عاش قطاع التكنولوجيا المالية زخماً كبيراً فى عام 2019 وليس هناك حاجة لشرح ذلك أو توضيح الأسباب، لكن إذا كان هناك شحص جاء من كوكب آخر للتو، فإن العامين الماضيين حققاً ما يشبه المعجزة للشركات المتصدرة لهذا المجال، ويمثل مصطلح «FinTech» دمجاً لكلمتى المالية والتكنولوجيا، لكن هذا الاندماج فى الواقع لم يكن بهذه البساطة ربما يكون هذه المصطلح هو كلمة السر فى انتعاش قطاع البنوك والتمويل الأكبر منذ اختراع الفائدة المركبة، وإذا كان هناك من يعتقد أن رقمنة البنوك كانت قراراً اتخذته تلك المعاهد البحثية لتحسين خدمة العملاء، فإنه بذلك لا يعرف سوى نصف القصة.
وواجهت البنوك بطرقها القديمة تحدياً هائلاً عندما بدأت الشركات الناشئة الجديدة فى تقديم خدمات شبيهة بالبنوك للأشخاص بتكلفة منخفضة أو بدون تكلفة وبطريقة رقمية بالكامل وكان على البنوك تحديث أسلوب عملها القديم بعد أن عفا عليها الزمن وبالفعل يمكن القول أنهم أفلتوا من الموجة الأولى.
وفى عام 2019 استخدم %64 من المستهلكين بجميع أنحاء العالم منصة أو أكثر من منصات التكنولوجيا المالية، مقارنة بـ%33 عام 2017 وأكد %96 من المستهلكين العالميين أنهم يعرفون خدمة واحدة على الأقل من هذه المنصات وبلغ الدفع الرقمى 4.1 تريليون دولار فى النصف الأول من عام 2019 وحده.
وتعالج خدمات الدفع بواسطة الهاتف النقال حوالى مليار دولار من المعاملات كل يوم ويوجد أكثر من 2300 عملة مشفرة نشطة فى العالم، حيث تعتبر أكبر عملة مشفرة من حيث حجم التداول هى «بيتكوين» وتعتبر الصين أكبر سوق لاعتماد المستهلك على التكنولوجيا المالية بنسبة %87 فى حين أن اليابان هى الأقل بين الدول المتقدمة مسجلة %34 ووصل معدل تبنى التقنيات الحديثة فى الولايات المتحدة 46%.
وتواجه شركات التكنولوجيا المالية الناشئة تحديات فى سبيل التفوق على المؤسسات المالية القائمة وخصومها المعاصرين وتطوير نفسها وبذل جهد مضاعف لتكون قادرة على استغلال إمكاناتها الكاملة، ويبدو أن الشعار فى المرحلة الحالية هو أن من مسئوليات الشركات الناشئة إحداث التغيير المطلوب وفقاً لاحتياجات السوق ففى النهاية سيتعرض المتقاعسين الى منافسة شرسة من الآخرين المستعدين للقيام بذلك فالتطوير لم يعد خياراً بل حاجة ضرورية.
وفى ظل المنافسة الشرسة من المتوقع أن يسود مصطلح «BigTech» فى إشارة إلى اندماج أكبر شركات التكنولوجيا فى العالم معاً لخلق كيانات قادرة على الصمود فى مواجهة عمالقة القطاع مثل «جوجل» و”أمازون» و”فيس بوك» و”أبل» و”باى بال» و”سامسونج» و”مايكروسوفت» و”باديو» و«على بابا» و«تينسيت» وغيرها.
ويتمثل الفرق بين «BigTechs» و”FinTechs» بشكل أساسى فى رأس المال والتكنولوجيا الأكثر تقدماً والأهم من ذلك التواجد العالمى، وجميع هذه الشركات مجهزة بأكثر من اللازم لمنافسة أكبر البنوك فى العالم مباشرةً وتقديم جميع أنواع المنتجات المالية المتنافسة مع هذه البنوك لخدمة العملاء.
وتعد البيانات الضخمة أقوى سلاح فى ترسانتها، حيث يمكن للبيانات الضخمة أن تساعدهم على فهم عملائهم واحتياجاتهم بتفاصيل لم تستطع البنوك من قبل الحصول عليها من قبل وإذا كان ممكن وزن المعلومات بالذهب، فإن هذه الشركات تملك ما يفوق أرصدة بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، ووضعنا تصوراً يوضخ بما فيه الكفاية الوضع المبهج لسوق التكنولوجيا المالية والآن يجب التحدث عما يجب عمله لإطلاق شركة متخصصة ومنافسة فى هذا المجال.
توجد 9 قضايا يجب على كل مالك التصدى لها عند بدء تشغيل شركته الخاصة لكسب مزيد من العملاء فى أسرع وقت:
1. تحديد نقطة البداية الخاصة
الخطوة الأولى لبدء أى شركة، هى إيجاد نقطة انطلاق مناسبة فى قطاع واسع متعدد المجالات فيجب أن يكون لدى رواد الأعمال رؤية واضحة تماماً للسوق المستهدف والمشكلة التى تتطلع الشركة لمعالجتها وحلها باستخدام قوة وإمكانيات التكنولوجيا المالية.
