شهد القطاع العقارى تغيرات خلال السنوات التى أعقبت تحرير سعر الصرف لترتفع الأسعار بشكل غير مسبوق، ما أدى لركود نسبى فى المبيعات داخل السوق المصرى، ولكن ظل السعر تنافسياً، مقارنة بأسواق المنطقة؛ بسبب تراجع قيمة الدولار أمام الجنيه.
وفرة المعروض من الإسكان الفاخر دفعت الحكومة والمطورين للتوسع بمبيعات العقار المصرى فى الخارج، واستغلال إقبال المصريين المغتربين على شراء أراضى مشروع «بيت الوطن»، وكذلك طروحات هيئة المجتمعات العمرانية ضمن حصتها العينية من وحدات مشروعى «مدينتى» و«الرحاب».
وشهدت خطط تصدير العقار اجتماعات عدة بين مسئولى وزارة الإسكان وشركات الاستثمار العقارى للاتفاق على الإجراءات التنفيذية، ومنها المشاركة فى المعارض الخارجية تحت مظلة حكومية ومنح الإقامة للأجانب مقابل شراء وحدات سكنية.
ويرى مطورون عقاريون، أن الدولة قطعت شوطاً مهماً فى الترويج للعقار المصرى بالخارج من خلال المعارض الدولية والبدء فى التنسيق مع الجهات المسئولة داخلياً للتغلب على التحديات التى تواجه عملية التصدير، ومنها أزمة التسجيل العقارى.
وقالت مصادر بوزارة الإسكان لـ«البورصة»، إنَّ الفترة المقبلة ستشهد إقامة عدد من المعارض لتسويق العقارات المصرية فى الدول العربية تحت مظلة الدولة ممثلة فى مجلس الوزراء ووزارة الإسكان مع وجود مندوب مقيم لتسهيل الحصول على الإقامة، على أن يتحمل المطورون العقاريون المشاركون فى المعرض جميع التكاليف.
خطة «الإسكان» تتضمن تدشين حملة ترويجية وأفلام دعائية عن أهم الفرص العقارية والاتصال المباشر بشركات التسويق العالمية، ودعوتهم لزيارة المقاصد المصرية المختلفة، وأهم المشروعات، بالإضافة إلى التعاقد مع إحدى الشركات الاستشارية العالمية المتخصصة فى المجال العقارى لإصدار مجموعة من التقارير التى تنشر عالمياً عن الفرص الجاذبة للاستثمار العقارى.
أضافت المصادر، أن وزارة الإسكان ستشارك خلال العام الجارى فى عدد من المعارض لتسويق المشروعات التى تطورها هيئة المجتمعات العمرانية فى مدن الجيل الرابع، ومنها العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة. أوضحت أن الهيئة تسعى للتواصل مع ممثلين لشركات التسويق الكبرى فى الدول العربية والأجنبية للاتفاق على عرض الوحدات المميزة باعتبارها تمتلك خبرات أكبر فى التعامل مع الأسواق المستهدفة.
وارتفعت التحويلات الواردة لشراء عقارات فى مصر من غير المقيمين إلى 725.1 مليون دولار خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالى الماضى مقابل 256 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام المالى 2017- 2018 بمعدل نمو 183%.
ووافق مجلس النواب، خلال شهر يوليو الماضى، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 89 لسنة 1960 فى شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضى مصر والخروج منها والقانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية.
وقالت الحكومة، إنَّ مشروع القانون يهدف لتهيئة الظروف الملائمة والمستقرة لتشجيع الاستثمار الأجنبى ودعم الاقتصاد المصرى، واستحداث نظام جديد لمنح الجنسية المصرية مقابل الاستثمار.
ووفقاً لمشروع القانون يمتلك رئيس مجلس الوزراء سلطة منح الجنسية لكل أجنبى قام بشراء عقار مملوك للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو بإنشاء مشروع استثمارى، وفقاً لأحكام قانون الاستثمار أو بإيداع مبلغ مالى بالعملة الأجنبية كإيرادات مباشرة تؤول إلى الخزانة العامة للدولة أو كوديعة فى حساب خاص بالبنك المركزى.
وقال المهندس فتح الله فوزى، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، رئيس لجنة التشييد والبناء بالجمعية، إنَّ المنتج العقارى المصرى جاذب للمستثمرين الأجانب، وسيلقى نجاحاً عند تصديره، ولكن يوجد بعض العوائق التى تمنع تحقيق العوائد المستهدفة.
وحدد «فوزى» أهم العوائق فى صعوبة تسجيل الوحدات السكنية بالسوق المصرى فى الشهر العقارى، وعدم تفعيل آلية السجل العينى، مطالباً بالتعاون بين وزارتى الإسكان والعدل؛ لتيسير عملية تسجيل الوحدات.
أضاف أن توسع المطورين فى تنفيذ الوحدات «نصف تشطيب» لا يناسب المستثمرين العرب والأجانب الذين يبحثون عن وحدات كاملة التشطيب وفى بعض الأحيان «مفروشة» بدلاً من شراء وحدة والبحث عن شركة أو التعامل مع أفراد للانتهاء من تشطيبها.
