يستعر صراع العقل والعاطفة، بين جمهور السوشيال ميديا حول التصريحات الأخيرة لرجال الأعمال إزاء العودة للنشاط والعمل لأجل استمرار دوران عجلة الإنتاج مع تفشي فيروس كورونا “كوفيد-19”.
حاجج أصحاب الفكر الرأسمالي فيما لهم به علم، حول أهمية الاقتصاد وتوفير الاحتياجات الأساسية بديلا عن الركود والكساد، في حين انتقد آخرون هذه الممارسات وما تمثله من رأسمالية بحتة بعيدة عن الجوانب الإنسانية. الطرفان أشبه بمعازيم الفرح الغرباء ممن ينتقدون العريس والعروسة دون أى مبالاة.
لا جرم أن وجهة نظر رجال الأعمال قد تكون صادمة، ولكن جميعكم تفكرون بنفس المنطق حينما تتعرضون لذات المصير.
منطق المصلحة الشخصية هو ما يجعل مصاب الكورونا يخشى افتضاح أمره وكأنه المتسبب في حدوثه، وهو ما يجعل بعض خبثاء المجتمع المدني يشهرون بمؤسسة أخرى، وأيضا هو ما يجعل موظف إنتاجيته صفر يشهر بشركته لأجل مرتب لا يستحقه، وهو أيضا يجعلك تخشى على أولادك من أقرب الناس إليك.
ولكن في ظل الظروف الاستثنائية، يحتدم إعلاء مبدأ المصلحة العامة حفاظا على سفينة الوطن الغالية. ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة بحديثه الشريف صلى الله عليه وسلم (قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم – فرأوا أن من فوقهم تضايقوا منهم من كثرة المرور عليهم – فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا بحيث لا نحتاج إلى أن نمر على من فوقنا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا).
اتركوا رجال الأعمال.. فالأزمة كاشفة، لا تحاسبوهم على نواياهم، إن الظن لا يغني من الحق شيئا، لاسيما وأن تاريخ معظمهم في العمل الخيرى مشرف.
والأمر لا يحتاج لضغط أو تلويح من أجل الحصول على دعم من فئة فقدت إنسانيتها قبل أن تفقد مسئوليتها تجاه الوطن.
فالقضية ليست توقف أو استمرار عجلة الإنتاج، ولكن هي مدى شعورك كشخص بإحساس المواطنة الذي يجعلك تسخر نفسك وما تملك لوطنك الذي تربيت فيه قبل أن تكون من أصحاب المليارات، ومدى شعورك بحجم الكارثة.. تلك هي القضية بمنتهى الاختصار.
لا مزايدة و لا تسرع باتهام أحد بالتخلى عن دوره الوطني، ولكننا نريد الإشارة للمفهوم الغائب عن بعض الكيانات داخل مصر وهو “مواطنة الشركات والاستثمار المسئول”، الذي يجعل تلك الكيانات تتحمل مسئوليتها تجاه مساهميها وعمالها بالتوازي مع تحملها مسئولية مجتمعية إزاء أبناء وطنها ومجتمعها.
“المسئولية والمواطنة” هو الدافع الذي يحرك الكيانات المحترمة التي تشعر بالمواطنة.. إنه الاستثمار المسئول.
ذروا النداء لرجال الأعمال بالدعم والتبرع، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليختفى من المشهد دون رجعة.
ويجب على الجميع الوثوق في الإدارة السياسية للأزمة التي أثبتت للعالم أجمعه، أن مصر أكبر من أي شيء يذكر.
نحن شعب يستمد قوته من كبريائه، وصحته من عزيمته، ومعركة البقاء سننتصر فيها بإرادة الشعب وقوة حكومته والمخلصين ممن وقفوا بجانبنا.
وقت المحن هو وقت توحيد الجهود والعمل جميعا كفريق واحد، قادر على المواجهة والصمود لعبور الأزمة بأقل خسائر وبأكثر مكاسب.
لندع مصيدة الإعلام لرجال الأعمال في معزل عن هدفنا، حتى لا تنال من وقتنا أو تؤثر على عزيمتنا، ودعونا نفخر بكل رجل شريف أو مؤسسة محترمة دعمت وساهمت.
حفظ الله مصر.. حفظ الله مصر.
بقلم / حسن مصطفى
الرئيس التنفيذي لشركة “سي إس أر إيجيبت”