قالت أوما راماكريشنان، رئيسة بعثة مصر لدى صندوق النقد الدولى، إن التعديلات التى تبنتها مصر حول نظام تخصيص الأراضى الصناعية فى مارس 2019 معقدة نسبيًا ويجب تحسينها لجعل آلية التقدم بالعروض أكثر انفتاحًا وشفافية.
أضافت راماكريشنان فى تصريحات لـ”البورصة” أن صندوق النقد أوصى الحكومة بمراجعتها لتتوافق أكثر مع قواعد السوق، والصندوق مستعد لتقديم الدعم الفنى لكن السلطات لم تطلبه.
وقالت إنه خلال السنوات الثلاثة الماضية قدم صندوق النقد دعم فنى لمصر فى عدد من المجالات بينها تمويل المالية العامة، واستراتيجية الإيرادات وزيادة التحصيل الضريبى، ووضع ميزانية تراعى المساواة بين الجنسين، وإدارة السيولة، والعمليات النقدية، وتشريعات البنك المركزى، والحسابات القومية، واحصائيات الأسعار “مؤشرات التضخم”.
وأوضحت راماكريشنان أن مصر وصلت إلى استقرار ملحوظ على مستوى الاقتصاد الكلى بدعم من تطبيق إصلاحات التسهيل الممدد بالتعاون مع الصندوق كما نفذت عدد من الإصلاحات الحرجة مثل إدخال ضريبة القيمة المضافة وتحرير أسعار الوقود، وهيكلة دعم الطاقة بصفة عامة بما يقلل التشوه فى هيكل الدعم.
وأشارت إلى أن تلك الإصلاحات طالت بيئة الأعمال مثل إقرار قانون التراخيص الصناعية والشركات والمشتريات الحكومية والإعثار.
وتابعت راماكريشنان “يتبقى الإصلاح الأهم، والذى يعد هدف للدولة نفسها فى الوقت الحالى، وهو تحجيم دور الدولة فى الاقتصاد، لإفساح المجال أمام نمو احتوائى يقوده القطاع الخاص”.
وقالت إن الأولوية فى الوقت الحالى لتحسين الشفافية والحوكمة فى مؤسسات الدولة وتعزيز المنافسة، وتحسين الوصول للأراضى، وتقليص حواجز التجارة.
وأضافت راماكريشنان: “كما يجب تقليص السعى وراء الريع وهو ما يعرف أنه سعى طرف لزيادة حصته من الثروة الموجودة بغير خلق ثروة جديدة والذى ينتج عنه انخفاض كفاءة الاقتصاد وسوء توزيع الموارد وتقليل خلق الثروة الفعلى، وفقد الإيرادات الحكومية، وزيادة انعدام المساواة فى الدخل والتدهور العام للدولة، وصعوبة محاربة الفساد”.
وأوضحت أنه لتحقيق نمو يقوده القطاع الخاص يجب جذب استثمارات خاصة بينها استثمارات أجنبية مباشرة.
وقالت إن تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بدور الدولة، وتحسين وصول القطاع الخاص للتمويل يمثل حوافز أكثر من كافية لجذب المستثمرين لمصر.
“راماكريشنان”: مصر وصلت لاستقرار ملحوظ على مستوى الاقتصاد الكلى بدعم من إصلاحات التسهيل الممدد
أضافت أن تفعيل بيئة تنافسية تجعل القطاع الخاص يقف على أرض متساوية مع القطاع الحكومى عنصر حاسم.
وتوقع صندوق النقد الدولى نمو الاقتصاد المصرى، بنسبة 5.9% خلال العام المالى الحالى، مقابل 5.5% تقديراته للعام المالى الماضى، وهى تقديراته السابقة نفسها فى أبريل 2019.
وفى الوقت نفسه، رفع الصندوق توقعاته لمعدلات التضخم، ليسجل فى المتوسط 10% خلال العام المالى 2020، و13.9% خلال العام المالى الماضى مقابل 12.3% و14.5% على الترتيب والتى تمثل تقديراته فى أبريل الماضى.
وخفض الصندوق تقديراته لعجز الحساب الجارى، إلى 3.1% من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام المالى الماضى، و2.8% العام المالى الحالى، مقابل 2.4% و1.7% على الترتيب.
وقالت راماكريشنان إن مراجعات المادة الرابعة ستتم خلال 2020 لكن لم يحدد توقيتها أوما سيتم مناقشته فيها، وسيجرى الاتفاق مع السلطات فى هذا الصدد خلال الشهور المقبلة.
أضافت أن مصر فى الوقت الحالى لا تحتاج إلى أى دعم مالى من الصندوق فاحتياطياتها عند معدلات تاريخية ولديها القدرة على النفاذ إلى أسواق المال العالمية، ما يعنى أنها مؤهلة للدخول فى اتفاقية وقاية وسيولة مع الصندوق، تكفل لها الحصول على التمويل بقيمة يتم الإتفاق عليها حال تعرضت لأى صدمات خارجية، وذلك لا يتطلب زيادة حصة مصر فى الصندوق.
وتصل حصة مصر فى صندوق النقد الدولى 2.037 مليار وحدة حقوق سحب خاصة، فى حين أن التسهيلات من الصندوق لصالح مصر سجلت 8.597 مليار وحدة حقوق سحب خاصة تعادل 422% من حصة مصر فى الصندوق.
وأوضحت راماكريشنان أن هناك أشكال أخرى للتعاون مع الصندوق يتم مناقشتها فى الوقت الحالى مثل آلية تنسيق السياسات، والمراقبة اللاحقة للبرنامج.
وتتيح آلية تنسيق السياسات للأعضاء التوافق مع الصندوق على إصلاحات على أن يسهل الصندوق حصولهم على تمويل من جهات أخرى، وتكون مدتها فى الأحوال الطبيعية من عامين إلى ثلاثة، لكن الصندوق بوسعه أن يمنحها بحد أدنى لمدة 6 أشهر وحد أقصى 4 سنوات، وتطلب تلك الاتفاقية مراجعة دورية نصف سنوية.
ووفقًا لموقع صندوق النقد الدولى فإن تلك الآلية جزء من مجهودات الصندوق لتقوية شبكة الأمان المالية العالمية وهى الشبكة التى تكفل أدوات تأمين وتمويل للدول، حتى تستطيع السحب منها إذا ما واجهت أى أزمة.
فى حين تعد المراقبة اللاحقة للبرنامج إجراء يتخذه الصندوق، مع معظم البلدان التى أقرضها أكثر من 200% من حصتها، أو البلدان التى تعانى اضطرابات اقتصادية حتى لو لم تكن حجم التسهيلات المنصرفة لها عند هذا المستوى، وقد يستثنى الصندوق البلدان التى تنفذ السياسات بشكل منضبط من ذلك الإجراء.