مثلما حدث فى عام 2008، ضخ البنك الاحتياطى الفيدرالى مبالغ نقدية قياسية فى النظام المالى هذا العام، لتجنب الانهيار الاقتصادى، ولكن على عكس 2008، عندما تكدست الأموال فى الغالب فى حسابات البنوك التابعة للاحتياطى الفيدرالى، تدفقت الأموال إلى الحسابات الجارية الأمريكية، وهو ما يعتبر فرقاً شاسعاً.
فعندما تحتفظ البنوك بالأموال فى الاحتياطى الفيدرالى كاحتياطيات زائدة، فإن تلك الأموال تفشل فى مهمتها فى دفع الوضع الاقتصادى، لكن يمكن أن يكون الدعم المحتمل ذا مغزى إذا وضعت الأموال بشكل مباشر فى جيوب الأفراد، وهو الأمر الذى حدث هذه المرة لأن دعم الاحتياطى الفيدرالى جاء متزامنا مع التحفيز الحكومى.
تعتبر الأرقام ملفتة للنظر، فقد ارتفع الجزء الأكثر سيولة من المعروض النقدى فى الأشهر الثلاثة المنتهية فى مايو بنسبة %26، وهو ما يعنى ارتفاعه بمقدار ثلاثة أضعاف القيمة المسجلة فى الثلاثة أشهر المقابلة فى عام 2008، كما أنه يعتبر أكثر من أى زيادة سنوية مسجلة فى العقود الستة التى تتبع المسئولون بياناتها.
وآثارت وكالة أنباء «بلومبرج» سؤالا مهما بهذا الشأن يدور حول ما إذا كان الشعب الأمريكى يخرج بالفعل وينفق تلك الأموال فى الوقت الذى تبدأ فيه البلاد فى اتخاذ خطوات فعلية لفتح أبوابها للعمل.
هناك من أجاب بنعم، مثل بروفيسيور جيريمى سيجل فى جامعة بنسلفانيا، حيث يتوقع هؤلاء الأفراد حدوث طفرة فى إنفاق المستهلكين فى الأشهر المقبلة، التى يمكن أن تعزز بدورها النمو الاقتصادى والتضخم فى عام 2021.
وفى الوقت نفسه، يخشى آخرون حدوث العكس تماما، حيث يمكن للأمريكيين، الذين لا يشعرون بالقلق من كيفية ارتفاع معدلات البطالة وسط تفشى وباء كوفيد 19-، اختيار تكديس تلك الأموال كمدخرات، مما قد يؤثر على عملية الانتعاش الاقتصادى.
من الواضح أن عدد الاقتصاديين المؤيدين لمثل تلك المخاوف يفوق عدد أولئك الذين ينتمون إلى مجموعة سيجل، ولكن على أى حال هناك شيء واحد واضح وهو أن هناك عددا قليلا- إن وجد- من العوامل الأكثر أهمية فى تحديد وتيرة انتعاش الولايات المتحدة من مصير هذه الأموال النقدية.
وفى هذا الصدد، قالت يلينا شولياتييفا، الاقتصادية فى «بلومبرج إيكونوميكس»: «إذا ظل معدل الادخار مرتفعا، فإن النمو الاقتصادى سينكمش، لذا فإن القلق الأكبر يتمثل فى إمكانية عدم استئناف المستهلكين للإنفاق».
يبدو الأمر غريبا، فى خضم أسوأ كارثة اقتصادية منذ الكساد الكبير، حيث يمتلك الأمريكيون- على الورق- أموالا فى متناول أيديهم أكثر مما امتلكوه على مدار سنوات، ولكن الركود الاقتصادى يجعل الأفراد أكثر فقرا، كما أن هناك أكثر من 40 مليون شخص فى الولايات المتحدة فقدوا وظائفهم فى مرحلة ما أثناء فترة تفشى الوباء.