تتزايد الأضرار الاقتصادية على مستوى دول العالم، بالتوازي مع الزيادة الحادة في أعداد المصابين وإجراءات الاحتواء التي تطبقها الحكومات جراء وطأة جائحة وباء”كورونا المستجد”.
فالوباء يزج بالعالم إلى الركود والجمود في حالة مرعبة، نتج عنها خسائر مالية وبشرية لم تنجُ منها كبريات الدول.
ولعل التداعيات النهائية ستكون أسوأ من الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية العالمية عام 2008 بحسب خبراء الإقتصاد.
ففي قطاع السيارات العالمي، تظهر حالة من الهبوط المفاجئ والتراجع على مستوى الكميات المنتجة والتصدير والمبيعات. وبالنظر إلى سوق السيارات المحلي، فإنه لم يُكتب له التعافي حتى الآن، في ظل ما عانى منه خلال السنوات الماضية.
ورغم المؤشرات المُبشرة في بداية العام الحالي، وصعود منحنى المبيعات خلال يناير وفبراير الماضيين إلا أن تداعيات تفشي فيروس كورونا أطاحت بأحلام وآمال كثيرين بعد تراجع الطلب على السيارات وهبوط المبيعات مرة أخرى خلال مارس الماضي.
قال كريم نجار رئيس مجلس إدارة شركة كيان ايجيبت وكلاء العلامات التجارية الأوروبية سكودا وسيات وكوبرا، المديرالتنفيذي للشركة المصرية التجارية وأوتوموتيف، وكلاء العلامات الألمانية فولكس فاجن وأودي، إن الظروف التي يمر بها العالم حاليًا نتيجة تفشي فيروس كورونا، تسببت في تعطيل حركة إنتاج السيارات على المستوى العالمي.. الأمر الذي نتج عنه إرجاء الحصص الاستيرادية المتعاقد عليها، وانخفاض معروض السيارات ،فضلًا عن حدوث إضطراب في توريد مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار.
أضاف أن هذه التداعيات أصابت مبيعات السيارات في مقتل، بعد أن توقفت حركة البيع والشراء في ضوء التدابير الاحترازية لمجابهة إنتشار الفيروس، وأهمها تعليق إصدار تراخيص المرور للمركبات الجديدة حتى منتصف أبريل، ووضع حد أقصى لعمليات السحب والإيداع بواقع 10 آلاف جنيه للأفراد، لافتًا إلى أن الوكلاء المحليين وجهوا نداءات للتنسيق مع الوحدات المرورية لإصدار التراخيص نيابة عن الموزعين والعملاء في محاولة لتحريك المبيعات.
نجار: تقليص الإنتاج والاستغناء عن أسواق.. بدائل لتعويض الخسائر
أشار نجار، إلى استقرار الأوضاع نسبيًا داخل المعارض ومنافذ البيع ومراكز الصيانة مع توقعات بمطالبة الشركات الأم بغلقها ووقف جميع الأنشطة حال استمرار سوء الأوضاع كما حدث في إيطاليا وفرنسا وأسبانيا.
ورجح اتجاه المصنعين لتخفيض كميات الإنتاج والاستغناء عن أسواق معينة وخفض التكاليف والميزانيات وإعطاء إجازات مدفوعة الأجر للعمالة لاحتواء الوضع وتقليص الخسائر المحتملة.
وأوضح رئيس مجلس إدارة كيان ايجيبت، أن الآثار السلبية الناجمة عن جائحة “كورونا” وضعت قطاع السيارات بين شقي رحى. فمع ركود المبيعات نتيجة عزوف المستهلكين عن شراء السيارات في الفترة الحالية خوفًا من الإصابة بالمرض وتجنبا للاختلاط تنفيذًا للإجراءات الاحترازية، فقد أصابت أيضًا البرامج الترويجية والأنشطة التسويقية للسيارات خصوصا المباشر منها بالشلل التام بعد إلغاء العديد من المعارض الدولية والتجمعات داخل المراكز التجارية ورعاية المهرجانات الغنائية والتي تعد من أهم البدائل المطروحة للتسويق المباشر والوصول للمستهلك بأقل تكلفة وبشكل فعال.
أضاف أن إلغاء معارض السيارات الدولية أمر غير مفاجئ ،إذ كان من المتوقع عدم استمرار المعارض بعد أن استطاعت الوسائل الإلكترونية بصفة عامة ومواقع التواصل الاجتماعي “السوشيال ميديا” بصفة خاصة استقطاب شريحة كبيرة من المعلنين خلال السنوات القليلة الماضية، مستدلًا بما تم تداوله بشأن دورة العام الحالي لمعرض جنيف الدولي والمتوقع أن تكون الدورة الأخيرة له قبل أن يتم الغاؤه تماما.
ورجح تأجيل معرض القاهرة للسيارات وعدم إقامة أي معرض خلال هذا العام.
وحول خطط الشركة المزمع تنفيذها في 2020، قال نجار إن خطط الأجل المتوسط سترى النور.. لكن تم تأجيل الخطط قصيرة الأجل بعد ان تم إدراج استثماراتها في الميزانية التي اعتمدها مجلس الإدارة، لافتًا إلى إرجاء طرح السيارة الأسبانية الرياضية “كوبرا” إلى سبتمبر المقبل بعد أن كانت الشركة تعتزم تقديمها خلال يونيو المقبل، في ظل تعطيل خطوط الإنتاج في إسبانيا بصفة عامة وداخل مصانع سيات بصفة خاصة.
