تراجعت أسعار صرف الدولار أمام الجنيه بقيمة 3 قروش خلال الأيام الماضية، بعد أن شهدت العملة الخضراء قفزة الأسبوع الماضي أمام العملة المحلية.
وتعد هذه الزيادات هي أكبر وتيرة ارتفاع أسبوعي في سعر الدولار منذ بداية العام الحالي، وسجلت أسعار الدولار خلال تعاملات الثلاثاء 16.16 للشراء و16.26 للبيع وفقًا للبنك المركزي، كما سجلت 16.19 جنيه على المستوى العالمي.
وبحسب خبراء، فإن تباطؤ تحويلات العاملين بالخارج وتوقف أعمال قطاع السياحة وخروج قدر كبير من رؤوس الأموال التي نتجت عن جائحة “كوفيد 19″، كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى نقص التدفقات من النقد الأجنبي.. الأمر الذي أنشأ احتياجًا لتمويل ميزان المدفوعات.
أضاف الخبراء، أن الشهور الماضية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب على الدولار بعد زيادة استيراد مستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية، وتسديد أقساط فوائد قروض واستحقاقات سندات دولية حانت آجالها، مما أدى إلى تراجع المعروض من النقد الأجنبى.
وأكد خبراء قطاع السيارات، أن هذا التراجع سيؤثر بصورة مباشرة على أسعار السيارات خلال الفترة القادمة، خصوصاً أن أسعار الصرف من أهم المتغيرات المتحكمة في أسعار السيارات.
قال أحمد أسامة العضو المنتدب لشركة “درايف للتخصيم” إحدى الشركات التابعة لمجموعة غبور، إن عدة أسباب أدت إلى ارتفاع أسعار العملة الأجنبية مقابل العملة المحلية، من أهمها توقف قطاع السياحة الذي يعد من اهم مصادر الدخل القومي، بعد تأثره بتبعات الأزمة الصحية العالمية وانتشار كورونا.
كما أن تباطؤ التحويلات المالية من العمالة المصرية بالخارج وتوقف حركة الطيران ساهمت جليًا في قلة معروض الدولار الذي شهد ضغطًا كبيرًا في الطلب عليه من قبل المؤسسات الاستثمارية الأجنبية بعد أن لجات إلى سحب رؤوس أموالها من الخزانة المصرية، فضلاً عن استمرارية الحركة الاستيرادية للسلع الاستراتيجية والمنتجات الطبية.
أشاد أسامة بمبادرات الحكومة المصرية سعيًا لتوفير الدولار وتحقيق التوازن بين أسعار الصرف من خلال مفاوضات صندوق النقد الدولي الأخيرة للحصول على مساعدات بقيمة 5.2 مليار دولار، إضافة إلى المساعدات الخارجية الأخرى والتي ساهمت بشكل كبير في دعم قطاع البورصة، مرجحًا أن تؤثر تلك المبادرات بالإيجاب على قيمة العملة المحلية وتسيطر على الارتفاع العنيف للدولار.
وحول تأثير ارتفاع الدولار على أسعار السيارات، قال أسامة إن استمرار ارتفاع قيمة الدولار من شأنه أن يتسبب في زيادة أسعار السيارات الفترة القادمة، لاسيما وان مؤشرات أزمة كورونا كانت تشير إلى سلبية الأوضاع في جميع القطاعات، الأمر الذي دفع بعض المستهلكين إلى الإقبال على شراء السيارات خلال شهري أبريل ومايو رغم توقف استخراج التراخيص من إدارة المرور، مؤكدًا أن الوقت الحالي هو أنسب وقت للشراء خوفًا من ارتباك أوضاع القطاع مستقبلاً.
أضاف أن ارتفاع الدولار لن يؤثر على التكلفة الاستيرادية فقط، بل سيمتد إلى قيمة التخليص الجمركي للسيارات واحتساب القيمة المضافة ورسوم التنمية والضرائب، مما ينعكس على التكلفة الإجمالية للسيارة خصوصاً مع احتمالية ظهور سوق موازية للدولار، والتي ستزيد من سوء الأوضاع، أملاً فى أن يتم وضع قيود لوقف ظهور سوق موازية لأن الوقت غير مناسب تمامًا لتحريك أسعار الدولار.
«أسامة»: ارتفاع الدولار سيؤثر فى زيادة أسعار السيارات الفترة القادمة
وأشار العضو المنتدب لـ”درايف”، إلى أن شركته لم تتأثر بشكل كبير جراء اتخاذها مبادرة تأجيل سداد المستحقات الائتمانية للعملاء لمدة 6 شهور وفقًا لقرار البنك المركزي في إطار تخفيف الأعباء على المواطنين بعد تدني الدخول بالتزامن مع انتشار فيروس “كوفيد-19″، فمحفظة الشركة تتسم بجودة ائتمانية عالية عبر بعض الإجراءات التي تضمن للشركة حقوقها المالية، إضافة إلى توخي الحذر أثناء التصنيف الائتماني للعميل، مؤكدًا أن “درايف” تأثرت بشكل طفيف نتيجة تداعيات أزمة كورونا مثلما حدث مع كافة القطاعات.
