تسابقت الشركات الصينية لبيع أسهمها في بورصة “وول ستريت” هذا العام، حتى مع تراجع العلاقات بين واشنطن وبكين إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.
وأشارت البيانات الصادرة عن شركة “ديلوجيك” للأسواق العالمية، إلى ارتفاع عدد الطروحات العامة الأولية للشركات الصينية في بورصة نيويورك و”ناسداك” إلى أكثر من الضعف منذ بداية العام الحالي، إذ جمعت الشركات المدرجة ما يصل إلى 2.9 مليار دولار، بزيادة تقترب من 30% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ويمكن أن يرتفع هذا الرقم بشكل كبير بمجرد إدراج مجموعة التكنولوجيا المالية الصينية Lufax هذا العام، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن هذه القفزة جاءت رغم التوترات المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم، مشيرة إلى تراجع أسواق الأسهم العالمية نهاية الأسبوع الماضي بعد إعلان بكين إغلاق قنصلية أمريكية في الصين، مما آثار مخاوف بشأن نشوب حرب باردة جديدة.
وأدى تداعى أسهم صانع القهوة الصيني “لوكين كوفي” المدرجة في بورصة “ناسداك”، إلى إعادة تنشيط حملة واشنطن لسن تشريع من شأنه إيقاف الشركات الصينية من التداول في البورصات الأمريكية بناء على امتثالها لمعايير المراجعة المحلية.
وشددت بورصة ناسداك في مايو الماضي، المتطلبات التي تخضع لها الشركات الساعية لطرح أسهمها في البورصة، وهي خطوة أثرت على مجموعة من الدول، بما في ذلك الصين.
ويعتقد المصرفيون أن حقيقة إدراج 19 شركة صينية في بورصة نيويورك وناسداك هذا العام، بارتفاع من 9 شركات فقط في الفترة نفسها من العام الماضي، تعكس كيفية تفوق أسواق رأس المال الأمريكية الأكثر تقدما على الجغرافيا السياسية.
وقال الشريك في شركة المحاماه “ماير براون”، جيسون إلدر، إن الأسواق الأمريكية تمتلك كميات كبيرة وعميقة جدًا من السيولة، رغم حقيقة أن هونج كونج قطعت شوطا كبيرا في إصلاحات قواعد إدراج الشركات في الأعوام الأخيرة.
وأوضح المصرفيون، أن ارتفاع معدل العائد يأتي ضمن المزايا التي لا تزال تقدمها الأسواق الأمريكية.
وسلط المصرفيون الضوء أيضا على عمق الخبرة بين المحللين في وول ستريت، فقد جاءت العديد من الإدراجات في البورصات الأمريكية هذا العام من شركات صينية مختلفة، كشركات التكنولوجيا الحيوية مثل “Genetron Holdings” المتخصصة في تكنولوجيا تشخيص السرطان، إذ جمعت الشركة أكثر من 250 مليون دولار في ناسداك في يونيو.
وقال إلدر، من “ماير براون”، إن هناك شركات صينية ستستمر في التمتع بدعم الولايات المتحدة لمجرد تغطية القطاع من قبل المحللين، مشيرا إلى أن التكنولوجيا الحيوية تعتبر مثال تقليدي على ذلك.
وأشار أحد المصرفيين الاستثماريين في آسيا، إلى حقيقة أن الخطر الذي تشكله التشريعات الأمريكية فيما يخص إدراج الشركات الصينية في بورصة نيويورك قد يستغرق أكثر من ثلاثة أعوام ليصبح حقيقة.
وجادل المصرفيون بأن السهولة التي تمكنت بها الشركات الكبرى من تنفيذ الطروحات الثانوية بسرعة في هونج كونج خلال الأشهر الأخيرة، عززت أوراق اعتماد تلك الشركات لدى وول ستريت، بينما قال البعض إن الشركات الصينية ليس لديها خوف كبير من الإدراج في بورصة نيويورك لأنها تعلم أن لديها دعما موثوقا من هونج كونج.