وبعد اختيار موقع الشركة المناسب فى مجالها الخاص، يتعين على المستثمر أيضاً تحديد الجمهور الذى سيهتم به فعلى سبيل المثال، يجب تحديد الأشخاص والبلد أو الولاية أو المدينة، فضلاً عن الفئة العمرية وفئات السكان، وينصح دائماً ببدء التشغيل محلياً أولاً قبل التوسع فى السوق العالمية أثناء مرحلة النمو.
وفيما يلى أهم المجالات الواعدة لشركات التكنولوجيا المالية لعام 2020:
● التجارة والاستثمارات
● تكنولوجيا التأمين
● المنتجات المالية للشركات الصغيرة
● التمويل الجماعى
● المدفوعات والتحويلات المالية الدولية
● تحليل البيانات واتخاذ القرارات المالية
● إدارة التمويل الشخصى
● الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول
● إقراض المال
● العملة المشفرة وحلول سلسة الكتل
2. ما هو العوامل المميزة للشركة الناشئة؟
لا يوجد ما هو أسوأ بالنسبة لبدء التشغيل لشركة جديدة من أن تصبح نسخة مكررة من شركة موجودة تقوم بنفس الشىء وتوفر نفس المنتج دون أى ميزة إضافية للمستهلك، وتعتبر أفضل طريقة للحصول على ميزة على المنافسين هى دراستهم والعثور على ما يفتقرون إليه، ومن ثم العمل على هذه العوامل وتقديم حلول أفضل منهم فى إطار التكنولوجيا المالية.
ومع ازدهار قطاع التكنولوجيا المالية تتصاعد الموجات الجديدة من الابتكارات ولذلك، فإن الشركات ذات العروض الفريدة والمربحة فقط هى التى سيمكنها البقاء على قيد الحياة، لذا من الأفضل أن تكون الشركة الناشئة من بين الفرقة الناجية بل ومن بين الفرقة المزدهرة، والتى تعمل من أجل التغيير والتطوير المستمر.
3. معرفة القواعد
المال هو أثمن سلعة لغالبية الناس فى العالم، ولهذا السبب يتعين على المؤسسات المالية اتباع القواعد واللوائح التى لا حصر لها أثناء التعامل مع أموال عملائها، ومع تقديم خدمات مماثلة فإن نفس اللوائح المرتبطة بالشركات القائمة ملزمة لتلك الناشئة ولذلك قبل بدء عمل أى شركة تحتاج الإدارة لمعرفة خصوصيات وعموميات السلطات التنظيمية والقوانين والقيود القانونية ومتطلبات الصناعة المالية.
4. تعيين الموهوبين
أى مؤسسة ناجحة تقوم على الموهوبين ولذلك إذا كان المستثمر يرغب فى أن تصبح شركته الأفضل بين شركات القطاع، فإنه بحاجة لأفضل المواهب فى صفوفه، ما يعنى أن توظيف موظفين ذوى مستويات عالية بين فريق العمل أمر حيوى للغاية، ولايزال قطاع التكنولوجيا المالية فى مرحلة نمو، لذا فإن جذب موظفين جيدين فى مدينة ذات مجموعة محدودة من المواهب يصبح أمراً صعباً للغاية ومن هنا، فإن أفضل قرار لبدء التشغيل فى مثل هذه الحالة هو تعيين فريق لتطوير البرمجيات فى الخارج، وبالنسبة للشركات الناشئة الحديثة، سيساعد خيار الاستعانة بمصادر خارجية فى العثور على متخصصين لديهم معرفة مجال محددة أو خبرة ذات صلة وكل ذلك بتكلفة معقولة.
5. امتلك تكنولوجيتك
لا يمكن لأى جيش أن يتحلى بالقوة بدون امتلاك موارده الخاصة المستقرة، والحلول الرقمية عبارة عن كومة من التقنيات المستخدمة المصنعة ولذلك يجب على كل شركة فى مجال التكنولوجيا المالية أن تبنى حلولاً باستخدام برنامج مخصص لها وألا تعتمد لبدء أى عملية تشغيل تقوم على أنظمة إدارة المحتوى الخاصة بطرف ثالث، خاصة فيما يتعلق بالأطر المهمة للتعامل مع خدماتها المباشرة للعملاء.
ويجب التذكير بأن التعامل مع قضايا التمويل يعنى أن هناك دائماً خطر حدوث خرق للبيانات، ما يجعل سلامة البيانات من الناحية العملية الجانب الأكثر أهمية فى تطوير أى تطبيق تقنى خاص بالخدمات المالية.
ويحتاج الأمر للتأكد من أن منتج التكنولوجيا المالية مثل التطبيق أو موقع الإنترنت أو منصة الدفع آمن تماماً، وحصل على علمية تشفير لجميع البيانات المستخدمة وتخزينها فى السحابة الافتراضية.
