83 مليار دولار جمعتها الأسواق النامية والناشئة من أسواق الديون منذ أبريل
يراهن مستثمرو الديون فى الأسواق الناشئة على ارتفاع وتيرة نمو السندات السيادية من أدنى مستوى لها فى مارس الماضي، حيث تستمر جهود التحفيز التى يبذلها البنك الاحتياطى الفيدرالى وبنوك مركزية أخرى حول العالم، بينما يطلق صانعو السياسات المحليون إجراءات مشابهة.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن هناك أكثر من 10 بنوك مركزية فى الأسواق الناشئة اشترت سندات حكومية مقومة بالعملة المحلية أو أصول أخرى كجزء من البرامج الخاصة لمكافحة آثار تفشى جائحة فيروس كورونا، بما فى ذلك إندونيسيا وبولندا والفلبين.
واتخذت الدول التى تعانى من أوضاع مالية هشة، مثل جنوب أفريقيا وتركيا، إجراءات مماثلة.
وأشار أليخو سيرونونكو، الخبير الاستراتيجى فى مجموعة “يو بى إس لإدارة الثروات”، إلى أن هذه المشتريات تختلف إلى حد ما عن برامج التسهيل الكمى التى أطلقت بعد الأزمة المالية العالمية، ويرجع ذلك إلى أن أسعار الفائدة لم تصل إلى مستوى الصفر حتى الآن فى العديد من الدول المشاركة، كما أن العمليات الصغيرة نسبيا كانت تفتقر إلى أهداف ثابتة للشراء.
ولكنه قال أيضا إن السياسة النقدية، إذا استخدمت بحكمة، يمكن أن تساعد فى دعم انتعاش الدول من خلال حماية عمل أسواق السندات المحلية.
قال بول جرير، مدير محفظة الأسواق الناشئة فى “فيديليتى إنترناشونال”، إن جهود التيسير النقدى حول العالم دعمت السوق وساهمت فى خفض تكاليف التمويل.
وارتفعت السندات السيادية فى مؤشر “جى بى مورجان العالمى المتنوع لسندات اﻷسواق الناشئة” القياسى بنحو 20% منذ 23 مارس الماضي، بينما تراجع العائد الإضافى الذى طالب به المستثمرون للاحتفاظ بالديون مقابل سندات الخزانة الأمريكية بأكثر من 30% ليسجل أسوأ عملية بيع.
وأوضحت بيانات جمعها معهد التمويل الدولي، أن الاقتصادات الناشئة والنامية تمكنت أيضا من الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية بأعداد كبيرة منذ أبريل الماضي، حيث جمعت أكثر من 83 مليار دولار.
وأوضح جرير أن نقطة التحول جاءت فى نهاية مارس الماضي، بعد أن اتخذ الاحتياطى الفيدرالى العديد من التدابير، بما فى ذلك إطلاق العنان لبرامج التسهيل الكمى الضخمة، ودعم الأصول الخطرة، وتعهد بشراء سندات الشركات وكمية غير محدودة من الديون الحكومية.
وقبل عرض الدعم، الذى جاء بالإضافة إلى حزم الإنفاق الإضافية التى قدمتها الحكومات فى العالم، خفض الاحتياطى الفيدرالى أسعار الفائدة إلى الصفر، وفتح خطوط المبادلة مع 14 بنكا مركزيا لخفض تكلفة الدولارات دوليا ووضع برامج لضمان قدرة الشركات والأسر على الحصول على الائتمان، ونفذ الفيدرالى منذ ذلك الحين المزيد من إجراءات الطوارئ ووعد ببذل المزيد إذا لزم الأمر.
وأكد إريك بورمايستر، رئيس الدخل الثابت للأسواق الناشئة فى “مورجان ستانلي” لإدارة الاستثمار، على أن عمليات السيولة العالمية لا تبقى داخل الحدود، بل إنها تمتد إلى العالم النامي.
وخلقت عملية البيع فى مارس، ممزوجة بإجراءات جذرية يتخذها صانعى السياسات العالمية أفضل الفرص لزيادة التعرض للأسواق الناشئة خلال 30 عاما من الخبرة، وفقا لرئيس ديون الأسواق الناشئة فى “إدارة الاستثمارات القانونية والعامة المحدودة” عدى باتنايك.
وقال باتنايك إن الشركة زادت بشكل كبير من استثماراتها فى السندات السيادية وشبه السيادية المقومة بالدولار التى أصدرتها الهند والفلبين وبنما قبل ثلاثة أشهر تقريبا، كما أنها واصلت رؤية مجال واسع لتحقيق مكاسب إضافية من مصر وقطر.
ومن جهته، أشار كيفين دالي، مدير المحافظ فى “أبردين أسيست مانجمينت”، إلى نيجيريا وغانا وكينيا باعتبارها دولا تقدم فرصا ذات قيمة.
ويبدو أن العديد من المستثمرين متفائلون بشأن آثار الوباء، فقد أشارت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” مؤخرا إلى أن عدد الإصابات المؤكدة الجديدة فى الهند والسعودية ومصر وأمريكا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء كان تقريبا مكافئا لعدد بقية دول العالم مجتمعة.
ومع ذلك، تمضى العديد من هذه المناطق قدما فى خططها لإعادة فتح اقتصاداتها بشكل تدريجي، مما قد يؤدى إلى ظهور المزيد من حالات الإصابة، لكن المستثمرين يقولون إنها قد تكون أقل ضررا من الناحية الاقتصادية من الحفاظ على صرامة عمليات الإغلاق.
وجنبا إلى جنب مع خطر تفشى الوباء، يقول جرير، من “فيديليتى إنترناشونال”، إن الأزمة الراهنة والإنفاق الحكومى اللازم لمكافحته قد يخلق مجموعة جديدة من نقاط الضعف فى المستقبل.
ويعتقد مصرف “جى بى مورجان” بالفعل معدل تعثر فى السداد بنسبة 16% خلال الأشهر الـ 18 المقبلة، وفقا لدراسة أجراها على 41 دولة من دول الأسواق الناشئة الخطرة، حيث تصل مستويات الديون إلى الناتج المحلى الإجمالى لأكثر من ثلث الدول الخاضعة للتحليل إلى نحو 80% أو أعلى.
وبحلول نهاية عام 2021، يتوقع المصرف الأمريكى ارتفاع معدل التخلف عن السداد لهذه الدول إلى 34%.
وأكد جرير على أن الفكرة الكاملة لأعباء الديون الثقيلة لن تختفى اليوم أو غدا، فهى وجدت لتبقى.
ومع ذلك، قال إن التوقعات قريبة المدى للأسواق الناشئة كانت إيجابية، مدعومة بشكل جزئى بخطوات البنوك المركزية العالمية، التى تشترى الأصول الآن.