عانت الشركات المحلية من تراجع ملحوظ فى مبيعاتها منذ تعويم الجنيه قبل أكثر من 3 سنوات، ما دفعها لإعداد خطط جديدة تتناسب مع انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين.
وتمثلت حلول الشركات فى طرح منتجات جديدة بأسعار اقتصادية، أو التحول من الاستيراد للتصنيع المحلى، أو الانتظار لانفراجة قريبة مع تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه.
قال علاء البهى، رئيس مجلس إدارة شركة فانسى فوود للصناعات الغذائية، إنَّ اتجاه المستهلكين إلى ضغط نفقاتهم، سيفتح باباً جديداً للاستثمار فى توفير المنتجات المحلية، بدلاً من نظيرتها المستوردة.
وأوضح أن المستهلك يسعى للتغيير بطبيعته، حتى وإن وقع تحت ضغط ترشيد نفقاته.. لذلك ثمة فرصة كبيرة أمام المستثمرين للتوجه نحو المنتجات الجديدة التى كانت تتوافر من خلال الاستيراد فقط.
ورهن «البهى»، الاستفادة من الوضع الراهن بتصنيع المنتجات المستوردة بجودة مرتفعة وأسعار تتماشى مع النمط الاستهلاكى.
وتابع: «الاستثمار أصبح باهظاً جداً، ويحتاج إلى جرأة وشجاعة، والصبر على جنى الثمار، إذ إنَّ الأرباح تأتى متأخرة قليلاً.. وهناك فرصة كبيرة ظهرت مع التغيرات التى طرأت على السوق المصرى جراء برنامج الإصلاح الاقتصادى».
وأشار «البهى»، إلى أن الفترة الأخيرة، شهدت ظهور شركات محلية مُصنعة لأعلاف الأسماك، فى ظل التوسع فى إنشاء المزارع السمكية، وكذلك ظهرت فى الأسواق أطعمة للكلاب والقطط محلية الصنع بأسعار أقل من بدائلها المستوردة.
كما توجد فرصة كبيرة، لتوفير طلبات الفنادق والمطاعم الكبرى والمؤسسات العالمية التى كانت تعتمد على منتجات مستوردة. والاتجاه لخفض التكاليف سيكون تحد أمام المستثمرين الجدد.
«البهى»: تصنيع أعلاف الأسماك وطعام القطط محلياً لتغطية احتياجات السوق
وقال علاء السبع، رئيس مجلس إدارة شركة السبع أوتوموتيف للسيارات، إنَّ السيارات سلع باهظة الثمن، وبالتالى كانت من أكثر القطاعات تضرراً من التغيرات التى طرأت على الاقتصاد المصرى منذ عام 2011، وليس فقط قرار «التعويم» وبرنامج الإصلاح الاقتصادى.
أضاف: «قبل عام 2010، كنا نستهدف الوصول بمبيعات السيارات إلى 500 ألف سيارة سنوياً بحلول 2015.. والآن بالكاد تتراوح مبيعات السيارات بين 150 و160 ألف سيارة سنوياً منذ 2016».
وأشار إلى أن انخفاض مبيعات السيارات جاء نتيجة أن مرتبات المستهلكين لم ترتفع بالتوازى مع ارتفاع أسعار المنتجات.
وأشار «السبع»، إلى أن الشركات تعتمد على أبحاث ودراسة خاصة بها حول مبيعات السيارات التى تقل أسعارها عن 200 ألف جنيه حينما كان سعر صرف الدولار أقل من 6 جنيهات، وكذلك حين وصل سعر الدولار إلى أعلى مستوياته.
وتشمل تلك الأبحاث التغيرات التى طالت الفئة الواحدة من الموديل نفسه على مدار السنوات العشر الماضية.
وأوضح أن حركة مبيعات السيارات المستعملة لم تكن أفضل حالاً من الجديدة، إذ اضطر المستهلكون لبيع سياراتهم القديمة بأسعار مرتفعة، لتقليص الفارق الذى سيضطر لدفعه نقداً لشراء سيارة جديدة.
«السبع»: قطاع السيارات الأكثر تضررًا منذ عام 2011
وقال إبراهيم إمبابى، رئيس شعبة الدخان بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إنَّ استهلاك السجائر ارتفع بعد «التعويم»، ليصل إلى نحو 85 مليون سيجارة يومياً منذ عام 2017 وحتى الآن، مقابل نحو 80 مليون سيجارة يومياً قبل 2016.
وأضاف أنه ممنوع ضخ استثمارات جديدة فى قطاع التدخين؛ نظراً إلى التزام مصر باتفاقيات دولية مع منظمة الصحة العالمية، بشأن حظر بناء مصانع سجائر جديدة.
