«فاينانشيال تايمز»: أى برنامج هيكلة جديد سيأخذ فى اعتباره الأحوال المتدهورة جراء «كورونا»
رغم مرور شهور، إلا أن المفاوضات لا تزال جارية بين الأرجنتين ودائنيها من القطاع الخاص حول إعادة هيكلة الديون المقومة بالعملة الأجنبية والتى تصل قيمتها إلى 65 مليار دولار.
وأوضحت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن الموعد النهائى المقبل للتوصل إلى اتفاق بشأن إعادة هيكلة الديون سيكون اليوم الثلاثاء الموافق 4 أغسطس. ولكن بوينس آيرس تعتقد بإمكانية تمديد المحادثات ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع.
غيرت الأرجنتين بالفعل موقفها إلى حد كبير، فقد قامت بتحسين قيمة الاسترداد المقدمة للدائنين بأكثر من %34 إلى %53.5 من حيث صافى القيمة الحالية باستخدام عائد خروج ثابت بنسبة %10 وذلك فى الفترة بين 21 أبريل الماضى إلى 6 يوليو الماضى.
كما أدرجت البلاد أيضا شرطا لا يمكن التنازل عنه، وهو وضع حد أدنى من المشاركة الإجمالية بنسبة تقدر بـ %50 لإكمال عرضها الأخير فى إعادة هيكلة الديون.
ومع ذلك، رفضت ثلاث مجموعات دائنة عرض الأرجنتين الأخير فى 20 يوليو الماضى، مع الإبقاء على قيمة استرداد الأصول عند %56.5، كما ادعى الدائنون أيضا فى نهاية شهر يوليو أن المؤسسات المالية العالمية التى تمثل %60 من سوق تبادل السندات و%51 من السندات العالمية- فئتا أدوات الدين المعنية- دعمت الاقتراح المضاد، مما يعنى بالطبع أنه لا يمكن الوصول إلى الحد الأدنى من المشاركة الإجمالية التى حددتها الأرجنتين، مما أدى بدوره إلى إلغاء اقتراح إعادة هيكلة الديون الأخير.
ويبدو أن الفشل المحتمل لمحاولة الأرجنتين لإعادة هيكلة ديونها بشكل استباقى لن يشكل أى مفاجئة بالنسبة لتاريخ إعادة هيكلة الديون السيادية، فقد أظهرت التجربة أن- باستثناء عملية إعادة الهيكلة اليونانية البالغ قيمتها 270 مليار يورو فى عام 2012- تخفيف أعباء الديون الكبيرة على الدول السيادية لا يأتى إلا فى سيناريوهات، إذ يأتى التخلف عن السداد بشكل مسبق عن المفاوضات أو عندما يُنظر إلى خطر التعثر فى السداد بأنه احتمال مرتفع بسبب السيادة العنيدة.
ولكن من الواضح أن هذا ليس هو الحال، فقد أشارت الإدارة الأرجنتينية الحالية مرارا وتكرارا إلى نيتها بإعادة هيكلة سريعة ومتفق عليها للديون مع الدائنين الأجانب.
ومع ذلك، تصر الأرجنتين على أن عرضها الأخير للديون هو النهائى ويمثل أكبر جهد يمكن أن تستمر فيه البلاد فى بيئة اقتصادية كلية صعبة ومتدهورة.
مع استمرار تأثير جائحة فيروس كورونا المميت على الناتج الاقتصادى عبر الأمريكتين، والفشل فى خفض عدد حالات الإصابة بالسرعة المأمولة فى العديد من الأماكن، يبدو أن هذه البيئة الكلية ستزداد سوءًا، لكن هذا الأمر ربما يثبت نعمة جيدة بالنسبة للأرجنتين، فالفشل فى التوصل إلى اتفاق مع الدائنين خلال شهر أغسطس سيسمح للبلاد- إذا لم تتحسن التوقعات بشكل كبير- بإعادة تصميم تسلسل استراتيجية المفاوضات المتعلقة بالديون.
الأساس المنطقى لذلك هو أن النظرة الاقتصادية المتدهورة سوف تؤخذ فى عين الاعتبار عند تصميم برنامج جديد مع صندوق النقد الدولى، الذى تصل ديون الأرجنتين له إلى 44 مليار دولار.
كيف يؤثر ذلك على المفاوضات مع الدائنين من القطاع الخاص؟
لفهم ذلك، هناك حاجة إلى النظر فى كيفية تغيير معايير التزام الأرجنتين تجاه صندوق النقد الدولى، حيث لن تأخذ معايير برنامج جديد مع صندوق النقد فى الاعتبار البيئة الكلية الجديدة فقط، بل ستؤدى أيضا إلى تحليل واقعى جديد وشامل للقدرة على تحمل الدين من قبل مسئولى الصندوق.
بالإضافة إلى ذلك، ستقوم إعادة التفاوض مع صندوق النقد بإتاحة التمويل والحماية الممكنة بموجب سياسة الإقراض لسداد المتأخرات لعام 1989. ومن الواضح أن الأرجنتين أصبحت فى وضع يمكنها من إثبات أنها بذلت كل الجهود الممكنة للتفاوض بحسن نية مع الدائنين.
وبالتالى، فإن إعادة فتح المفاوضات فى مرحلة لاحقة، فى إطار برنامج نشط جديد مقدم من صندوق النقد الدولى، أكثر جاذبية، رغم أنه سيكون فى ظل تخلفها عن سداد ديون بقيمة 65 مليار دولار مستحقة لصالح الدائنين من القطاع الخاص.
وذكرت «فاينانشيال تايمز» أن تأجيل المفاوضات مع الدائنين من القطاع الخاص حتى الربع الرابع من عام 2020 أو حتى الثلاثة أشهر الأولى من عام 2021، يشير إلى عيش البلاد فى ظل التعثر فى السداد لمدة ستة إلى تسعة أشهر، ومن الواضح أن هذا أبعد ما يكون عن المثالية.
ومع ذلك، مع استمرار الوباء فى إثارة الغموض حول التوقعات الاقتصادية، يجب أن تحظى فكرة التفاوض على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي- مؤسسة متخصصة فى عملية إعادة الهيكلة للمدينين السياديين على المستوى الدولى لمدة 40 عاما- بأولوية كبيرة بالنسبة للأرجنتين، أما الآخرين فيتعين عليهم الانتظار.