بعد 3 سنوات من بدء برنامج الإصلاح الاقتصادى فى مصر، تحققت العديد من المكاسب السهلة ليتحول اقتصادها، عن طريق تدابير شاملة ودقيقة، إلى وضع أكثر استقراراً على المستوى الكلى، ومن الملامح الرئيسية لهذا النجاح انخفاض معدل التضخم من 33% إلى أدنى حد له فى 10 سنوات ليستقر عن 3.6% فى نوفمبر 2019.
وقد زاد احتياطى النقد الأجنبى بأكثر من الضعف من 17.5 مليار دولار فى 2016 إلى حوالى 45.4 مليار فى ديسمبر 2019، وهو ما يكفى لتغطية 8.2 شهر من الواردات، وعلاوة على ذلك، فقد ارتفعت قيمة الجنيه مقابل الدولار بنسبة 12% ليتراجع سعر الصرف من 18 جنيهاً للدولار إلى 15.95 خلال عام 2019، وتزامن ذلك مع الخفض التدريجى فى سعر الفائدة على مدار السنة من 17.75% إلى 13.25% مقتربة من مستوياتها قبل التعويم.
من المرجح أن تبقى أرقام التضخم فردية فى 2020، لذلك لايزال هناك مجال لتنخفض أسعار الفائدة إلى أبعد من ذلك، وربما إلى 11.5% بنهاية 2020 و11% فى وقت مبكر من 2021، ومن الإيجابيات الأخرى أن خطة إلغاء دعم البنزين قد اكتملت إلى حد كبير، وأن نسبة الدين/الناتج المحلى الإجمالى تتراجع.
ومازلنا ندعم بقوة الاقتصاد المصرى، حيث أن السوق المصرى سوق نمو تدعمها التركيبة السكانية الضخمة وبرنامج إصلاح واسع المجال بدأ يؤتى ثماره.
ومع بقاء التضخم تحت مستوى 10% وبدء انتعاش الاستثمارات الخاصة لترتفع إلى 4.5 % من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى 2019 (بعد استبعاد قطاعات النفط، الغاز والطاقة والعقارات) مقابل 3.6% فى العام السابق، نحن نرجح أن نشهد تحسناً كبيراً فى معدل نمو الاستهلاك الخاص وكذلك نرى أن قرار البنك المركزى برفع سقف أقساط القروض الشخصية من 35% إلى 50% من الدخل الشهرى سيزيد من دعم الإنفاق الخاص، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسلع غير الأساسية.
والحكومة المصرية تبدو مدركة تماماً للإمكانيات الصناعية فى البلاد وهو ما يظهر جلياً فى التركيز المتزايد على دعم القطاع الخاص وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما أننا متحمسون للمبادرات الأخيرة للبنك المركزى، بما فى ذلك برنامج تمويل الصناعة بمبلغ 100 مليار جنيه، الذى يمكن أن يسفر عن استثمارات توازى 4% من الناتج المحلى الإجمالى.
مع التعداد سكانى البالغ 100 مليون نسمة وتحسن التوقعات المستقبلية للاقتصاد، فنحن نرى أن القطاع الاستهلاكى مثل شركات الأغذية والرعاية الصحية والتجزئة تعد أفضل الخيارات للمستثمرين الباحثين عن فرص جيدة للاستثمار، بالإضافة إلى القطاع المالى.
كذلك ندعم الشركات التى تستهدف التصدير فى ضوء تزايد التنافسية السعرية للمنتجات ووجود قطاعات تستفيد من استمرار الإنفاق على البنية التحتية والاستثمار.
نتوقع أن يكون النمو على المدى القصير مدفوعاً بالاستثمار فى ضوء سياسة البنك المركزى التوسعية (أو التسهيلية) القائمة على خفض سعر الفائدة خلال 2019، والتى ساعدت على دفع إنفاق القطاع الخاص، ومن المفترض أن يترجم هذا إلى زيادة فى معدل خلق الوظائف ويعجل معدلات نمو الاستهلاك الخاص.
ويؤمل أن يؤدى هذا إلى انتقال محركات النمو من قطاع الغاز إلى نمو يعتمد على الاقتراض البنكي ويجتذب تدفقات من الاستثمار المحلى والأجنبى فى قطاعات أوسع من الاقتصاد، وتجتذب مصر بالفعل استثمار أجنبى مباشر، وفى 2018 اجتذبت 7.9 مليار دولار وهو إن كان أقل، مما تسعى الحكومة لتحقيقه فهو الأعلى فى أفريقيا.
ويوجد بالفعل تسارع في وتيرة نمو استثمار القطاع الخاص، فضلاً عن التزايد المستمر فى قروض القطاع العائلى وهى عوامل مطمئنة، وفى ضوء هذه العوامل، فإننا نعتقد أن الاقتصاد قادر على تحقيق معدل نمو يتراوح بين 5 و6% فى 2021 و2022.
نحن نراقب عن كثب قصة الاستثمار لتقييم مدى تحمسنا لمصر على أساس الأداء لعدة سنوات، وفيما يتعلق بالتقييمات، فإن مضاعف الربحية (P/E) فى السوق يقدر بـ 9.2 مرة، وهو أقل بكثير من متوسط المضاعف للأسواق الناشئة البالغ 12.9 مرة، بينما يصل عائد توزيعات أرباح الأسهم المتوقعة لـ12 شهراً القادمة 3.2%، وبلغت مكاسب مؤشر Egypt MSCI (مقوما بالدولار) 36.4% منذ بداية العام متجاوزاً بذلك معدل الزيادة فى مؤشر MSCI للدول الناشئة والبالغ 14.6%.
وتستثمر الصناديق التى تستهدف الأسواق المبتدئة بشكل جيد فى مصر حيث تخصص حوالي 10% من استثماراتها للسوق المصرى، ولكن 26 % فقط من صناديق الاستثمار التى تستهدف الأسواق النامية الدولية، والتى تراقب رينيسانس كابيتال أدائها تستثمر فى مصر.
ونرى أنه بالإضافة إلى تحسن الاستهلاك الخاص وزيادة الاستثمارات فإن اجتذاب المزيد من الأموال المخصصة للأسواق الناشئة سيكون عامل أساسى لزيادة أحجام ومستويات التعامل فى السوق المصرى.
دانيال سالتر وأحمد حافظ وتشارلز روبرتسون
بحوث شركة رينيسانس كابيتال