، عضو شعبة الورق والكرتون باتحاد الصناعات، إن إجمالي الإنتاج المحلي من مختلف أنواع الورق، يبلغ نحو 1.5 مليون طن سنويًا، وهو رقم ضعيف جدًا مقارنة بحجم الصناعة العالمية.
أضاف أن مصنع الورق المتوسط في أوروبا، تصل طاقته الإنتاجية إلى 2 مليون طن سنويًا من نوع واحد فقط، وهو رقم ضخم؛ أما الصين مثلا ، فلديها 2700 مصنع ورق.
أوضح زكي، أن المصانع الأوروبية تستخدم أحدث خطوط الإنتاج والماكينات التي ظهرت في مجال صناعة الورق، وهي ذات استهلاك للطاقة أقل بـ 15% من الأنواع القديمة، ونسبة الهالك فيها أقل، وطاقتها الإنتاجية أعلى، فضلا عن أن جودتها أفضل.
وتبيع المصانع الأوروبية، ما يُسمى بـ “البواقي” في مصر، وهي أوراق ذات مساحات لا تلائم المواصفات والطلبات في أوروبا، ولا يوجد لها سوق هناك.. لذلك تُصدر إلى مصر بأقل الأسعار.
أشار زكي، إلى أن أصغر مصنع ورق تتراوح تكلفته الاستثمارية بين 1.5 إلى 2 مليار جنيه، علمًا بأن هذه التكلفة مرهونة بالاعتماد على الماكينات وخطوط الإنتاج المستعملة وليست الحديثة.
وتبلغ فاتورة استهلاك الغاز لتصنيع طن واحد من الورق نحو 2000 جنيه.
وتبلغ التكلفة الصناعية لورق الدوبلكس نحو 9000 جنيه للطن، في حين يباع طن ورق الدوبلكس المستورد للمستهلك النهائي بـ 420 دولارا للطن (بما يعادل نحو 7000 جنيه للطن)، وهي أسعار قابلة لانخفاض أكبر بالتزامن مع استمرار هبوط الدولار.
قال زكي، إنه منذ مطلع 2019، زاد عدد المصانع العاملة في قطاع “الدوبلكس”، حتى وصل إجمالي الإنتاج المحلي إلى 200 ألف طن، في حين تبلغ واردات ورق الدوبلكس 200 ألف طن.
أضاف أن ارتفاع المعروض في السوق جاء بالتوازي مع انكماش الطلب، مما تسبب في تراكم مخزون الشركة منذ مارس الماضي حتى وصل إلى 15 ألف طن، إذ قدر إجمالي الإنتاج المحلي حينها بنحو 70 ألف طن.
ولفت إلى أن المصانع التي يجري افتتاحها حاليًا، مُضطرة للتشغيل رغم الخسائر المتوقعة ، بسبب التزاماتها مع البنوك الحاصلة على قروض منها.. لذلك طالبنا الحكومة بفرض رسم وقاية على واردات الورق، لحماية الصناعة المحلية.
زكى: تكلفة الدوبلكس 9000 جنيه للطن والمستورد يباع بـ7000 جنيه
وقال عمرو مشرفة، المدير الإداري بشركة المتحدة لصناعة الورق والكرتون “يونيبود”، إن الشركات المنتجة للورق تقدمت بمذكرة تفصيلية بشأن مطالب مصنعي الورق، شملت 10 مقترحات لحماية الصناعة المحلية، تقدم بها المصنعون إلى البرلمان، وتمت مناقشتها خلال الشهر الحالي.
وهذه المقترحات جاءت لمواجهة الركود العالمي الحالي والمتوقع استمراريته مستقبلا، مما يتطلب حماية الصناعة المحلية للورق والكرتون، من خلال فرض الأساليب الوقائية اللازمة.
وأضاف: “طالبنا في المذكرة بفرض رسوم وقائية على استيراد الورق والكرتون وصناديق الكرتون الجاهزة ، فضلا عن تخفيض أسعار الطاقة من كهرباء، والغاز، والمياه للصناعات البديلة للواردات أو الصناعات التصديرية.
وأوضح أن القطاع طالب بإلغاء ضريبة القيمة المضافة على مدخلات الإنتاج، والمواد الخام وخصوصا لب الخشب، ومصاصة القصب، فضلا عن قصر استيراد ورق الصحف والجرائد على المؤسسات الصحفية.
وشدد على ضرورة إلغاء الاستثناءات لبعض المناطق الحرة من رسم الصادر المفروض على “الدشت”، حسب القرار الوزاري رقم 1104 لسنة 2018؛ والذي يؤثر سلبًا حال عدم تداركه على حجم الدشت المتاح محليا، إذ إن قلة المعروض من الدشت تجبر المصنعين على استيراده مُجددًا.
وتطرقت المذكرة إلى ضرورة مراعاة هيئة التنمية الصناعية، لحالة السوق، وما إذا كانت صناعة الورق في مصر تحتاج تراخيص جديدة أم يجب التوقف عن منحها لمدة معينة، حتى لا يزيد المعروض على حجم الطلب بما ينعكس سلبًا على الجميع.
وطالب بالتوسع في إنتاج لب “البجاس”، والسماح للقطاع الخاص باستعماله بعد الرجوع للدولة فيما يخص مستقبل زراعة قصب السكر في مصر.
وأكد مشرفة، أهمية تطبيق آلية التسجيل المزدوجة ما بين وزارة المالية وقطاع التجارة الخارجية بوزارة التجارة والصناعة على منشأ الورق والكرتون المستورد لضمان مطابقة المواصفات القياسية.
وأشار إلى أن المذكرة تناولت أهمية تفضيل شراء المنتج المحلي في المناقصات الحكومية عن المستورد، والتوسع في زراعة غابات الأشجار الخشبية ذات الكثافة النوعية وسريعة النمو، باستخدام مياه الصرف المعالج.