تماشياً مع وتيرة الانتشار السريع والواسع لوباء الالتهاب الرئوى الناجم عن فيروس كورونا المستجد كوفيد – 19 فى جميع أنحاء العالم، الذى عصفت آثاره السلبية وتكاليفه الباهظة بجميع قطاعات الأعمال وكبريات الشركات، من المتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمى انكماشاً حاداً بواقع 3% هذا العام، حسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمى المعلن حديثاً من صندوق النقد الدولى.
وتحت القيادة القوية والحكيمة لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فإن الإجراءات الوقائية والرقابة الصحية فى مصر، تدل على عزيمة مصر حكومة وشعبا في مكافحة الوباء، وهو ما حظى بتقدير عال من الجانب الصينى ومن مكتب منظمة الصحة العالمية بالشرق الأوسط.
وفى السياق نفسه، أدت سلسلة من الإجراءات الإدارية التى يكون لها بالغ الأثر فى مكافحة الوباء، مثل تعليق الرحلات الجوية وحظر التجول، إلى إحداث ضغوط سلبية على الاقتصاد المصرى، حيث أولت الشركات الصينية العاملة في مصر الدرجة نفسها من الاهتمام فى ضمان استمرار الإنتاج والوقاية من الوباء، متغلبة على أى عوائق طارئة تتعلق بحركة العمالة والنقل اللوجستى وبدون أى توقف للعمل، الأمر الذى وفر الدعم الكافى والمساندة القوية لاحتياجات التنمية الاقتصادية واستقرار سوق العمل والتوظيف فى مصر.
اعتمدت الشركات الصينية فى مصر على التدابير الوقائية الأكثر شمولاً وفعالية من خلال الاستفادة القصوى لخبرات الصين المحلية فى التصدى للوباء، ولم تظهر أى حالة مصابة حتى الآن.
على سبيل المثال، قامت شركة CSCEC Egypt بتنفيذ منهج الإدارة المغلقة التامة بمشروع منطقة الأعمال المركزية CBD للعاصمة الإدارية الجديدة، بدءا من 26 مارس الماضى، وجرى التحكم بكل دقة فى وضع الآلاف من الموظفين الصينيين والمصريين مؤقتاً للعمل والعيش في موقع المشروع، مما يحد من خطر الإصابة بالعدوى نتيجة لدخول وخروج الموظفين.
وقد أبدى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء اهتمامه بالنتائج الإيجابية التى أحزرتها شركة CSCEC – مصر، مؤكداً دعمه الكامل لتعزيز المشروع على المستوى الحكومى.
فى الوقت نفسه، قامت منطقة التعاون الاقتصادى بالسويس TEDA والمؤسسات العاملة فيها مثل: جوشى، فنغشانغ، وشركة دايون للدراجات النارية والمصانع الأخرى، بتنفيذ منهج الإدارة المغلقة، سعياً إلى التحكم الصارم في المخاطر، والذى تم اعتماده بالإجماع من قبل الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ووزارة الصحة والسكان المصرية والإدارات الأخرى ذات الصلة. على صعيد آخر، تبنت معظم الشركات الصينية تدابير داخلية صارمة وشاملة للوقاية من الأوبئة، ويتضح ذلك فى متابعة الحالة الصحية لجميع الموظفين الصينيين والمصريين عن كثب، مع إلزامهم بارتداء الأقنعة وقياس درجة حرارة الجسم يوميا أثناء العمل؛ والقيام بإجراءات التطهير بشكل منتظم بكافة الأماكن العامة التابعة للشركات؛ بالإضافة إلى العمل على رفع وتعزيز وعى العاملين بكيفية الوقاية من الأوبئة عن طريق استخدام كتيبات دعائية؛ كما تم اعتماد نظام لتقاسم الوجبات، إلخ.
هناك أيضاً بعض الشركات الصينية التى تستخدم برامج الإنترنت لعقد الاجتماعات وإجراء مفاوضات تجارية، مع الاهتمام بالحفاظ على المسافة الاجتماعية، لضمان الوقاية الجيدة من الأوبئة.
وقد حققت الشركات الصينية فى مصر نتائج مرضية من حيث ضمان الإنتاج والحفاظ على النمو فى جميع المشاريع الكبيرة التى تتولى تنفيذها، حيث تم الانتهاء من بناء الهيكل الرئيسى لأول برج من أبراج منطقة الأعمال المركزية، كما جرى وضع أول لوح حائط زجاجى على واجهة المبنى؛ بالإضافة إلى الانتهاء من أعمال اللبشة المسلحة للساحة المركزية (الأبراج الهلالية) لمشروع منطقة الأعمال المركزية CBD بالعاصمة الإدارية الجديدة؛ كما تم الانتهاء من أعمال التصميم لمشروع سكك حديد الضواحى فى العاشر من رمضان بنسبة 70%، وتجاوز تقدم محطة العاصمة الجديدة والمشاريع الأخرى 30%.
