بعد أن خرج اليونانيون من أزمة استمرت عقدًا من الزمن كلفت الدولة ربع إنتاجها المحلى الإجمالى، فإن تأثير فيروس “كورونا” على قطاع السياحة الحيوية يهدد بحرمانهم من ثمار الانتعاش.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن صناعة السياحة تمثل حوالى 5 اقتصاد اليونان وأكثر من ربع الوظائف وهذا يجعلها ثانى أكثر الدول تعرضاً لمعاناة القطاع فى الاتحاد الأوروبى بعد قبرص، وهو ما يشير إلى مزيد من الألم فى المستقبل لليونانيين بعد سنوات من المشقة.
يأتى ذلك بعد أن أصدرت الحكومة أوامر بالفعل بإغلاق الإقامة الموسمية والتى تشمل أكثر من نصف الفنادق، وبعد تدفق الناس إلى المناطق الساحلية فى طقس دافئ بشكل غير معقول تم إغلاق الشواطئ المنظمة أيضًا منذ الأحد الماضى.
وقالت هيلين مايكل، صاحبة فندق من 25 غرفة بالقرب من أثينا: “لقد تم حجزنا بالكامل لكن نصف الحجوزات لم تظهر أبدًا وستزداد سوءًا”، وكشفت أحدث البيانات أن اليونان لديها 352 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس و4 وفيات.
وأغلقت الحكومة جميع المدارس والجامعات حتى 24 مارس الحالى وألغت مسيرات للاحتفال بعيد الاستقلال الأسبوع المقبل، وأعلنت السلطات عن الإجراءات الأولى الأسبوع الماضى لمعالجة الأثر الاقتصادى على الشركات ويمكن لأولياء الأمور الحصول على إجازة خاصة مدفوعة الأجر طالما أن المدارس مغلقة، وقال الكسندروس فاسيليكوس، رئيس غرفة الفنادق اليونانية، “نحن نراقب الحجوزات والإلغاء من ساعة إلى ساعة”.
أضاف أنه يتم إلغاء الرحلات بمعدل يزيد عن 20% والوضع الآن أصبح كارثة حقيقية ومن المرجح أن يستمر حتى مايو المقبل، وحققت الفنادق اليونانية إيرادات بلغت 8.7 مليار يورو وهو ما يعادل 9.8 مليار دولار فى العام الماضى بزيادة تتجاز 7% مقارنة بعام 2018.
وبلغ عدد السياح الذين زاروا البلاد من الخارج 31.3 مليون شخص فى عام 2019 أى ما يقرب من ثلاثة أضعاف سكان البلاد وأنفقوا 18.2 مليار يورو.
وتنبأ فاسيليكوس، بأن السياحة لن تكون القطاع الوحيد الذى سيشهد معاناة، لكنه حث الحكومة على إعطاء الأولوية للصناعة لأنه إذا انهار القطاع ستكون العواقب وخيمة.
وجاء تفشى الفيروس فى وقت حساس لليونان حيث كانت الدولة تستفيد من أدنى تكاليف اقتراض مسجلة قبل أن يؤدى الوباء العالمى إلى رفع عائدات السندات فى ظل المعاناة الحقيقية للبلاد، وكانت الحكومة قد توقعت معدل نمو 2.8% لعام 2020، لكن الاقتصاديين يرون الآن أن الاقتصاد ينمو بأقل من 2% فى سيناريو إيجابى.
وقال محللون فى بنك “ألفا” الذى يتخذ من أثينا مقرًا له فى تقرير الأسبوع الماضى، إن النمو يمكن أن يتباطأ بنسبة تصل إلى 0.9% حسب فترة بقاء الوباء، وطلب رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، من نظرائه الأوروبيين فى مكالمة الأسبوع الماضى استبعاد أى إنفاق على مكافحة الفيروس من حسابات الميزانية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تخضع فيه اليونان لبرنامج مراقبة مُحسَّن بعد الخروج من خطة الإنقاذ فى أغسطس 2018 ووافقت على هدف فائض أولى سنوى يبلغ 3.5% من الناتج المحلى الإجمالى حتى عام 2022.
وترغب الحكومة فى تقليص الهدف للحصول على مساحة مالية أكبر لمعالجة تفشى الوباء الجديد، وقال فاسيليكوس: “المهم بالنسبة لأصحاب الفنادق اليونانيين هو تأمين سيولة كافية، حيث نريد فى الوقت الحالى تدابير للحفاظ على تدفقنا النقدى ومساعدتنا على حماية الوظائف”.
وأضاف أن الغالبية العظمى من الفنادق اليونانية لا ينبغى تركها لوحدها للانهيار بسبب شىء خارج عن سيطرتها، وتشمل الطلبات تأجيل الالتزامات الضريبية والضمان الاجتماعى على الأقل حتى نهاية مايو المقبل، بالإضافة إلى منح ضمانات من الدولة للفنادق حتى يتمكنوا من اقتراض الأموال وتعليق أقساط القروض للبنوك.
ولكن أشارت الوكالة الأمريكية إلى أن البنوك اليونانية لديها تعثرات سداد بأكثر من 70 مليار يورو وهى تحاول تقليلها بنسبة 40% من خلال خطة على النمط الإيطالى تستخدم ضمانات الدولة، وسوف تعرقل موجة جديدة من القروض المعدومة جهود المقرضين لتنظيف الميزانيات العمومية وإعادة تحديد خطوط الائتمان للاقتصاد الهش، وأوضح فاسيليكوس، أن الفنادق تنظر فى خفض الإنفاق بما فى ذلك إمكانية تسريح الموظفين.