كان من الشائع رؤية المجموعات السياحية الصينية بالساحة الحمراء فى موسكو وخارج متحف اللوفر فى باريس وتحت ظل برج خليفة فى دبى حتى بداية هذا الشهر، لكن هذا الأمر تغير تماماً بعد تفشى فيروس “كورونا” المميت.
واستحوذ الزوار الصينيون على 150 مليون رحلة فى الخارج عام 2019، وأنفقوا 130 مليار دولار فى الخارج عام 2018، بزيادة نسبتها 13% عن عام 2017، وفقاً لأرقام رسمية صادرة عن أكاديمية السياحة الصينية، ولكن الآن أجبر أصحاب الفنادق والمطاعم ومنظمى الرحلات السياحية وتجار التجزئة، الذين يعتقدون أن المجموعات الصينية واحدة من مجموعات العملاء الأعلى إنفاقاً، على البقاء فى منازلهم، خاصة منذ بدء تفشى فيروس “كورونا” بمدينة ووهان الصينية، الذى أدى بدوره لغياب المجموعات السياحية الصينية عن الساحة.
وذكرت وزارة النقل الصينية أن عدد الرحلات التى قام بها السياح الصينيين انخفض بنسبة 73% خلال عطلة العام القمرى الجديد هذا العام، مقارنة بالعام الماضى.
وفى الوقت نفسه، فرضت 14 دولة على الأقل قيود غير مسبوقة على السفر من وإلى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، فى ظل تحذير خبراء الاقتصاد من تأثير “كورونا” المحتمل على النمو العالمى.
وأوضحت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن “كورونا” ألحق الضرر الشديد بالمناطق السياحية القريبة من الصين.
وتمثل السياحة 20% من الناتج المحلى الإجمالى لتايلاند، حيث يشكل الزوار الصينيون ربع الرحلات المتجهة إلى هناك، ولكن على الرغم من الاعتياد على ازدحام مراكز التسوق فى بانكوك من أجل موسم الذروة فى العام الصينى الجديد، إلا أن معظم الزوار لم يتواجدوا هذا العام.
%73 انخفاضاً بعدد رحلات السياح الصينيين خلال عطلة العام القمرى الجديد
وكان لهذا الوضع تأثيراً على الاقتصاد التايلاندى، حيث أصبح “البات” التايلندى، الذى كان أحد أفضل العملات الآسيوية أداءً فى العام الماضى، أحد أسوأ العملات أداءً هذا العام.
وقال مينجكوان متموولى، رئيس شركة “آسيانتا”، التى تمثل شركات السياحة فى جنوب شرق آسيا: “إذا ركزنا على السوق الصينية، فسيتم إلغاء 90% أو 100% من الرحلات”.
أضاف أن الحكومة الصينية أشارت إلى ضرورة انتظار الشركات السياحية لمدة 3 أشهر حتى تخف الأزمة، ولكنهم يعتقدون أن تلك الأزمة ستستغرق عاماً على الأقل.
وشهدت هونج كونج، المتضررة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة التى أوقعت البلاد فى ركود اقتصادى، انخفاضاً حاداً فى أعداد المسافرين من البر الرئيسى الصينى، وفرضت هونج كونج أيضاً قيوداً صارمة على السفر عبر الحدود مع الصين، كما أنها تخضع أى شخص يسافر من البر الرئيسى إلى حجر صحى لمدة 14 يوماً.
وبالقرب من “ماكاو”، أكبر مركز للعب القمار فى العالم ووجهة رئيسية للسياح الصينيين من البر الرئيسى، أغلقت الكازينوهات لمدة أسبوعين على الأقل بعد أن أكدت السلطات أول حالات الإصابة بفيروس “كورونا” فى الإقليم قبل أسبوع تقريباً.
وأوضحت بيانات رسمية صادرة عن حكومة “ماكاو” انخفاض أعداد زوار المنطقة بنسبة 78% خلال الأسبوع الذى يشمل فترة العام الصينى الجديد، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى.
ورغم مقارنة الكثيرين بين فترة اندلاع فيروس “كورونا” واندلاع “السارس” فى عام 2003، إلا أن تأثير “كورونا” قد يكون أسوأ بكثير نظراً لارتفاع الإنفاق الصينى الخارجى فى السنوات الفاصلة.
وبالإضافة إلى ذلك، كانت الصين تمثل 4% فقط من الناتج المحلى الإجمالى العالمى عند الإبلاغ عن أول حالة “سارس”، أما الآن فهى تستحوذ على 16% من الناتج المحلى العالمى.
وقالت مجموعة صناعة السياحة الروسية إن البلاد ستخسر 100 مليون دولار من الإجراءات الحكومية لإغلاق حدودها أمام المواطنين الصينيين، الذين شكلوا العام الماضى أكبر مجموعة من الزوار الدوليين إلى البلاد، أما فى فرنسا، فقد ساهم الزوار الصينيون بنسبة 7% من نفقات السياحة فى البلاد البالغة 3.6 مليار يورو فى عام 2018، ولم يكن ذلك من خلال متاحف باريس فقط بل أيضاً متاجرها الشهيرة.