ربما تنجح إيطاليا مرة أخرى في التخلص من الأزمة الحالية، دون الحاجة إلى مواجهة إخفاقات اقتصادها.
وأفادت وكالة أنباء “بلومبرج”، بأن الدولة الأوروبية، حيث تلوح أكبر مشكلة في النمو في المنطقة، ستصبح المستفيد الأكبر من خطة الاتحاد الأوروبي للتعافي، التي ربما تشكل مخططا للاقتراض المالي المشترك.
يأتي هذا بالإضافة إلى حافز البنك المركزي الأوروبي الذي يضغط على عائدات السندات السيادية، ويمهل إيطاليا المثقلة بالديون مزيداً من الوقت لاحتواء تفشي جائحة فيروس كورونا، ومعالجة مشكلة ضعف النمو بطريقتها الخاصة وربما بوتيرتها الخاصة شديدة البطء.
وانطلق ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو خلال القرن الـ21، متبنياً نهج النمو الاقتصادي الضعيف بشكل دائم، وكان يتجاهل أيضاً الأزمات الدورية التى ربما حفزت رجال السياسة هناك لمعالجة مواطن الضعف.
وقالت روزاماريا بيتتى، الخبيرة الاقتصادية والمحاضرة في جامعة لويس في روما، إن كل هذا الأمر ينطوي على بعض المخاطر المعنوية، مشيرة إلى أنها لا تلقي اللوم على بعض الدول نظير رغبتها في توخي الحذر.
وأضافت أن ثمة شعور بأن نوعا من تبني النصوص اللاتينية يحدث في السياسة المالية للاتحاد الأوروبي، معتقدة بذلك أن هذا الأمر يعني أن إيطاليا والدول الضعيفة الأخرى في منطقة اليورو ، تخاطر بإهدار الوقت والمال وتؤجل اتخاذ القرارات الصعبة لحين تبني تدابير ملائمة للنمو.
وألمح رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي إلى هذه المخاطر، الأسبوع الماضى، قائلاً إن مساعدات الاتحاد الأوروبي لن تختبر قوة ومصداقية الحكومة فقط، بل أيضاً النظام الإيطالي.
وأوضح الاقتصادي في شركة “أليانز” في ميونيخ، باتريك كريزان، أن هذه المساعدات يمكن أن تكون نقطة تحول بالنسبة لإيطاليا، التي أصبح بإمكانها أخيراً البحث عن الاستثمارات الضرورية والإصلاحات الهيكلية لزيادة إمكاناتها للنمو.
وذكرت “بلومبرج”، أن إيطاليا لم تستطع استغلال فرص الأعوام الأولى الهادئة فى القرن الحالي لإنعاش اقتصادها عبر تبني تدابير مواتية للنمو الاقتصادي، على العكس تماماً من ألمانيا.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أن التحفيز المتكرر الذي يقدمه البنك المركزي الأوروبى، والذي صممه رئيس البنك المركزي السابق الإيطالي ماريو دراجي- حافظ في الآونة الأخيرة على الاقتصاد، لكن فرصة الإصلاح لم تستغل بشكل كامل، رغم مناشداته لاتخاذ المزيد من التدابير.
وأوضحت “بلومبرج”، أن الأزمة المالية العالمية واضطراب الديون السيادية في أوروبا، ومعاناة المنطقة من الانكماش لم تثر القلق الكافي لدى الطبقة السياسية في البلاد لاتخاذ التدابير اللازمة التي من شأنها إشعال معجزة اقتصادية مثل تلك التي شهدتها للمرة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية.
يأتي ذلك رغم عدم الافتقار إلى اقتراحات المراقبين الدوليين حول ما يجب فعله، فقد أصدرت كل من المفوضية الأوروبية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قوائم منتظمة تنطوي على إصلاحات لأزمة لتحسين الإدارة العامة ونظام الضرائب والاستثمار والتعليم.
لكن على الصعيد المحلي، كانت الشهية للتعامل مع هذه المشاكل عابرة ومعقدة بسبب النظام السياسي المجزأ والعمليات التشريعية الشاقة.
وبناءً على هذه الخلفية، كان النجاح المقاس لوزراء المالية في إبقاء العجز في إيطاليا تحت السيطرة جديراً بالملاحظة، لكن ندرة النمو الاقتصادي في العقدين الماضيين، خاصة في المناطق الجنوبية الفقيرة منذ فترة طويلة، مازالت تضعف الآفاق المالية للبلاد.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تدفع تكلفة الحوافز المقدمة لتعويض إغلاق الاقتصاد الإيطالي الآن، الدين إلى مستوى يزيد على 155% من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم أن إيطاليا استطاعت حتى الآن تجنب مصير دول مثل اليونان، التي اضطرت إلى قبول حزم الإنقاذ بشروط قاسية خلال أزمة الديون السيادية، إلا أن قدرتها على تبني النهج ذاته في المستقبل ربما تعتمد على خطواتها الراهنة.