مؤشر السوق الرئيسي مقوماً بالدولار يتراجع 14% عن مستوياته قبل التعويم
أبوالعينين: حجم السوق المصري يجب أن يتجاوز مستوى 400 مليون دولار
سامى: الاستثمارات الأجنبية تبحث عن الاستثمار فى كيانات ضخمة
النمر: السوق رخيص لأنه أصبح طاردًا للمستثمرين خاصة الأجانب منهم
تعددت التساؤلات حول تراجع مؤشرات البورصة المصرية وانخفاض قيم التداولات بصورة حادة خلال عام 2019، وسط اتجاه قوى للمستثمرين الأجانب بالتخارج من الأسهم المصرية منذ بداية العام بصافي تدفقات خارجة تقترب من 2.2 مليار جنيه، رغم رخص أسعار الأسهم وجاذبيتها من حيث مضاعفات التقييم.
وضع خبراء سوق المال مجموعة من الإجابات ركزت في أساسها على القيمة السوقية للأسهم المصرية مقومة بالدولار، والتي باتت عند مستويات تعد الأدنى منذ أكثر من عقد من الزمن، لتسجل في مجملها ما يقل عن 44 مليار دولار تنخفض تلك القيمة إلى نحو 11 مليار دولار حال ترجيحها بمتوسط نسب التداول الحر للأسهم المصرية، وهو ما يجعل السوق المصري في مجمله أقل بنسبة 60% من طرح 1.5% من شركة أرامكو السعودية.
عقب قرار تحرير سعر الصرف ارتفعت آمال المستثمرين بسوق الأسهم بالنظر إلى حجم وكمية التدفقات الأجنبية التي دخلت للسوق المصري على أثر “التعويم” وأصبح النظر إلى السوق على أنه “بحر” سينمو حجمه بالتدريج، إلا أنه وفجأة بدأ خروج الأجانب من السوق بعد زوال آثار تحرير سعر صرف الجنيه المصري، واستمرار تضاؤل وتقزم حجم تداولات سوق الأسهم المصري، وتعثر برنامج الطروحات الحكومية غير المبرر وطرح وحيد لنسبة إضافية بلغت 4.5% من الشركة الشرقية للدخان.
وبلغ مؤشر EGX30 مقوم بالدولار الأمريكي مستوى 3405 نقطة قبيل قرار تحرير سعر الصرف، بينما وصل حاليًا إلى مستوى 2939 نقطة، فاقدًا 13.7% من رصيده خلال 3 أعوام.
كيف تحركت استثمارات الأجانب في البورصة منذ التعويم؟
بلغ صافي شراء الأجانب بالأسهم المقيدة في شهري نوفمبر وديسمبر من عام 2016 -عقب قرار التعويم مباشرة – نحو 5.6 مليار جنيه، وفي نهاية عام 2017 بلغ صافي شراء الأجانب أيضًا 7.4 مليار جنيه، وبنهاية العام الماضي تراجع إلى 7.2 مليار جنيه، بينما تحول الأجانب منذ بداية العام الجاري إلى البيع بصافي بيع 2.17 مليار جنيه.
ويرى خبراء سوق المال أن نظرة الأجانب للسوق أصبحت سلبية ولم يعد المفضل بين منافسيه من الأسواق الناشئة، مع استمرار تقزم أحجام التداول، وتكلفة الاستثمار المرتفعة، بجانب وجود أسواق لا تتوافر فيها هذه السلبيات، وأصبحت أكثر قدرة على جذب الأجانب.
قال شريف سامى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية سابقًا، إن الاستثمارات الأجنبية تبحث عن الاستثمار فى كيانات ضخمة ليست موجودة بالسوق المصري، مضيفًا أن جزءًا كبيرًا من المحافظ الاستثمارية الأجنبية العالمية تبحث عن صناديق تحاكى المؤشرات الكبيرة كمؤشر مورجان ستانلى.
