تتعلم الحكومات الأوروبية سريعا ضرورة التعايش مع برامج المعونة لإنقاذ الوظائف والأعمال التجارية لفترة أطول مما كان يُعتقد.. وبالتالي منع الاقتصاد من السقوط في الهاوية.
وتشهد كافة أنحاء القارة العجوز، تمديد نطاق برامج الإجازة للعاملين، التي تحمي نحو 50 مليون وظيفة في ذروة عمليات الإغلاق، فضلا عن تأجيل سداد الضرائب والقروض، حتى مع رفع قيود الإغلاق المفروضة، لأن استدامة الانتعاش الاقتصادي غير مؤكدة، إذ لا تزال العديد من الشركات مغلقة أو تخدم عملاء أقل من ذي قبل.
وأجبرت التوقعات، المسؤولين على ترك المخاوف المتعلقة بارتفاع الديون جانبا، لإطالة أمد التدابير المتخذة لاحتواء الأزمة، والتي كان مقررا انتهاء بعضها بداية هذا الأسبوع. وقد يخاطر البديل بحدوث ارتفاع أكبر في البطالة وإخافة المستهلكين الحذرين بالفعل والتأثير على الانتعاش.
قال بيتر ديكسون، الاقتصادي في بنك “كوميرز” الألماني، إن الحكومات بحاجة لتحقيق توازن دقيق بين قطع الدعم ومشاهدة التأثير على الاقتصاد أو مواصلة الدعم- ربما بسخاء أكبر مما كان متصورا في الأصل- ومشاهدة الفقاعة المالية، لذا فهو توازن صعب للغاية، ولكن ربما استخفت الحكومات بالطلب على الدعم.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن ثمة سبب آخر لتوخي الحذر، وهو عودة ظهور فيروس كورونا المميت في بعض الأماكن، إذ ارتفعت حالات الإصابة في الولايات المتحدة، في حين أعادت مدينة ليستر البريطانية وبعض الأحياء في ضواحي العاصمة البرتغالية لشبونة عمليات الإغلاق لاحتواء حالات الإصابة الجديدة بالوباء.
ومع وقوع الكثير من الوظائف في خطر، كانت برامج إجازة العمل المدعومة من الحكومة، أساسية للاستجابة للركود.
فقد وسعت كل من المملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا والنمسا وسويسرا وأيرلندا، نطاق البرنامج حتى نهاية أغسطس على الأقل، وأدخلت فرنسا نسخة جديدة من المخطط الجزئي للإجازة يمكن للشركات استخدامه لمدة تصل إلى عامين، في حين خففت ألمانيا الشروط في برنامج “كورزاربيت” طويل الأمد لتسهيل حماية أجور العمال فترة تفشي الوباء، وستمدد هذا الإجراء إذا لزم الأمر.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس ،حزمة إجراءات جديدة وتمديد بعض الإجراءات القائمة، بقيمة 3.5 مليار يورو تقريبا. وكجزء من تلك الإجراءات سيستمر دعم الحكومة بنسبة 60% لمساهمات الضمان الاجتماعي للموظفين الحاصلين على إجازة دون أجر لثلاثة أشهر أخرى حتى نهاية أكتوبر.
وفي كثير من الحالات، لا يقتصر الأمر على مجرد تقديم الدعم، لكن التعديل مع تطور الوضع.
فقد أوصى معهد “بترسون” للاقتصادات الدولية مؤخرا، بالتحول بعناية من تمويل الاحتفاظ بفرص العمل إلى إعانات الأجور للمساعدة في إعادة الأشخاص إلى العمل.
وأشار المعهد إلى الحاجة لعدم تطبيق عملية إعادة التخصيص المعتادة التي تسمح لبعض الشركات بالانهيار الآن، إذ يرى ضرورة حصول حماية الشركات والوظائف بأولوية أعلى من المعتاد، في ظل الوضع المتطرف وغير المعتاد.
وكان التحدي المتمثل في تخفيف الإجراءات التحفيزية، درسا واضحا منذ فترة طويلة للبنوك المركزية.
فبعد مرور أكثر من عقد على الأزمة المالية العالمية، وجد أن محاولاتها للعودة إلى موقف أكثر طبيعية، في مناسبات مختلفة، قد تعطلت بسبب تباطؤ النمو أو ضعف التضخم أو التقلبات السوقية.
وبالنسبة للحكومات، فإن الحاجة إلى العمل تفوق حتى الآن أي مخاوف تتعلق بالموازنة. فهناك أيضا حجة مفادها أن سحب “العكاز” سريعا بإمكانه إعاقة النمو وإحداث أضرارا أكبر للمالية العامة.
ويمكن النظر إلى إيطاليا، باعتبارها مثال على ذلك. فحتى مع إمكانية ارتفاع نسبة الدين إلى 150% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، إلا أنها مددت إجراءات الإعفاءات الضريبية للشركات وأطالت برنامج إجازة العاملين إلى 18 أسبوعا من 14 أسبوعا.
وفي الوقت نفسه، رغم أن الإجراءات المطبقة في جميع أنحاء منطقة اليورو كانت شاملة، إلا أن لها حدودها، كما أن بعض الصناعات تضررت بشكل كبير.