أوضح «فوزى»، أن انتشار شركات الإدارة المحترفة سيساعد على الترويج للعقارات المصرية فى الخارج؛ لأن المستثمر الأجنبى يبحث عن جودة الخدمة دون عناء البحث عن مقدمها حتى لو تضمنت تكلفة مالية إضافية.
وأشار إلى أن المطورين يعتمدون، حالياً، على المبيعات للمصريين بالسوق المحلى، وجهود تصدير العقار تقتصر على بعض الطروحات الحكومية بجانب شركات معينة تشارك فى المعارض الخارجية.
«فوزى»: انتشار شركات الإدارة المحترفة يساعد على الترويج للعقارات المصرية بالخارج
وقال إن المبيعات الموجهة للأجانب تتركز، حالياً، فى المناطق الساحلية، ولا تزال المبيعات فى القاهرة والمدن المحيطة بها منخفضة.
أضاف أن الدولة يجب أن تتبنى خطة واضحة لتصدير العقار والترويج للمشروعات التى تطورها خاصة فى العلمين الجديدة ومدينة الجلالة لمساعدة المطورين على تسويق مشروعاتهم، وتحقيق مبيعات جيدة.
وقال المهندس مرزوق منصور، رئيس مجلس إدارة شركة «التعمير العربية للتنمية والاستثمار العقارى»، إنَّ اﻹجراءات الاقتصادية التى نفذتها الحكومة المصرية، خلال العامين الماضيين، خاصة بعد فترة تعويم الجنيه وضعت العقار المصرى فى إطار المنافسة العالمية بالتزامن مع حجم المشروعات العقارية التى تنفذها الدولة من إنشاء مدن ذكية جديدة، وفى مقدمتها العاصمة اﻹدارية، ومدينة العلمين الجديدة.
أضاف أن تصدير العقار يتطلب عدة شروط، فى مقدمتها توافر الاستقرار الأمنى، وهو ما نجحت فيه مصر خلال الفترة الماضية بجانب سهولة اﻹجراءات التى تضمن حقوق المشترى، ومنها التسجيل العقارى للوحدات بجانب زيادة الترويج للمزايا التنافسية للعقارى المصرى، مقارنة بباقى المنطقة من حيث السعر والموقع والخدمات يضاف لها العميل المستهدف بالخارج ومخاطبة متطلباته.
أوضح «منصور»، أن استغلال موقع مصر الجغرافى يساعد على وضع العقار المصرى فى المقدمة، لكنه يتطلب التسويق السياحى لمصر عالمياً، وهو ما يلقى بالتبعية دوراً كبيراً على وزارتى السياحة والإسكان سواء من خلال إطلاق الحملات الإعلانية التسويقية أو تنظيم معارض عقارية خارجية أو تنظيم مؤتمرات لمسئولين مصريين فى الدول المختلفة واستغلال تواجد الجاليات المصرية بكل دول العالم.
وأشار إلى أهمية اختيار الشركات الجادة للمشاركة بالمعارض والفعاليات الدولية وتسويق المنتجات للعملاء الأجانب للحفاظ على سمعة مصر.
«منصور»: تسجيل الوحدات والاهتمام باحتياجات العميل وجدية الشركات أهم شروط التصدير
واقترح إصدار شهادة جودة عقارية «أيزو» للشركات الراغبة فى التواجد بالمعارض والتسويق لمنتجاتها بالخارج وتحصل الشركات على تلك الشهادة حال انطباق شروط يتم تحديدها من الدولة منها الجدية وسابقة الأعمال والالتزام مع العملاء وامتلاك خبرات فى القطاع.
وقال عمرو بدر، رئيس شركة «ذى آدرس للتطوير العقارى»، إنَّ اهتمام الدولة بتصدير العقار يعد مؤشراً جيداً لتحقيق عائد اقتصادى وجذب رؤوس أموال جديدة فى ظل رغبة المستثمرين الخليجيين فى دخول السوق المصرى وتنمية مشروعات سكنية وسياحية.
أضاف أن متوسط سعر المتر المربع فى لبنان والأردن ودبى وغيرها يتراوح بين 2 و3 آلاف دولار حالياً، بينما متوسط السعر بمصر وبعد الزيادات الأخيرة 10 آلاف جنيه تقريباً أى فى حدود 500 دولار فقط.
وأشار «بدر» إلى ضرورة دراسة الأسواق المستهدفة ومتطلباتها بهدف توفير منتج عقارى قادر على المنافسة بجانب المزايا النسبية التى يوفرها الموقع الاستراتيجى لمصر.
أوضح أن زيارة تصدير العقارات تستلزم تكاتف الجهات الحكومية والقطاع الخاص للترويج وإقامة المعارض لتسويق العقارات بمصر؛ حيث إن الأسعار لا تتعدى 25% من السعر العالمى حتى الآن.
وقال «بدر»، «يجب الانتهاء من اللائحة التنفيذية لقانون منح الجنسية، خاصة أن هناك جنسيات عربية وأجنبية ترغب فى الحصول على الجنسية المصرية، وهذا سينعكس على العائد من تصدير العقار».