وقال خالد إبراهيم، نائب رئيس غرفة صناعة التكنولوجيا باتحاد الصناعات، إنَّ ارتفاع الأسعار بنسبة كبيرة بعد التعويم، كان له أثر سلبى كبير على حركة المبيعات؛ لتراجع القدرة الشرائية للمستهلكين. أضاف أن تراجع المبيعات، طال كل المنتجات الإلكترونية والأجهزة المنزلية خصوصاً الذكية، مثل التليفزيونات والثلاجات والبوتاجازات.
وأشار إلى وجود تحسن نسبى فى المبيعات منذ بداية العام الماضى، تأثراً بتراجع سعر الدولار والأسعار العالمية.
أكد »إبراهيم«، أن الشركات تضع فى اعتبارها بحوث الدخل والإنفاق التى يُصدرها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، لكنها تعتمد على إدارات بحثية خاصة بها لدراسة السوق والشرائح التى تستهدفها كل شركة.
وقال مجدى الوليلى، رئيس مجلس إدارة مجموعة الوليلى للتنمية والاستثمار، إنَّ حركة المبيعات تراجعت خلال السنوات الثلاث الماضية؛ بسبب تغير الحالة الاقتصادية لمختلف فئات المجتمع، واضطرار الأسر لتخفيض نفقاتها وترشيد احتياجاتها، لذلك على الدولة أن تتدخل لوضع آليات جديدة لدعم القطاعين الصناعى والزراعى.
وطالب بخلق مميزات تفضيلية لدعم القطاعات الإنتاجية، حيث لا يجب مساواة التجارة بالصناعة مثلاً، وذلك من خلال إصدار ما يسمى »الدولار التصديرى« أسوة بالدولار الجمركى، ويكون سعره أعلى من السعر الموجود بالبنوك، ويكون موجه للشركات المصدرة لتشجيع المُنتجين على الاتجاه للتصدير فى ظل انخفاض مبيعات السوق المحلى.
وأشار إلى أن دعم القطاع الصناعى، سيساعده على طرح أسعار أقل من الحالية، ما سيسهم فى إعادة تنشيط المبيعات، والحفاظ على استدامة معدلات استهلاك ما قبل تحرير سعر الصرف.
وكشف رئيس مجلس إدارة مجموعة الوليلى للتنمية والاستثمار، أنَّ شركته تتجه لطرح نحو 100 نوع جديد من منتجاتها خلال العام الجارى، بعدة أسعار وعلامات تجارية مختلفة بما يتناسب مع جميع المستهلكين، ويسد احتياجاتها بالأسعار التى تناسبها.
وأكد »الوليلى«، أن تنويع محفظة دخل الشركة من خلال الاستثمار فى تصنيع عدة منتجات بات ضرورة للتغلب على تقلبات السوق، وهو ما دفعهم مؤخراً للاتجاه نحو الصناعات المتعلقة بالتمور، إذ إنه مجال واسع، ويحظى باهتمام خاص من الدولة، خصوصاً بعدما شدد الرئيس عبدالفتاح السيسى على ضرورة الوصول إلى نحو 5 ملايين نخلة فى مصر خلال المرحلة المقبلة.
وقال فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين، إنَّ السوق العقارى شهد حركة ملحوظة عقب التعويم مباشرة، وإقبالاً على الشراء من جانب المستهلكين، بهدف الحفاظ على قيمة مدخراتهم.
وأوضح أن المصريين طوال الـ40 عاماً الماضية، كان ينظرون للعقارات على أنها مخزن للقيمة، خصوصاً غير القادرين على الاستثمار فى مجالات أخرى، ولا يتجهون لتسييلها قبل مُضى نحو 5 أو 10 سنوات على شرائها، لتمر بدورة كاملة ترفع من سعرها ضعفين أو ثلاثة أضعاف.
وأشار، رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، إلى أن السوق شهد ظهور منتجات اقتصادية جديدة تتناسب مع متغيرات الحالة الاقتصادية الجديدة للمستهلك.
وأضاف أن كل شركة تعتمد على الأبحاث التسويقية الخاصة بها، ولا تنظر إلى دراسات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إلا فى الإحصاءات العامة، خصوصاً أن كل شركة تحتاج إلى دراسات خاصة بطبيعة المستهلك المستهدف وقدراته المالية والمنتجات التى تناسبه.
«فوزى»: العقارات شهدت إقبالًا للحفاظ على المدخرات
وقال فتحى الطحاوى، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية، إنَّ هناك تغيراً ملحوظاً فى السلوك الإنفاقى للمستهلكين منذ التعويم، حيث شهد تراجعاً كبيراً خلال السنوات الماضية.
