قال تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إن حجم مشاركة مصر فى سلاسل القيمة العالمية بلغ 11 مليون دولار فى عام 2018.
جاء ذلك فى العدد الثانى من تقرير “توجهات مستقبلية” الصادر عن المركز المعلومات بعنوان “سلاسل القيمة العالمية”، “مصر والتحولات فى آفاق التجارة العالمية”، والذى استعرضه مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، للوقوف على التوجهات المستقبلية فى مجال التجارة وسلاسل القيمة العالمية، وموقف مصر من الاستعداد للتطورات الحالية والمستقبلية بما يعزز الجهود الحكومية المبذولة فى هذا الاتجاه.
وقال أسامة الجوهرى، مساعد رئيس الوزراء، القائم بأعمال رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إن الاقتصاد العالمى شهد خلال العقدين الأخيرين اتجاهاً متزايداً نحو تجزئة الإنتاج عبر مراحل عديدة عالمياً، بحيث تتشارك العديد من الدول والشركات فى توليد المنتج النهائى عن طريق سلاسل القيمة العالمية، لتصير عملية الانتاج تكاملية، تتم عبر الحدود.
أضاف أن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO توصلت إلى تعريف “سلاسل القيمة العالمية” على أنها “كل الأنشطة المقدمة للمستهلك النهائى، سواء التصميم أو الإنتاج، أو التسويق، أو التوزيع أو الدعم، التى يتم تقسيمها بين شركات وعمال فى دول مختلفة، للوصول بالمنتج من كونه فكرة أو تصوراً إلى شكله النهائى وما بعد ذلك”، وبالتركيز على مشاركة مصر فى سلاسل القيمة العالمية، قال الجوهرى، إن هذه المشاركة تتجه نحو التزايد، حيث قدرت المشاركة بنحو 11 مليون دولار خلال عام 2018.
أضاف أن المؤشرات المؤثرة على مشاركة مصر فى سلاسل القيمة العالمية، تضمنت مؤشر مدة انتظار السفن فى الموانئ، وتشغل مصر فيه المرتبة الثامنة عربياً، بمتوسط 34.6 ساعة، وسط جهود وفرص لتحسين ترتيب مصر فى هذا المجال، عبر تحسين القدرة التنافسية للموانئ من خلال إحداث التحول الرقمى لتسهيل الإجراءات الإدارية والتخليص الجمركى، ورفع كفاءة العاملين بالموانئ.
وكان المؤشر الآخر هو مؤشر الأداء اللوجستى، وتشغل مصر فيه المرتبة الثالثة أفريقياً، وتهدف مصر وفقاً لرؤية 2030 إلى زيادة قدرة المناولة للموانئ من 120 مليون طن لتصبح 370 مليون طن بحلول عام 2030، عبر بناء محطات الموانئ من قبل هيئة موانئ البحر الأحمر، وتطوير ميناء بورسعيد، وتطوير البنية التحتية لعدد من الموانئ، وكذلك مؤشر اتصال الخطوط الملاحية المنتظمة، وشغلت مصر المرتبة الأولى أفريقياً والثانية عربياً فيه، بقيمة بلغت 66.7 نقطة فى عام 2019، مقارنة بـ62.38 نقطة فى عام 2018.
ويعكس ارتفاع قيمة المؤشر سهولة الوصول لنظام الشحن البحرى العالمى وبالتالى المشاركة بفاعلية فى التجارة الدولية، وجاء تحسن ترتيب مصر نتيجة تحسين خدمات النقل العابر واسع النطاق، وجهود تشغيل الخطوط الملاحية الدولية، واعتبار الموانئ المصرية محطات رئيسية ومركزية لخطوط الشحن البحرى العالمية الكبرى، والاستفادة من الموقع الجغرافى والاستثمارات الخاصة من كبار مشغلى الموانئ العالمية، خاصة ميناء بورسعيد الذى يعتبر من أهم موانئ القارة الأفريقية.
وأشار الجوهرى إلى أن مشاركة الدول فى سلاسل القيمة العالمية تعتمد على عوامل عديدة، منها: الجغرافيا وحجم السوق، وسياسات التجارة والاستثمار، وجودة الخدمات اللوجستية، والجمارك، وحماية الملكية الفكرية والبنية التحتية، والمؤسسات، وبالتالى فهى تعتمد على مزايا اقتصادية وديموغرافية، وطبيعية للدولة، كما تعتمد على جودة السياسات العامة.
وقال الجوهرى، إن سلاسل القيمة تساهم فى تعزيز فرص الاستثمار، وتحسين نمو وتنافسية الاقتصادات النامية وخفض الفقر، إلى جانب تحسين الإنتاج والبنية التحتية، وخفض تكلفة الإنتاج وإزالة الحواجز الجمركية، والتحول من استراتيجيات التنمية القائمة على إحلال الواردات إلى تلك الموجهة للتصدير، كما تسهم المشاركة فى سلاسل القيمة العالمية فى رفع مستويات الكفاءة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، واندماج تلك المؤسسات فى سلاسل القيمة العالمية يعد وسيلة للتعلم والارتقاء وتعظيم المكاسب، والنفاذ إلى أسواق جديدة وتحقيق معايير الجودة العالمية.
أضاف الجوهرى، أن التقدم التقنى السريع الذى شهده العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أدى إلى تطور سلاسل القيمة العالمية بصورة ملحوظة، حيث تشكل حالياً 50% من حجم التجارة العالمية، وفق تقديرات البنك الدولى.
أوضح أن المشاركة الأكبر تأتى من الدول التى لديها أنشطة ابتكارية وإنتاج سلع وخدمات متقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبى، وتأتى مصر ضمن فئة الدول ذات الإسهام المتوسط فى سلاسل القيمة العالمية، من خلال السلع الأولية، وتعمل الحكومة على تعزيز المشاركة فى مراحل أكثر تقدماً من عملية الإنتاج والتصنيع.
وأشار إلى أن تحسين مستويات الاندماج فى سلاسل القيمة العالمية يتطلب التركيز على إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية على واردات السلع الوسيطة، وكذا الاهتمام بتحرير تجارة الخدمات بما فى ذلك النقل، والتأمين، والشحن، والاتصالات، جنباً إلى جنب مع تحرير تجارة السلع، فضلاً عن تحسين البيئة والمناخ الاستثمارى بهدف جذب المزيد من التدفقات الواردة من الاستثمار الأجنبى المباشر، وايلاء اهتمام خاص بالاستثمار فى رأس المال البشرى، من خلال تحسين المهارة الفنية والابتكار، فضلاً عن سن وتفعيل تشريعات قوانين الملكية الفكرية.
وأشار الجوهرى إلى أن سلاسل القيمة العالمية تعتبر مستقبل التجارة العالمية، ففى الوقت الراهن أكثر من ثلثى حركة التجارة العالمية يتم عبر تلك السلاسل، بما يحتم على الدول ضرورة تعزيز مشاركتها بها وتحسين طبيعة تلك المشاركة من أجل الحصول على فرص أفضل.
وقال إن سلاسل القيمة ستؤثر على مستقبل التجارة من خلال توفير فرص جديدة لنمو الدول والشركات، وايجاد فرص أفضل للاستثمار والتكامل الإقليمى والعالمى، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصادات، كما أن الثورة الصناعية الرابعة وما استحدثته من مناخ تكنولوجى متطور قد يسهم فى تعزيز فرص الاقتصادات النامية فى المشاركة فى سلاسل القيمة.