معهد التمويل الدولى يقدر أعباء الديون فى أفقر الدول عند 140 مليار دولار
من المؤكد أن التوقف المؤقت عن سداد الديون فى أشد البلدان فقرا فى العالم، لمساعدتها على محاربة انتشار جائحة فيروس «كورونا»، أمرا صعبا بالنسبة للدائنين فى القطاع الخاص.
واستجابت مجموعة العشرين، الأسبوع الماضى، لدعوات وزراء المالية الأفارقة لمنح تأجيل لسداد الديون البالغة نحو 20 مليار دولار حتى نهاية 2020، كما أنها دعت المقرضين من القطاع الخاص للمساهمة فى تخفيف أعباء الدول الفقيرة.
وقالت المجموعات التى تمثل الدائنين التجاريين، ممن اشتروا السندات من الدول منخفضة الدخل فى السنوات الأخيرة فى ظل العوائد المنخفضة بشكل قياسى بالأسواق المتقدمة، إنهم سيكونون على استعداد للمشاركة، ولكن تأجيل مدفوعات السندات السيادية لن يكون أمرا سهلا.
وأوضحت وكالة أنباء «بلومبرج» أن الدول المدينة سيتعين عليها إقناع غالبية المستثمرين، بداية من صناديق التحوط والمعاشات إلى صناديق الثروة السيادية، لاستخدام بنود الإجراءات الجماعية لتغيير تاريخ الدفع فى كل سلسلة سندات.
وقال لوتز رويماير، كبير مسئولى الاستثمار لدى شركة «كابيتيلم» التى تعمل على إدارة أصول بقيمة مليار يورو: «للحصول على موافقة هذه الأغلبية، يجب تقديم إغراءات»، ولكنه على الرغم من ذلك لا يتوقع نجاح الأمر.
وقدر معهد التمويل الدولى أن أعباء خدمة الدين الحكومى المستحقة نهاية العام الجارى لدى أفقر دول العالم – معظمها فى أفريقيا – تقترب من 140 مليار دولار، بما فى ذلك 10 مليارات دولار مقومة بالعملة الأجنبية.
ويذكر المعهد أن هذا المبلغ يتضمن كافة أنواع الديون، المخصصة للدائنين من القطاعين العام والخاص، والديون المقومة بالعملة المحلية والأجنبية، فضلا عن الديون قصيرة الأجل وطويلة الأجل.
وحتى قبل أن يتسبب الوباء فى انخفاض الإيرادات العامة إلى النصف ويجبر الحكومات على إغلاق الحدود فى أفريقيا، كانت العديد من دول القارة تعانى بالفعل من ارتفاع مستويات الديون بعد إصدار سندات يورو تقترب من 60 مليار دولار على مدى العامين الماضيين.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن بعضا من أكبر الدول المنتجة للبترول فى أفريقيا، بما فى ذلك نيجيريا وأنجولا، ستتضرر بشدة من انخفاض أسعار البترول الخام.
ووفقا للبنك الدولى، حتى إذا استقر سعر خام برنت عند 30 دولارا للبرميل الواحد، فإن ذلك ينخفض بنسبة %46 تقريبا عن المستوى الذى استخدمته الدول عند صياغة ميزانياتها.
وقال مارك موبيوس، الشريك المؤسس فى شركة «موبيوس كابيتال بارتنرز»، إنه بناء على العقد، فإن أى صفقة تعقد مع غالبية حاملى السندات تتضمن بند بحق الدائن فى اللجوء للقضاء، كما حدث فى الأرجنتين، التى أنهت، فى عام 2016، 15 عاما من المنازعات القضائية من خلال دفع 9.3 مليار دولار إلى الدائنين الرافضين لعروض إعادة الهيكلة.
صناديق الديون المتعثرة
وأوضح موبيوس أن صناديق معالجة الديون المتعثرة يمكن أن تشكل فرصة للشراء بخصم جيد للغاية فى الوقت الراهن.
وذكرت شركة «موديز إنفيستورز سيرفيس» أن مراجعة شروط الدفع، حتى بالاتفاق مع المستثمرين، سينظر إليها باعتبارها تخلف عن سداد الديون، مما يؤثر بالسلب على التصنيف الائتمانى وتقييم الآثار المترتبة على كل من الدائنين والجهات المصدرة.
وقال هانز هومز، الرئيس التنفيذى لدى المستثمر المتعثر بالديون «جرايلوك كابيتال مانجمنت»، إن إعطاء الدول حيز مالى كافى للتعافى من الوباء واستئناف المدفوعات فى المستقبل يعد صفقة أفضل بالنسبة للمستثمرين من التعثر التام عن السداد.
وذكرت الوكالة الأمريكية أن المرة الأخيرة التى طُلب فيها من دائنى القطاع الخاص الانضمام إلى مبادرة لتخفيف أعباء الديون كانت فى نهاية التسعينيات، حيث نتجت بعد مفاوضات مطولة مع اتجاه المستثمرين الرافضين لإعادة الهيكلة للدعاوى القضائية طويلة الأمد.
ومع ذلك، لم تكتسب آلية إعادة هيكلة الديون السيادية التى يدعمها صندوق النقد الدولى سوى القليل من الزخم مع الدائنين، كما أنها فشلت فى أن تجدى نفعا فى مطلع الألفية الجديدة.
التغييرات التشريعية
وقال جايمى أتينزا، الذى يقود سياسة الديون الدولية لدى منظمة «أوكسفام»: «يبدو أن هناك رغبة من القطاع الخاص، ولكن يجب أن تكون هناك تغييرات تشريعية سريعة بالإضافة إلى هيئة جديدة لحل النزاعات لتحقيق ذلك».
وأوضح أن تعديلات القانون فى المملكة المتحدة ونيويورك، حيث يتم التوقيع على معظم صفقات السندات، يجب أن تمنع المقرضين من مقاضاة الدولة خلال فترة تفشى الوباء.
وقال أندرو روش، المدير الإدارى لدى شركة «فيناكسيم» للاستشارات المالية ومقرها باريس، إن التمويل الفورى لمساعدة الدول الفقيرة يجب أن يكون له الأولوية على المفاوضات المطولة المتعلقة بالإعفاء من الديون التى يجب أن ترتبط بمزيد من شفافية الديون وإصلاحات مكافحة الفقر.