عانت شركات صناعة السيارات والموردين، الذين سعوا إلى توفير تكاليف العمالة من خلال إنشاء مصانع بالاقتصادات الناشئة، من فواتير أجور تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.
وفي الوقت الذي تتمتع فيه أعمال تلك الشركات في الاقتصادات المتقدمة ذات التكلفة المرتفعة، بتلقى الدعم الحكومي، تركت المجموعات ذات المصانع المغلقة في الدول الاخرى دون خطط كبيرة للإبقاء على الوظائف، ومنها المكسيك وأوروبا الوسطى وشمال أفريقيا التي تركت لتدبر أمورها بنفسها.
وفي الولايات المتحدة، تسعى شركات صناعة السيارات للحصول على دعم من الولايات والإدارة الفيدرالية أيضا، في حين تدفع الحكومات في المملكة المتحدة وأوروبا الغربية ما يصل إلى 80% من الأجور في ظل تفاوتها.
وأوضحت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن ألمانيا لديها مخطط عمره عقود ، يعرف باسم “كورزاربيت” أو العمل لفترة زمنية أقل، إذ ستدفع الحكومة ما يصل إلى 67% من الأجور العادية للموظفين، في حين تضيف العديد من الشركات الكبرى، المبلغ المتبقي طوعا.
وأشارت الصحيفة، إلى أن شركات صناعة السيارات الألمانية والموردين الرئيسيين ، وضعوا نحو 200 ألف عامل ضمن مخطط “كورزاربيت”.
وفي الوقت نفسه، تمتلك إسبانيا، وهي موطن عدد كبير من مصانع السيارات بداية من “رينو” و “فولكس فاجن” إلى “فورد”، خطة دعم حكومية، تعمل على تقاسم المدفوعات مع الشركات.
ومع ذلك، تعمل شركات صناعة السيارات بمفردها في الدول ذات التكاليف المنخفضة.
وقال مورد السيارات الألماني “دراكسلماير”: “لا يتوفر كورزاربيت في كثير من الدول التي ننتج فيها، مثل تونس والمجر والمكسيك. لذا يتعين علينا دفع تكاليف الموظفين بأنفسنا”.
قال صانع السيارات الألماني الفاخر “أودي” الذي يعتبر جزءا من مجموعة “فولكس فاجن”، إنه دفع 100% من أجور 12.800 موظف في مصنعه المغلق في مدينة جيور المجرية، و 75% من أجور معظم عماله البالغ عددهم 5 آلاف عامل في المكسيك.
وأكدت شركتي “نيسان” و”فيات كرايسلر” أيضا أنهم يدفعون 100% من أجور العاملين في المكسيك، التي تتمتع بواحدة من أكبر صناعات السيارات في العالم، إذ تصنع ما يصل إلى 3.7 مليون سيارة سنويا في الغالب للسوق الأمريكية.
وازدهرت صناعة السيارات في المكسيك بعد التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا “نافتا”، وفتحت شركات صناعة السيارات، بداية من الولايات المتحدة واليابان، مواقع إنتاج لتحقيق أقصى استفادة من الأجور المنخفضة والوصول إلى السوق الأمريكية دون أي تعريفات جمركية.
وفي الوقت نفسه، افتتحت العديد من شركات صناعة السيارات الأوروبية مواقع في جميع أنحاء شمال أفريقيا، لتلبي احتياجات سوق السيارات المتنامي في القارة السمراء، بالإضافة إلى الاستفادة من انخفاض تكاليف العمالة، فعلى سبيل المثال تمتلك “رينو” مصانع في المغرب والجزائر وتمتلك “سيات” التابعة لـ “فولكس فاجن”، مصنعا في الجزائر، في حين تمتلك مجموعة “بي.أس.إيه” الفرنسية منشأة في تونس.
ومع ذلك، تواجه شركات صناعة السيارات فواتير ضخمة ناتجة عن الاضطرابات وتوقف الأعمال، حتى في ظل خطط الدعم المقدمة في الدول المتقدمة.