وأشار إلى أن المستثمر الأجنبى يحتاج أن يرى نشاطا أكبر بالسوق، وحراك أعلى، وصفقات استحواذ وشركات تطرح مشروعات قوية، لافتا إلى أن السوق المصرى يفتقد هذا الزخم وهذا الحراك مما افقده العديد من الاستثمارات الأجنبية فى الآونة الأخيرة.
وتابع، أن تكلفة دخول المستثمر الأجنبى ليست العائق أمام الاستثمار الأجنبى فى سوق المال، ولكن العائق الأكبر فى رأس المال السوقى، وحجم التداول اليومى الضعيف، وضعف السيولة وصعوبة التخارج، بالإضافة إلى ضعف الوزن النسبى لمصر فى المؤشرات الأجنبية مثل مؤشر مورجان ستانلى.
ولفت إلى أن السوق المصري يحتاج إلى زيادة عمقه ورأسمال سوقى أكبر وسيولة عالية، بالإضافة إلى شركات ذات نموذج أعمال ناجح وقوى وحجم استثمارى كبير وقيمة سوقية مرتفعة سواء كانت طروحات خاصة أو حكومية وأن يكون نسب التداول الحر عالية لتمكن المستثمرين الأجانب من الدخول والخروج باستثمارات كبيرة.
الطروحات العامة ودمج الكيانات أسهل الحلول لخلق قيمة مضافة
وأوضح سامى، أن فكرة دمج الكيانات الكبيرة فكرة جيدة ولكن لابد أن يكون للكيانات المندمجة نموذج استثمارى واضح وقوى وليس دمجاً من أجل الحصول على كيان ذى قيمة مادية كبيرة فقط.
وعدد سامى، القطاعات والشركات القوية التى تحتاج أن تدخل سوق المال لجذب رؤوس أموال أجنبية كقطاع الطاقة الشمسية والمتجددة وقطاع المرافق، بالإضافة إلى بعض الأسماء اللامعة في السوق من أبرزها شركة أبناء حسن علام، لافتًا إلى ضرورة النظر فى طرح قطاعات وشركات عملاقة لزيادة رأس المال السوقى.
وتابع، أن تحفيز سوق الأسهم يحتاج قرارات تتعلق بتنشيطه من خلال طرح شركات ذات رأسمال ضخم لترفع من رأس المال السوقى، وقرارات أخرى كمشاريع قوية للشركات المدرجة ، وقرارات حكومية كإعادة النظر فى قانون الضرائب.
وأضاف سامى، أن دخول استثمارات أجنبية فى سوق الأسهم صعب فى ظل ارتفاع أسعار الفائدة ومغريات الاستثمار فى أذون الخزانة، لافتا إلى أن اسعار الفائدة فى مصر مرتفعة للغاية مقارنة بالدول الأوروبية ذات العوائد السلبية رغم التخفيضات الأخيرة خلال 2019 للفائدة بنحو 450 نقطة أساس.
ويرى رئيس هيئة الرقابة المالية السابق، أنه ليس من العدل مقارنة الأموال الساخنة من الأجانب التى دخلت مصر بعد التعويم وبين التخارجات الحالية نظرًا لاختلاف المؤشرات الأقتصادية فى الحالتين.
فيما أوضح عمرو أبوالعينين، العضو المنتدب لشركة سي آي أستس مانجنمت CIAM، أن مبيعات الأجانب التي يعيشها السوق في الوقت الحالي تعد تسوية مراكز نتيجة لبعض عمليات الاسترداد من العملاء، وليست تخارجات أجنبية بشكل كامل.
وأضاف أن الاكتتابات التي شهدها السوق المصري خلال العام الجاري لشركتي “فوري”و”راميدا” كانت النسبة الأكبر منها لمستثمرين أجانب، وهو ما يؤكد على قدرة السوق على اجتذاب المستثمرين الأجانب حال توفر فرص جاذبة وكبيرة.
وأوضح أن التعويم رفع جاذبية الاستثمار في السوق المصري ليس من الأموال الساخنة فقط، مضيفًا أن السوق مصري لايزال تقييماته جاذبة إلا أن أبرز المعوقات أمامه هي أنه ليس به حجم سيولة كبير تحفز المستثمرين للدخول به.
