رغم مساعى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الحثيثة للانفصال عن الصين، إلا أن كثيرا من الشركات فى بلاده ترغب فى الحصول على مزيد من المنتجات الصينية بشكل أسرع حتى لو بتكلفة شحن أعلى.
وتبلغ تكلفة وصول الشحنات بشكل أسرع بسعر يعادل، ضعف تكلفة الخدمة القياسية العابرة للمحيطات، والتى ارتفعت بالفعل فى ظل تقليص أكبر شركات الشحن فى العالم، لطاقتها الاستيعابية بنسبة %25 فى الربع السنوى الثانى، وربما تخفضها بنسبة %10 أخرى فى الربع الثالث، وفقا لمراقبى الصناعة.
وأوضحت وكالة أنباء «بلومبرج» أن خفض الطاقة الاستيعابية، يأتى فى ظل رؤية شركات الشحن على نطاق واسع أن الطلب يتعافى ببطء، فضلا عن ارتفاع مستوى عدم اليقين فى الأفق الاقتصادى العالمى.
ولكن فى الوقت الحالى، لا يزال الطلب على الشحن من بعض الشركات منتعشا، مما يبرر تكلفة الاستيراد المضافة للتسليم السريع لتلبية متطلبات موجة التسوق عبر شبكات الإنترنت، التى شملت كل شيء بداية من المعدات الطبية الواقية إلى حمامات سباحة الأطفال فى الفناء الخلفى.
وأوضحت «بلومبرج» أن تحقيق التوازن بين العرض والطلب العالمى هو المهمة التى تحاول شركات الشحن القيام بها باستمرار. ولكن تفشى وباء كوفيد-19 جعل هذه المهمة أكثر صعوبة، إذ أصبحت أحد الطرق التى يمكن اتباعها للقيام بذلك تتمثل فى إلغاء عمليات الإبحار، التى قاموا بها كثيرا مؤخرا.
وفى موانيء لوس أنجلوس ولونج بيتش، التى تعتبر البوابة الرئيسية للواردات الصينية، تم إلغاء ما يصل إلى 45 رحلة خلال الربع السنوى الحالى، أى أكثر من أربعة أضعاف الرقم المسجل فى الربع الثانى من 2019.
وبالنسبة لبعض الشركات الأمريكية التى تقع عند الطرف المتلقى للبضائع، بدأت اضطرابات الشحن فى التلاشى، ولكن تلك الاضطرابات بدأت للتو بالنسبة للبعض الآخر من الشركات.
وقال آبى إشكينازى، الرئيس التنفيذى لجمعية إدارة سلسلة الإمداد، وهى مجموعة صناعية مقرها شيكاغو، إن الشركات لا تقف الآن عند نقطة إعادة التوازن بين العرض والطلب، نظرا لارتفاع إشارات الطلب فى جميع المجالات، مشيرا إلى أنه لا أحد يستطيع تحديد مدى سرعة انتعاش طلب المستهلكين الأمريكيين، سواء كان ارتفاع التجارة الإلكترونية مستداما، أو ما إذا كانت الموجة الثانية من الوباء ستؤثر بشكل أكبر على التجارة العالمية.
ومن الناحية التاريخية، يعد حجم الشحن بالحاويات مقياسا جيدا لصحة الاقتصاد العالمى، رغم أن مخاطر التعريفات الجمركية التى ظهرت خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين على مدار العامين الماضيين أضعفت تلك العلاقة.
وفى بداية شهر يونيو، قال عملاق النقل البحرى الدنماركى «إيه بى مولر ميرسك»، إن أحجام الشحن بالحاويات ستنخفض بنسبة كبيرة تتراوح بين %15 إلى %18 هذا الربع، لكنها أقل بشاعة من التوقعات السابقة التى تشير إلى انخفاضا بين % 20 إلى %25.
فى الوقت الذى لا تقدم فيه «ميرسك» توقعات للعام بأكمله فى ظل انعدام اليقين بشأن الطلب فى النصف الثانى من العام، إلا أن هناك آخرين يحاولون التنبؤ بالتحديات التى يمكن مواجهتها.
وفى الوقت نفسه، قامت شركة «ميتسوى أو.إس.كيه لاينز»، أحد أكبر شركات الشحن فى اليابان، بخفض أسطولها البحرى بمقدار 40 سفينة، أى نحو %5 من أسطولها، ضمن إجراءات دفاعية أخرى حددتها الأسبوع الماضى ضمن خطة لا ترى عودة الاقتصاد العالمى إلى مستويات ما قبل الوباء حتى نهاية عام 2022 أو بعده.
ومن جانبه، يتوقع نيريوس بوسكوس، الرئيس العالمى لعمليات المحيطات والمشتريات لدى شركة «فليكسبورت» للشحن والتخليص الجمركى ومقرها سان فرانسيسكو، أن تكون تخفيضات الطاقة الاستيعابية فى الربع الثالث لكل من الشاحنات التى تمر عبر أسواق المحيط الهادى ومن آسيا إلى أوروبا أقل بقليل من التخفيضات التى دخلت حيز التنفيذ فى الربع السنوى الثانى، ولكنها لا تزال تشكل انخفاضا كبيرا حيث تصل نسبتها إلى %10.
وذكرت «بلومبرج» أن ما يقرب من %80 من التجارة العالمية تمر عبر المحيط عن طريق السفن، وعادة ما يكون لهذه الصناعة موسمان مزدحمان مرتبطان بالعطلات الصينية، وهما العام الجديد وعطلة الأسبوع الذهبى فى أكتوبر.
ويواجه المستوردون ضغوطا ناتجة عن موسم الذروة فى الوقت الراهن، حيث يأتى ذلك فى ظل ارتفاع أسعار الشحن العادية إلى ضعف المستويات التى كانت عليها قبل ثلاثة أشهر، كما لا تزال أسعار الشحن الجوى مرتفعة بسبب الافتقار إلى الرحلات الجوية التجارية.
وأوضح بوسكوس أن التحديات الظاهرة تتمثل فى القدرة الاستيعابية والسعر، مشيرا إلى أن تقديم الخدمات المميزة، مثل القوارب السريعة، تعيد تشكيل الصناعة.