ونفى شريف فهيم مدير تسويق العلامة الكورية “كيا” بالشركة المصرية العالمية للتجارة والتوكيلات “EIT”، وجود أي عوائق في عمليات استيراد أو شحن الحصص الاستيرادية من السيارات خصوصا مع استمرار الإنتاج بمصنع كيا في كوريا الجنوبية ونظيره بدولة سولوفاكيا، رغم الامتثال لقرار الحكومة بوقف جميع الأنشطة لمدة أسبوعين كإجراء احترازي في مواجهة تفشي الفيروس.
وأشار فهيم إلى أن اتجاه بعض شركات الشحن العالمية لرفع رسوم خدماتها سيؤثر بشكل كبير على أسعار السيارات، إذ تعد مصاريف الشحن أحد أهم المتغيرات المؤثرة في تسعير السيارات.
وأكد أن الأمر مختلف بالنسبة لمجموعتي “كيا” و”هيونداي” اللتان تتحكمان في جميع عمليات إنتاج وتوريد وشحن منتجاتها إلى الأسواق المختلفة، إذ تمتلكان خطوطا ملاحية وحاويات شحن للسيارات خاصة بها، دون الحاجة للتعاقد مع الشركات الأخرى المختصة بعمليات الشحن على المستوى العالمي.
فهيم: تغيرات سعرية بعد ارتفاع رسوم شركات الشحن العالمية
وأضاف مدير تسويق كيا، أن الشركة تمتلك مخزونا مناسبا من السيارات في المعارض والمخازن يجعلها مستعدة للاستجابة لحجم الطلب في أي وقت، بالإضافة إلى الشحنات القادمة في طريقها إلى مصر، مؤكدًا على التأثيرات السلبية لتداعيات انتشار كورونا على حركة البيع والشراء في الفترة الراهنة.
وشدد على ضرورة توافر مخزون من السيارات لدى الشركات يكفي حجم الإقبال على شراء السيارات بعد انتهاء الازمة.
قال فهيم، إن الشركات حاليًا ليست لديها أي خطط لتنشيط المبيعات.
فأي خطط لن تؤتي ثمارها في ضوء تعليق إصدار التراخيص من وحدات المرور، موضحًا أنه رغم تراجع أسعار الفائدة بنسبة 3%، فلن يستطيع العميل الاستفادة من هذا التراجع خصوصا أن البنوك تشترط على العميل التوافق مع الإجراءات المرورية، بالإضافة إلى وقف تجديد التأمين على السيارة حال عدم تجديد رخصتها.
واستبعد فهيم، إمكانية التكهن بحجم الخسائر المتوقعة عقب انتهاء الأزمة التي أضرت بجميع القطاعات الاقتصادية على الساحة العالمية، نافيًا وجود أي خطط لتعويض هذه الخسائر في ظل الأوضاع الضبابية التي تسيطر على الصعيد العالمي.
وأكد خالد سعد مدير عام العلامة الصينية “بريليانس”، أمين عام رابطة مصنعي السيارات، أن الشركة بحوزتها كميات كافية من السيارات خلال الفترة الحالية نتيجة هبوط المبيعات وانخفاض الطلب على السيارات على خلفية الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد.
أضاف أن قرار وقف تراخيص وأعمال المرور وتعليق تراخيص السيارات، ووضع حد أقصى لعمليات السحب والإيداع في البنوك، من أهم المعوقات التي أطاحت بالمبيعات خلال شهر مارس بعد الانفراجة الكبيرة التي شهدها السوق خلال يناير وفبراير الماضيين وانتعاش المبيعات بشكل كبير قبل ظهور الفيروس القاتل في مصر.
واستبعد سعد، بيع 23 ألف سيارة خلال الـ 19 يوما الأولى من مارس الماضي طبقًا لتقارير المجمعة المصرية للتأمين الإجباري على السيارات، نافيا في الوقت نفسه وجود أي شحنات خاصة بالشركة داخل المنافذ الجمركية خلال هذه الفترة.
وأعلن تأجيل الشحنات المتعاقد عليها خلال الفترة المقبلة، لأجل غير مسمى وسط الاجواء المضطربة التي تعاني منها الأسواق العالمية، بخلاف إرجاء طرح موديلات 2021 هذا العام نظرًا لإلغاء العديد من معارض السيارات الدولية وتوقف إنتاج الموديلات الجديدة في مختلف دول العالم.
وتابع أن اتجاه شركات الشحن العالمية لزيادة مصاريف الشحن، يمثل تحديًا جديدًا أمام قطاع السيارات وهو ما نتج عنه تحجر نسبي في توريد السيارات ومنتجاتها، موضحًا ان الشركات رفعت مصاريف الشحن لتعويض الخسائر الناتجة عن تقليص الكميات المصدرة للأسواق العالمية عقب وقف الإنتاج نتيجة لإغلاق العديد من المصانع حول العالم.
واستنكر الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات، إمكانية تحديد الخسائر المحتملة التي ستتكبدها الشركات على خلفية الأزمة الحالية في ظل معاناة الكيانات الاقتصادية وعدم وضوح الرؤية حيال الأوضاع المستقبلية، مؤكدًا أن الشركات لا تمتلك أي خطط لتحريك المبيعات وتعويض الخسائر المحتملة.
كتبت- يارا الجنايني وزمزم مصطفى