وأشار إلى أن تقديره لحجم سوق الأسهم المصري الذي يتناسب مع اقتصاده المتعدد القطاعات يتجاوز مستوى 400 مليار دولار، موضحًا أن الوصول لذلك سيقلل تكلفة الاستثمار للمستثمرين الأجانب ” equity premium “ويجذب عدداً كبيراً منهم للاستثمار في السوق، لذلك يرى أن استمرار شح السيولة وانتظار تعاظم حجم السوق يقلل فرص دخول مستثمرين أجانب جدد.
وتجيب شاشة التداول على السؤال الأهم والمتعلق بحجم السيولة وعلاقته بنسب التداول الحر، حيث تتصدر أسهم “التجاري الدولي”، و”المجموعة المالية هيرميس”، و”سوديك”، و”مدينة نصر للاسكان” يومياً قيم تداولات السوق في ظل ارتفاع نسب التداول الحر بها.
واستبعد أبو العينين، فكرة دمج بعض الشركات الحكومية لطرحها لجذب عائد أكبر من المتوقع، موضحًا أن الترويج للطروحات الحكومية أصبح أمرًا ضروريًا وأن طرح الشركات المصرية بوضعها الحالي سيجعلها قادرة على زيادة عمق السوق.
ومن جانبه قال شوكت المراغى العضو المنتدب لشركة اتش سى لتداول الأوراق المالية، إن الاستثمار الأجنبى دائما ما يبحث عن رؤية واضحة وأن الرؤي التشريعية الخاصة بموضوع الضرائب من ضرييبة دمغة وضريبة أرباح رأسمالية من شأنها أن تجعل مصر سوقاً ضبابياً بالنسبة للمستثمر الأجنبى.
وأضاف، أن المستثمر الأجنبى يبحث عن رأس المال السوقى المرتفع، وأحجام تداول قوية، خاصة فى ظل وجود فرق كبير بين العملة المحلية والأجنبية.
ولفت إلى أنه على الرغم من أن تكلفة دخول المستثمر الأجنبى مصر مرتفعة مقارنة بالأسواق الناشئة، إلا أن المستثمر طويل الأجل لا ينظر إلى التكلفة قدر نظره إلى حجم السوق.
قال إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفني بشركة نعيم لتداول الأوراق المالية، إن تحول السوق من أنه جاذب إلى طارد له أسباب عدة، بينها تفرد السوق المصري بين منافسيه باستمرار وجود ضرائب على التعاملات، موضحًا أن الأسعار متدنية لأن السوق أصبح طاردًا للمستثمرين خاصة الأجانب منهم.
وأضاف أن المستثمرين الأجانب لن يقبلوا على أى سوق إلا عقب مشاهدة حركة شراء من المستثمرين المحليين، وأوضح أن تكلفة التداول أقل في الأسواق المنافسة بجانب ارتفاع أحجام وزيادة عمق السوق.
وألمح إلى أهمية اتمام وتنفيذ برنامج الطروحات في اطار منظومة تخلق بيئة محفزة للاستثمار الخاص، بأن ترعى الدولة وتنظم الاستثمار الخاص ولاتنافسه.
وأضاف أن تنفيذ برنامج الطروحات بشكله الحالي سيكون عبارة عن مسكنات يزول أثرها سريعًا، لكن إن أردنا أن يكون علاجاً يمتد أثره طويلاً، يجب أن تخرج الدولة من دور المستثمر، ويقتصر دورها على منظم العمل والحرص على وجود منافسة عادلة بين كافة الأطراف.
وشهد السوق المصري تقزم مستمر في الوزن النسبي على مؤشر “مورجان ستانلي” للأسواق الناشئة ليحل في المرتبة قبل الأخيرة بأقل من 0.1%، سواء بسبب تراجع رأس المال السوقى للبورصة المصرية مقوماً بالدولار من 80 مليار دولار قبل التعويم إلى نحو 44 مليار دولار، أو إنضمام الأسهم الصينية متعددة الفئات، أو إدراج السوق السعودي والكويتي، وقبلها بورصات قطر والإمارات وباكستان للمؤشر.