منذ 17 عاماً، كان الناتج المحلى الإجمالى للصين يمثل 4% من إجمالى الإنتاج العالمى، ولكنه أصبح الآن يمثل 17%، ولكن عدم اليقين بشأن شدة ومدة تفشى فيروس “كورونا” يجعل من المستحيل تشكيل حكم نهائى حول تأثيره الاقتصادى.
ومع ذلك، مع توقع الأسواق للأسوأ، فإن الأمر يستحق التفكير من خلال المخاطر التى تواجه الصين، فضلاً عن احتمال حدوث تداعيات عالمية.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن وباء “سارس” الذى انتشر فى عام 2003 يعد بمثابة عدسة التفكير فى الأثر الاقتصادى فى الصين، حيث أودى بحياة حوالى 800 شخص.
وأدى ذلك إلى انخفاض نقطتين مئويتين كاملتين عن النمو الاقتصادى فى الصين، والذى تراجع من 11.1% فى الربع الأول من عام 2003 إلى 9.1% فى الربع التالى ومع تفشى الوباء تعافى النمو إلى 10% فى الربع الثالث.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أنه فى عام 2003، شكلت أنواع الصناعات الأكثر تضرراً من الحظر الذى فرضته الحكومة على السفر وغيرها من التدابير لاحتواء اندلاع المرض مثل التجزئة والمطاعم والترفيه والسياحة 42% من الناتج المحلى الإجمالى، ولكن منذ ذلك الحين، ارتفعت حصة صناعات الخدمات من الناتج المحلى الإجمالى إلى 54%.
وفى عام 2003، كان إجمالى الناتج المحلى الصينى ضئيلاً ولا يعادل سوى 4% من الإجمالى العالمى، ولكن هذه الحصة ارتفعت الآن إلى 17%، مما يعنى أن التأثير لتفشى فيروس “كورونا” قد يكون أكبر.
ووضع الاقتصاديون فى وكالة “بلومبرج” تشانغ شو، وجيمى راش، وتوم أورليك، سيناريوهات للتأثير المحتمل لفيروس “كورونا” على النمو الصينى والعالمى بناءً على تجربة تفشى وباء “سارس” عام 2003 والتغيرات فى اقتصاد الصين منذ ذلك الحين.
ومن بين العوامل التى تم أخذها فى الاعتبار أن تفشي الفيروس حدث خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة – وقت الذروة للاستهلاك فى الصين- حيث لن يتم تعويض الإنفاق الذى كان سيحدث خلال الاحتفالات بعد ذلك.
وأوضح المحللون، أن قيود السفر الحالية أوسع بكثير من القيود المفروضة أثناء فترة “سارس” فعلى سبيل المثال، لم تكن هناك أى إجراءات لإغلاق المدن فى عام 2003، بينما كان تقلب نمو الصين أقل بشكل ملحوظ عما كان عليه قبل 17 عامًا وفي ذلك الوقت، لم تكن التقلبات الكبيرة فى الناتج المحلى الإجمالى غير عادية.
ومع وجود تأثير شديد ولكن قصير الأجل، يمكن أن يوجه فيروس “كورونا” ضربة قاسية للنمو فى الربع الأول يليه الانتعاش والاستقرار فى النصف الثانى، ومن شأن هذا المسار أن يضع معدل النمو لكامل السنة عند 5.7%، أى أقل بمقدار 0.2 نقطة مئوية عن توقعات “بلومبرج” الاقتصادية قبل اندلاعها وهبوطها من 6.1% فى عام 2019، وأشارت الوكالة الأمريكية، أنه إذا استغرق تفشى المرض وقتًا أطول للسيطرة، سيكون ذلك بمثابة ضربة شديدة للنمو.
ومن منظور عالمى، فإن جيران الصين فى آسيا ومصدرى السلع هم الأكثر عرضة للخطر، حيث أنهم جزء لا يتجزأ من سلاسل الإمداد الإقليمية، وتصديرها إلى المستهلكين الصينيين، وتستفيد من السياح الصينيين.
وتبرز هونج كونج كأضعف الفئات تضرراً ومن بين المصدرين للسلع الأساسية، ستكون أستراليا والبرازيل أكثر تضرراً، وسوف تعانى الاقتصادات الغربية الكبرى، البعيدة والأقل اعتماداً على الطلب الصينى من ضربة أصغر.