يرى وليد لبدى، مدير مؤسسة التمويل الدولية فى مصر وليبيا واليمن إن تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادى فى مصر بوتيرة أسرع يعد أمراً أساسياً لفتح المجال لاستثمارات القطاع الخاص وتعزيز النمو المستدام وخلق الوظائف.
أضاف لبدى فى تصريحات لـ«البورصة»، أن مؤسسة التمويل الدولية ترى أن مصر من البلدان ذات الأولوية، ولذلك تساند القطاع الخاص منذ وقت طويل.
أوضح أنه منذ عام 2005، استثمرت المؤسسة حوالى 4 مليارات دولار فى مصر، شاملة استثمارات مشتركة مع جهات أخرى، لدعم تنمية القطاع الخاص، مما ساعد الشركات على النمو وخلق فرص عمل.
قال إن مؤسسة التمويل الدولية استثمرت فى العام المالى الماضى 309 ملايين دولار لمساندة عدة قطاعات اقتصادية فى مصر منها التصنيع والزراعة والبنية التحتية والطاقة المتجددة.
وتابع لبدى «المؤسسة لديها برنامج استشارى قوى يساعد الشركات على تحسين أدائها لتصبح أكثر تنافسية وشفافية، وتشمل محفظة الخدمات الاستشارية 15 مشروعاً بقيمة 17.6 مليون دولار، بينها 6.5 مليون دولار خلال العام المالى الماضى».
أضاف أن البرنامج يؤدى إلى تحسين فرص حصول الشركات على التمويل ولاسيما الشركات الصغيرة ومساندة رواد الأعمال ودعم الشمول المالى، وتعزيز المساواة بين الجنسين.
أوضح لبدى، أنه غالبًا ما يتم الجمع بين الاستثمارات والبرامج الاستشارية للعملاء وذلك لتعظيم الأثر الإنمائى للمشروعات.
وقال إن مؤسسة التمويل الدولية تعمل مع الحكومة على عدة مشروعات تساعد فى إزالة العقبات القانونية والفنية التى تعوق نمو القطاع الخاص وخلق بيئة أعمال جاذبة.
أضاف أنه لا حدود للاستثمارات التى يمكن للمؤسسة تقديمها لمصر، فخلال النصف الأول من العام المالى 2020 تم استثمار 234 مليون دولار شملت 84 مليون دولار فى مزرعة رياح خاصة على خليج السويس، بالإضافة إلى حزمة قروض بقيمة 125 مليون دولار لأحد أبرز مقدمى خدمات الرعاية الصحية من أجل تحسين وإتاحة الرعاية الصحية فى مصر والمغرب، وقرض بقيمة 25 مليون دولار لشركة الشرق الأوسط لصناعة الزجاج لزيادة طاقتها الإنتاجية.
وأوضح أن استراتيجية المؤسسة الخاصة بمصر تركز على الاستثمار فى الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية والرياح، بجانب التقدم فى مساندة الشركات الصغيرة، التى تشكل الداعم الرئيسى للاقتصاد المصرى.
وتابع لبدى: «نتطلع إلى استثمارات جديدة فى مجالات مختلفة تشمل التصنيع، والصناعات الغذائية، والأعمال المصرفية، والتكنولوجيا الرقمية».
وأشار إلى أن قيمة محفظة مؤسسة التمويل الدولية فى أسهم رأس المال المصرية تصل حاليًا 680 مليون دولار موزعة على 26 مشروعًا فى قطاعات عديدة مهمة، مثل الخدمات المصرفية والمالية، والتصنيع، والتأمين، والبناء والتشيد، والتكنولوجيا.
وقال إن المؤسسة تستثمر فى العديد من الصناعات، بما فى ذلك القطاع المالى، وطرح الشركات الحكومية خطوة جيدة للحكومة، وسنبحث الفرص التى يمكن المساهمة فيها ضمن الشركات المنتظر طرحها.
أضاف لبدى أن بيئة الأعمال فى مصر تحسنت كثيرًا، ما يعكس أثر الإصلاحات الإجرائية والهيكلية التى قامت بها الحكومة، لكن لا يزال هناك الكثير مما يجب عمله لتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات إلى البلاد.
وأوضح أن هناك مساحة أكبر لخفض تكلفة ممارسة أنشطة الأعمال، التى لا تزال مرتفعة، كما يمكن أن يؤدى عدم تكافؤ الفرص إلى دفع المستثمرين للابتعاد عن مصر، الأمر الذى يحول دون اغتنام الشركات للفرص المتاحة فى ظل تحرير سعر الصرف.
وقال إن مصر يمكن أن تستفيد من خفض الوقت اللازم لتسجيل الملكية، وأيضًا تحسين كفاءة تخصيص الأراضى الصناعية من خلال آلية قائمة على عوامل السوق.
