وصل النمو الاقتصادى فى منطقة اليورو إلى طريق مسدود تقريباً، بعد التراجع غير المتوقع للاقتصادين الفرنسى والإيطالى، ما حدَّ من آمال الانتعاش، وأوقع البنك المركزى الأوروبى فى مأزق متعلق بما إذا كان سيضخ المزيد من الحوافر هذا العام.
وأوضحت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن انكماش نمو ثانى وثالث أكبر اقتصادات المنطقة تسبب فى انخفاض النمو الاقتصادى لمنطقة اليورو إلى 0.1% فقط فى الربع الرابع، بانخفاض عن التوقعات البالغة 0.2%، ولتنمو بذلك بأدنى مستوى لها فى 6 أعوام.
وقال الاقتصاديون، إنَّ الأخبار القاتمة على اﻷرجح ستقود البنك المركزى الأوروبى لمزيد من تخفيف السياسة النقدية، رغم ارتفاع معدلات التضخم فى يناير إثر ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.
وقال كريستوف ويل، الاقتصادى فى «كوميرز بنك»، إنَّ شبح الركود عاد من جديد، فقد توقف النمو الاقتصادى فى منطقة اليورو بالفعل فى نهاية العام الماضى، مشيراً إلى أن البنك المركزى اﻷوروبى قد يراقب الوضع بحذر.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلك فى منطقة العملة الموحدة بنسبة 1.4% فى يناير الماضى، بارتفاع من 1.3% فى ديسمبر الماضى، ولكنها لا تزال أقل من نسبة التضخم، التى يستهدفها البنك المركزى اﻷوروبى، البالغة 2% تقريباً. وأفادت الصحيفة، بأن ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والمواد الكحولية والتبغ ساهم فى دفع معدل التضخم فى المنطقة، فى حين انخفض معدل التضخم الأساسى، المستثنى منه أسعار المواد الغذائية والطاقة، من 1.3% إلى 1.1%. وقال جاك ألين رينولدز، كبير الاقتصاديين الأوروبيين فى مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» البحثية، إنَّ هذا اﻷمر يؤكد التوقعات التى تفيد بأن البنك المركزى الأوروبى سيضطر فى النهاية إلى تخفيف السياسة المالية بشكل أكثر وربما يكون ذلك فى النصف الثانى من العام، متوقعاً أن يصل معدل التضخم الأساسى إلى 1% تقريباً فى عام 2020.
جاء انكماش اقتصاد فرنسا فى الأشهر الأخيرة من 2019 وسط الاضطرابات الناتجة عن الاحتجاجات الشعبية والإضرابات المتعلقة بإصلاح نظام المعاشات التقاعدية.
وكان التراجع بنسبة 0.1% فى ثانى أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو فى الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2019 أقل من التوقعات، ولكنه شكل تباطؤاً حاداً من النمو البالغ 0.3% فى الربع الثالث من العام.
وقال برونو لو ماير، وزير المالية الفرنسى، إنَّ البيانات الضعيفة عكست الاضطرابات فى الموانئ والسكك الحديدية وتوزيع الوقود خلال فترة الاحتجاجات، مشيراً إلى مرونة الإنفاق الاستهلاكى والاستثمار التجارى.
وأوضح أن هذا التباطؤ الاقتصادى المؤقت لا يثير أى شكوك حول أساسيات النمو الفرنسى، التى تعتبر قوية بالفعل، ومع ذلك تتوخى الحكومة الحذر تجاه أى شكوك دولية.
وكان أداء الاقتصاد الإيطالى أشد سوءاً، فقد تراجع بنسبة 0.3% فى الربع الرابع، مقارنة بالتوقعات البالغة 0.1%، ليسجل بذلك أكبر انخفاض فصلى منذ الربع الأول من عام 2013.
وجاءت الأخبار القاتمة للاقتصادين الفرنسى والإيطالى على النقيض تماماً من التوقعات الأكثر تفاؤلاً المتعلقة باقتصاد ألمانيا هذا الأسبوع ونبرة البنك المركزى الأوروبى الإيجابية؛ حيث قال، خلال الأسبوع الماضى، إنَّ المخاطر التى تواجه منطقة اليورو أصبحت أقل حدة.
كانت إسبانيا النقطة المضيئة الوحيدة فى منطقة اليورو؛ حيث نمت بنسبة 0.5% فى الربع الرابع، بارتفاع من 0.4% فى الربعين الثانى والثالث، ولكن نسبة النمو البالغة 2% الخاصة بعام 2019 بأكمله كانت اﻷدنى منذ 5 أعوام.