وأضاف: «بالنسبة لأطقم البورسلين، بدلاً من شراء 160 قطعة، أصبح التوجه نحو 110 قطع. وفى أطقم حلل التيفال، بدلاً من شراء الأطقم الـ14 قطعة، توجهوا إلى الـ9 قطع فقط.. والبعض توجه للقطع الفردية وليس أطقم كاملة».
وأشار «الطحاوى»، إلى أن التوجه لإنشاء مدينة الأدوات المنزلية بالمنيا، كان ضرورة لمواجهة التغير الذى طال السوق المحلى، فالمنتجات المستوردة ارتفع سعرها بشدة نتيجة ارتفاع سعر الدولار بعد تحرير سعر السرق، بالإضافة إلى القيود الشديدة التى تم وضعها على الواردات، حتى أصبح التوجه للتصنيع ضرورة، خصوصاً فى منتجات، البورسلين المنزلى، والألومنيوم، والزجاج.
وقال طارق صادق، مدير عام مصانع سيراميكا رويال، إنَّ تراجع المبيعات عقب تحرير سعر الصرف بسبب ارتفاع سعر الدولار، كان له أثر إيجابى، وهو الاتجاه لتصنيع بعض المنتجات المستوردة محلياً فى السوق المحلى.
وأضاف أن ارتفاع تكلفة التصنيع، كان لها شق سلبى على التصدير، إذ إنَّ بعض الدول التى كانت أسواقاً مهمة لمصر، اتجهت للتصنيع المحلى، ومنها السعودية.
وأوضح أن التكلفة الصناعية لمنتج السيراميك تأثرت بعدة عوامل، منها ارتفاع سعر المكون الأجنبى الذى يمثل نحو %35 من تكلفة التصنيع، واحتساب سعر الغاز بـ7 دولارات ثم 5.5 دولار لكل مليون وحدة، رغم أن السعر العالمى 2.8 دولار، فضلاً عن ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه.
وأشار إلى أن العديد من الشركات المصنعة للسيراميك، اضطرت لتخفيض طاقتها الإنتاجية خلال الفترة التى شهدت ارتفاعاً فى التكلفة؛ لذلك إذ حدث تحسن فى حركة المبيعات مستقبلاً، فلن يتم ضخ استثمارات جديدة، ولكن ستعود للعمل بكامل طاقة المصنع الإنتاجية.
ولفت »صادق«، إلى أن متوسط الدخل هو المؤشر الحقيقى لاتجاهات السوق، خصوصاً أن المكون الأهم فى شرائح المستهلكين هو أفراد الطبقة المتوسطة.
وقال رفيق عباسى، رئيس شعبة المصوغات الذهبية بغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، إنَّ السوق شهد حركة مبيعات كبيرة منذ 2009، وصلت ذروتها فى 2011، وما زالت مستمرة حتى الآن، إذ اتجه المنتجون إلى تصدير الذهب بدلاً من استيراده كسابق الحال منذ نحو 15 عاماً.
وأوضح أن الذهب الذى يتم بيعه من جانب المستهلكين سنوياً فى مصر يبلغ نحو 100 طن، يتم إعادة إنتاج نحو 30 طناً ويُصدر نحو 70 طناً، فى حين كان يتم إنتاج نحو 300 طن سنويا منذ 15 عاماً، وكنا نستورد 200 طن لتلبية احتياجات السوق.
وأشار إلى أن %80 من مبيعات الذهب فى مصر تعتمد على الطبقة المتوسطة، لذلك لن تتحسن مبيعاته إلا بتحسن أوضاع تلك الطبقة.
وقال حسن مبروك، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إنَّ الشركات اتجهت منذ تحرير سعر السرف قبل حوالى 3 سنوات، إلى صناعة موديلات جديدة اقتصادية تناسب انخفاض الإنفاق الاستهلاكى للمصريين.
وأضاف أن الشريحة الأعلى التى كانت تتجه لشراء المستورد اتجهت لتلبية احتياجاتها من المنتجات البديلة محلياً.
وأشار «مبروك»، إلى إضافة نحو 25 موديلاً جديداً بالأسواق منذ التعويم، كى تناسب مع الفئات المتوسطة ومحدودة الدخل، بمتوسط موديلين فقط من كل صنف، ولم تضطر الشركات إلى ضخ استثمارات جديدة؛ لأنه تمت تلبية احتياجات السوق بواسطة خطوط الإنتاج القائمة بالفعل.
وأكد رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات أن كل شركة لها أبحاثها الخاصة ولا تعتمد على أبحاث «المركزى للتعبئة والإحصاء»؛ لأن أبحاثه تصدر متأخرة.