وقال كريم نجار رئيس مجلس إدارة كيان إيجيبت وكلاء سكودا وسيات وكوبرا، والرئيس التنفيذي للمصرية التجارية وأوتوموتيف وكلاء فولكس فاجن وأودي، إن تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار سيؤثر على أسعار السيارات على المدى البعيد، فالوكلاء والموزعين يمتلكون مخزوناً مقبولاً من السيارات نتيجة ركود السوق عقب أزمة كورونا.. وهذا المخزون يكفي الطلب لمدة 3 أشهر، موضحًا أنه بعد انتهاء المخزون سترتفع أسعار السيارات المستوردة وفقًا لأسعار الصرف الحالية.
ورغم التعاقد على شحنات السيارات الجديدة بأسعار الصرف القديمة إذ انها تستغرق 3 أشهر للوصول إلى الموانئ والمنافذ الجمركية، إلا أن ارتفاع أسعار الدولار ستؤثر على إجراءات التخليص الجمركى، والتي تتم وفقًا لآخر سعر صرف مُعلن من البنك المركزي.
أشار نجار إلى أن السوق المحلي شهد انخفاضاً كبيراً في أعداد السيارات التي خرجت من المنافذ الجمركية على مدار 3 أشهر منذ اندلاع أزمة كورونا، إذ أفرجت الجمارك عن 6 آلاف سيارة خلال مايو الماضي وهو رقم هزيل للغاية، مرجحًا أنه حال استمرارية الأوضاع الحالية سيهبط إجمالي مبيعات سوق السيارات المصري إلى ما يقرب من 100 ألف سيارة، مضيفاً أنه رقم منخفض للغاية ومخيف.
أوضح نجار، أن ازدياد تكلفة السيارة كنتيجة حتمية لارتفاع اسعار الصرف وتباطؤ المبيعات، سيخلق أزمة داخل القطاع، لاسيما وان تبعات فيروس كورونا لا يمكن حصرها أو التكهن بها، وهو ما يدفع العديد من الوكلاء للتفاوض مع المورد للمساندة والدعم وتقليل النفقات إلى الأدنى المطلوب إضافة إلى اللجوء إلى عدم توظيف عمالة جديدة في الوقت الراهن تعويضًا للخسائر الناجمة عن تفشي الجائحة، مناشدًا الراغبين في اقتناء سيارة جديدة أن هذا هو الوقت الأنسب لاتخاذ قرار الشراء.
وقال شريف فهيم مدير تسويق العلامة الكورية “كيا” بالشركة المصرية العالمية للتجارة والتوكيلات “EIT”، إن قيمة الدولار من اهم المتغيرات المتحكمة في أسعار السيارات إذ أنها تمثل تكلفة مباشرة.
فتغير أسعار الصرف سواء بالانخفاض أو الارتفاع، ينعكس بصورة مباشرة وسريعة على أسعار السيارت رغم تراجع الطلب عليها خلال الفترة الحالية، فالأمر ليس له علاقة بآلية العرض والطلب، والتي تؤثر أيضًا على الأسعار.
وأوضح أن تأثير تراجع العملة المحلية لن يقتصر على تكلفة استيراد السيارة من بلد المنشأ، بل سيشمل الرسوم الجمركية والضريبية وإجراءات التخليص الجمركي، والتي يتم احتسابها تبعًا لأسعار الصرف المُعلنة من البنك المركزي، مما يؤدي في النهاية إلى حتمية ارتفاع الأسعار، مطالبًا المستهلكين بسرعة اتخاذ قرار الشراء.
أشار فهيم إلى أن تفاقم الأزمة بعد هبوط الطلب على السيارات على مدار الأشهر الـ3 الماضية وارتفاع تكلفة الاستيراد، دفع التوكيلات إلى تعديل الحصص الاستيرادية بناءً على معطيات السوق وحجم الطلب المتوقع، وهو ما يكبد الشركات خسائر مالية ضخمة فى ضوء ارتفاع التكلفة وانخفاض الطلب.
أضاف أن شركته في تفاوض مستمر مع الشركة الأم للحصول على سيارات بتكلفة أقل وطرحها بالسوق المحلي بأسعار تنافسية، لكن الوضع مختلف حاليًا.
فالأزمة الصحية والإقتصادية التي يعاني منها العالم بعد تفشي جائحة كورونا تسببت في تقليص حجم الطاقة الإنتاجية للمصانع لمواكبة الطلب العالمى، مما يعوق المستوردين عن التفاوض على تخفيض أسعار السيارات وفقًا لآلية العرض والطلب، لاسيما في ضوء تراجع أعداد الكميات المستوردة.
كتبت- يارا الجناينى