كثفت السلطات الصحية الأفريقية الاستعدادات لما يخشاه الخبراء من اندلاع حتمى لفيروس “كورونا” الجديد، حيث حذرت الولايات المتحدة من أن القارة السمراء نقطة ضعف ويمكن أن تصبح القوة الناعمة لنشر الوباء القادم من الصين.
واستدعى “البيت الأبيض” أواخر الأسبوع الماضى أكثر من 50 سفيراً ودبلوماسياً من حوالى 40 دولة أفريقية لمناقشة استجابتهم للفيروس الجديد وسط مخاوف من أن تفشى المرض سيختبر بشدة قدرة النظم الصحية الضعيفة على تشخيص الفيروس واحتواءه.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أنه لا يوجد سوى مختبرين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى – معهد “باستور” في السنغال والمعهد الوطني للأمراض السارية، في جنوب أفريقيا – قادران على اختبار الفيروس الجديد مما يثير المخاوف من أن الحالات قد لا يتم اكتشافها أو قد تكون موجودة بالفعل.
وقال مسئول فى الإدارة الأمريكية لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن أفريقيا هي نقطة ضعف للجميع، مضيفًا أن القارة المنطقة الوحيدة فى العالم غير مستعدة للتعامل مع هذا المرض.
وأضاف “بينما كانت الدول الأخرى تقطع الرحلات الجوية من وإلى الصين، كانت الدول الأفريقية تجلس هناك ولذلك فإنها تخاطر بأن تصبح الركيزة الناعمة للفيروس الجديد”.
وأوضح بيتر بيوت، مدير كلية لندن للصحة والطب الاستوائى، أنه من المسلم به ظهور حالات فى أفريقيا فى ضوء كثرة حركة الانتقال بين القارة السمراء والصين.
كشفت بيانات صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أنه يعيش ما يصل إلى مليون صيني في 54 دولة في إفريقيا وهناك الآلاف من الطلاب والتجار الأفارقة في المدن الصينية، بما في ذلك في ووهان، مركز تفشي المرض.
وقال بيوت، “يبدو من الرائع حتى الآن وجود عدد متزايد من الدول الأوروبية التى تعاني من حالات اصابتها بالفيروس وأن جميع الدول الآسيوية تقريبًا لديها حالات وأن هناك بعض الحالات في الأمريكتين، لكن لا يوجد منها في أفريقيا”.
وأفاد توماس بروير، عالم الأوبئة وكبير المسؤولين الطبيين لدى شركة “جيى إس كيه” أنه على الرغم من أنه ليس لدينا حالات تم الإبلاغ عنها من إفريقيا، فإن هذا لا يمكن أن يكون صحيحًا”.
وحدد الفرع الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية 13 دولة أفريقية معرضة للخطر بشكل خاص، ويرجع ذلك أساسًا إلى علاقاتهم الوثيقة مع الصين بما في ذلك الجزائر وأنجولا وإثيوبيا وغانا ونيجيريا وتنزانيا وزامبيا.
وقال ميشيل ياو، رئيس الاستجابة لحالات الطوارئ في المقر الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، في الكونغو إنه تم إرسال الخبراء إلى 6 دول أفريقية، من بينها إثيوبيا ونيجيريا، وأضاف ياو، أنه يوجد نقص في فحوصات اختبار الفيروس، رغم أنه تم إرسال عينات إلى نيجيريا وسيتم إرسال المزيد منها إلى بلدان أخرى.
وأشار بيوت، إلى أن المستشفيات مجهزة بشكل سيء، وتفتقر بعضها إلى الإمدادات الأساسية والكهرباء الموثوق بها، وهذا أكبر خطر من انتشار الفيروس، وأكد أن السيطرة على العدوى فى أفريقيا سيئة للغاية وهذه العدوى أكثر بكثير من فيروس “إيبولا” لأنها محمولة جواً بحيث يمكنك التنبؤ بانتشار سريع للغاية للعاملين في مجال الرعاية الصحية والمرضى الآخرين.
وكانت المطارات في جميع أنحاء أفريقيا قد نفذت اختبارات على الركاب بحثًا عن الأعراض، ومع ذلك، قال الخبراء، إن أجهزة الكشف عن الحمى فى المطارات قد تفشل فى الكشف عن فيروس “كورونا” فى المرحلة المبكرة عندما يكون المرضى بدون أعراض ولايزال من الممكن انتقال الفيروس، وبعد انتشار المخاوف قامت بعض شركات الطيران بما في ذلك الخطوط الجوية الكينية، والجوية المغربية ورواند اير، بتعليق رحلاتها من الصين.
وقالت الخطوط الجوية الإثيوبية، التي تدير رحلات منتظمة بين 5 مدن افريقية ومحطة جديدة صينية الصنع بقيمة 360 مليون دولار فى أديس أبابا ان الرحلات الجوية ستستمر من الصين، حيث أنها مستثمر كبير في البلاد.
وسوف تستمر الرحلات الجوية من الصين أيضًا إلى نيجيريا أكثر دول أفريقيا سكانًا، والتى تضم 200 مليون شخص.
وقال جوزي جولدينج، رائد الأوبئة في صندوق “ويلكوم ترست” في المملكة المتحدة إنه من المحتمل أن تفشل افريقيا فى الكشف عن فيروس كورونا ولا تملك القدرة على تشخيصه.
لكن بول هانتر، أستاذ الطب بجامعة “إيست أنجليا” وخبير في الأمراض الإفريقية الناشئة، توقع أن ينتشر فيروس كورونا بسرعة أقل في المناطق المدارية من إفريقيا مقارنة بالمدن الصينية المكتظة بالسكان، حيث تنتشر الأنفلونزا بسهولة أكبر في الطقس البارد.
وأضاف: “أثناء انتشار وباء الأنفلونزا عام 2009، كان هناك عدد أقل من الحالات والوفيات فى أفريقيا بالنسبة إلى عدد السكان مقارنة بأوروبا وأمريكا الشمالية”.