وأضاف لبدى: «كما أن الإسراع فى التصديق على قانون جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية فى مصر، المعروض حاليًا على البرلمان، أمر أساسى لتعزيز الاستقلال المؤسسى والمالى والتشغيلى لهذا الجهاز، كما يعزز من مستوى خضوعه للمساءلة وشفافية أنشطته».
ويرى لبدى، أن موقع مصر الجغرافى، ميزة كبيرة للعديد من القطاعات، ما قد يجعلها مركزًا مهمًا للخدمات اللوجستية، لكن الإجراءات البيروقراطية والرسوم الجمركية المرتفعة تحول دون ازدهار التجارة عبر الحدود.
وأوضح أن التنويع فى مصادر الطاقة ضرورة، وهو أحد المجالات التى حققت فيها مصر تقدمًا كبيرًا وخاصة فى مشروع بنبان للطاقة الشمسية بأسوان، حيث يُعد هذا المشروع، الذى قامت مؤسسة التمويل الدولية بتمويله، أحد أكبر مجمعات الطاقة الشمسية فى العالم، وأشار إلى أن المؤسسة ساعدت مشروع «بنبان» المملوك للقطاع الخاص فى جذب استثمارات بلغت 2 مليار دولار.
نتطلع إلى استثمارات جديدة بمجالات التصنيع والأعمال المصرفية والتكنولوجيا الرقمية
وقال إن مصر حققت قفزات كبيرة تجاه تغيير وضع الاقتصاد الكلى، مما يؤكد الإرادة السياسية لتنفيذ الإصلاحات.
وتوقع لبدى استمرار المؤشرات الاقتصادية، فى التأثير بشكل إيجابى على ثقة المستثمرين وتصنيفات المخاطر الخاصة بمصر، كما أنه فى حالة استمرار الحكومة بإصلاح بيئة الأعمال ستتصدر البلاد اهتمامات المستثمرين.
أضاف أن هناك عدة قطاعات على رأسها الغذاء والرعاية الصحية والخدمات اللوجستية والكيماويات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة، تحقق قيمة لمؤسسة التمويل الدولية وغيرها من المستثمرين شريطة إجراء بعض الاصلاحات القطاعية وتحسين مناخ الأعمال العام.
وتابع لبدى «ينبغى أن تركز الحكومة على القطاعات ذات الأثر التنموى، لتخفف الاستثمارات الخاصة الضغوط على ماليات الحكومة بجانب تحسين كفاءة المنتجات والخدمات».
وضرب مثالاً بقطاع الرعاية الصحية، حيث يرى أن خطة التأمين الصحى المقترحة يجب أن تتضمن دورًا لمقدمى الخدمات من القطاع الخاص وآليات لضمان جودة الرعاية».
وأشار إلى أهمية تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لاسيما فى مجالات تحلية المياه، ومعالجة المياه المستعملة، والطاقة المتجددة، لمساعدة الحكومة على توجيه الموارد المالية القيّمة فى مجالات أخرى ذات أولوية.
وقال إن الحكومة يجب أن تقوى القوانين المتعلقة بالتمويل الأصغر، لتعزيز النمو المحتمل.
أضاف أنه فى قطاع الاتصالات، يجب وضع خطة عمل تُنفذ على مستوى القطاع، وإزالة المعوقات أمام الاستثمارات الخاصة فى أبراج الاتصالات وغير ذلك من منشآت البنية التحتية.
ويرى لبدى إن مصر انتهت من الإصلاحات الأصعب ويتبقى إصلاحات هيكلية لتنشيط الاقتصاد وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وخفض العجز والدين.
واستبعد انتكاس السياسات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن البنك المركزى ملتزم بالحفاظ على سعر صرف مرن ووضع التضخم كهدف أساسى للسياسة النقدية.
وتوقع تسارع نمو الاقتصاد خلال العام المالى الحالى ليصل %5.8، على أن يرتفع إلى %6 العام المالى المقبل، وذلك بدعم من الاستهلاك الخاص، والاستثمارات، والسياحة، وصادرات الغاز.
كما رجح انخفاض عجز الموازنة العامة تدريجيًا على المدى المتوسط إلى %7.0 من إجمالى الناتج المحلى بحلول العام المالى 2021 على خلفية إصلاحات الدعم المستمرة وضبط فاتورة أجور القطاع العام.
وقال إن التوقعات تشير إلى أن عجز حساب الجارى سيظل مستقرًا على المدى المتوسط عند %2.6 من إجمالى الناتج المحلى خلال 2020 و2021.
وتابع لبدى «هذه كلها مؤشرات إيجابية تدل على أن مصر تتخطى التحديات الاقتصادية القوية».