ولا يمكن للحل الجاهز أبداً أن يطابق إمكانات أداء البرامج المصممة خصيصاً للشركة الناشئة وهو أمر متعلق بالقدرة على تشكيل خيارات تقنية مخصصة للبرنامج كعملية إلزامية ضرورية للشركات العاملة فى مجال التكنولوجيا المالية التى تخطط للنجاح.
6. إنشاء تطبيق للهاتف
توجد فرصة جيدة حتى فى حالة عدم الحصول على التمويل الكامل لبناء وإطلاق شركة خاصة فالمال لا يجب أن يكون عقبة للتوقف عن العمل ونسيان الحلم لأن المستثمر الصغير يمكنه أن يذهب للحصول على MVP أو «منتج الحد الأدنى القابل للتطبيق» وهو عبارة عن إصدار أساسى من تطبيق الجوال للخدمات المالية، وبعبارات بسيطة فإن «MVP» هو تقنية تطوير يتم من خلالها إنشاء تطبيق أو موقع بميزات كافية تكفى للاستخدام فى المراحل المبكرة للشركة، وتتمثل فوائد هذه التقنية فى أنها أرخص وفعالة للغاية وفقاً للغرض منها وقابلة لعملية التطوير السريعة.
7. جذب التمويل
الحصول على التمويل مهم لكل ما يبذله المستثمر من عمل قبل عملية الإنتاج نفسها، فإذا كان لديه فكرة العمل المثالية فى مجال التكنولوجيا المالية وفريق موهوب وتقنية «MVP» الوظيفية لم يتبق إلا المال اللازم لبناء المنتج الخدمى نفسه كاملاً وإطلاق الشركة فى جميع أنحاء العالم.
ولكن كيف يمكن فعل ذلك بالضبط؟ يجب إنشاء عرض تقديمى رائع للمستثمر حول مشروعه بجانب عرض توضيحى للمنتج واقتراح تجارى لشرح جدواه الفنية والمالية فإذا تمت تلبية عوامل جذب الاستثمار فسيكون الحظ حليفاً لجامعى الأموال، ويجب أن ينتبه المستثمر إلى أن شركات التمويل باتت متشبعة بالمزيد والمزيد من الانتقائية فى استثماراتها ما يعنى أن المنافسة على التمويل صعبة بشكل كبير، والشركات التى لديها عروض نموذجية غيرت اللعبة بالفعل فهى ما يبحث عنه الجميع، وبالتالى، من الضرورى للغاية جعل العرض الخاص بالشركة ذى قيمة خاصة ومميزة ليكون هو الأكثر إغراءً للمستثمرين.
8. بناء شراكة
قد يكون لدى المستثمر تمويل كاف ويعتقد أنه ليست هناك حاجة لمزيد من الشركاء فى الفريق، ولكن يجب التذكير أن الشراكة ليست فقط للتمويل النقدى لأنه من الأفضل وجود صديق فى العمل أو صديقين ليكون أكثر مرحاً وأفضل لصالح العمل.
وأحد الأسباب الرئيسية إلى جانب دعم التمويل للشراكة فى أعمال التكنولوجيا المالية هو تحقيق المصداقية فلاتزال هذه القطاعات الصاعدة مجالاً تجارياً شديدة التقلب ولذلك يصعب على المستخدمين الوثوق بكيان ناشئ، لذا فإن الارتباط مع اسم شهير فى هذا المجال سيساعد على الإبحار وسط العقبات، وتوجد فائدة كبيرة أخرى من الشراكة تتمثل فى أن هذه المؤسسات المالية تجلب أيضاً قاعدة عملاء أوسع وتوفر قاعدة وبيانات عملاء محتملين أكبر.
9. التطوير المستمر
لا يعتبر مجال التكنولوجيا المالية أسهل القطاعات المستهدفة من قبل المستثمرين، لأنه مازال ينمو والآن بين الحين والآخر تأتى ميزات وابتكارات جديدة لتطوير الصناعة، ولذلك على المستثمر أن يكون مستعداً للتغيير، ولكن عليه أن يكون من أولئك الذين يقودون التغيير وبالطريقة الصحيحة ليتمكن من أن يكون فى المقدمة.
ويستغرق الأمر وقتاً وجهدًا لتطوير وامتلاك تطبيق مالى ناجح ولا يمكنك الفوز فى هذه الصناعة إلا من خلال التحسينات المستمرة والأفكار الجديدة، لذلك فإن العامل الزمنى مهم ويجب عدم التردد فى بدء المشروع الخاص، فالآن يعرف الجيمع كيف يبدأ شركته ويجب بدء الرحلة والبحث عن منافذ التكنولوجيا المالية المختلفة لاختراق القطاع بقوة.
وأهم عوامل النجاح على أى حال أن يكون التطبيق جيد مثل الأشخاص الذين يقومون بإنشائه، ولذلك يجب التأكد من استئجار أفضل شركة لتطوير تطبيقات التكنولجيا المالية التى يمكنك العثور عليها.