فيما يتعلق بالتعاون فى مجال الطاقة الكهربائية، تم تسليم 3 مجموعات من مشاريع المحطات الفرعية المتنقلة لشركة XD-EGEMAC، وتوقيع عقود جديدة لتوريد المحطات الفرعية ومحولات الطاقة مع شركة النقل الوطنية المصرية EETC.
وبخصوص التعاون فى مجال التصنيع، وقعت شركة Fengshang أكثر من 10 مشاريع مثل تخزين الحبوب، وهندسة الأعلاف، وهندسة الهياكل الفولاذية، مع مضاعفة الحجم على أساس سنوي؛ وتحافظ Jushi Egypt وAngel Yeast وNew Hope على الحفاظ على الإنتاج والإمداد؛ كما تم تدشين أكبر خط إنتاج للكمامات بتعاون صينى مصرى، من الممكن أن تصل الطاقة الإنتاجية اليومية إلى 500 ألف قطعة بعد التغلب على بعض المشكلات التقنية فى الماكينات، تلبية للاحتياجات الماسة للاسواق المصرية تجاه المستلزمات الطبية.
من حيث اللوجستيات والنقل، تم الانتهاء من مشروع المستودعات في منطقة التعاون TEDA؛ وأبحر إجمالى 120 سفينة عبر قناة السويس من سفن وكالة COSCO SHIPPING وكانت الحاويات المستوردة والمصدرة 56 ألف حاوية مكافئة، ما يعد من بين الأفضل في جميع الموانئ المصرية.
وفى الوقت ذاته، ركزت شركة COSCO SHIPPING خلال فترة الوباء على تعزيز تطوير السلع المبردة لضمان نقل التجارة الخارجية للمنتجات الزراعية الطازجة والمنتجات الجانبية المصرية، الأمر الذي ساهم في زيادة تصدير البضائع المبردة المصرية التى تنقلها بنسبة تقارب 15% على أساس سنوى.
حان الوقت لتحقيق أقصى درجات التضامن والاتحاد، والدرس الذى يعلمنا الوباء إياه من جديد هو ضرورة بناء مجتمع المصير المشترك البشرى والمجتمع الدولى لا يمكنه دحر المرض سوى من خلال الاستجابة الجماعية.
لن ننسى مختلف أشكال المساعدات والتفاهم والدعم المقدمة من مصر حكومة وشعباً إلى الجانب الصينى، لاسيما الشركات الصينية والمستثمرين الصينيين فى مصر أثناء أصعب أوقاتنا لمكافحة الوباء.
وبالمقابل، يوفر الجانب الصينى المشاعر التضامنية نفسها تجاه الشعب المصري في الفترة الحرجة التى تمر بها مصر حالياً، مؤكداً أنه على استعداد كامل لمواصلة تقديم المساعدة اللازمة لصالح حكومة مصر وشعبها.
لن تتغير ثقة الشركات الصينية بالآفاق المستقبلية الواعدة للاقتصاد المصرى، ولن يتغير التصميم على مواصلة استكشاف السوق المصرية.
معاً ضد الفيروس.. جاهزون طول الوقت لتضافر الجهود المشتركة مع الجانب المصري لتعزيز وتنفيذ الاستثمارات والمشاريع الكبرى التي أبرمتها الشركات الصينية في مصر، والتقليل من تأثير الوباء على التعاون الاقتصادى والتجارى الثنائى إلى حده أدنى، مستعدون لتحقيق آفاق أوسع من التعاون الاقتصادى والتجارى بين مصر والصين بعد احتواء الوباء.
واثقون كل الثقة من احتواء الوباء، ويأتى ذلك فى إطار صياغة نموذج ناجح للتعاون الدولي في البناء المشترك لـ”الحزام والطريق” أثناء تلك الفترة العصيبة، وإقامة مجتمع المصير المشترك الصيني المصري باعتباره نموذجاً للتعاون الصيني العربي والتعاون الصينى الأفريقى ومعاً لعالم أجمع.
بقلم – هان بينغ، الوزير المفوض التجارى بسفارة الصين لدى القاهرة.