أسعار “السائب” قفزت 25% مع بداية يوليو بسبب زيادة الطلب
رغم التأثيرات السلبية التى لحقت بمعامل الألبان مع بداية أزمة فيروس كورونا، فإنَّ قرار الحكومة التعايش مع الأزمة مؤخراً، ورفع القيود المفروضة على حركة النقل والتجوال، أديا إلى استئناف المعامل نشاطها بكامل طاقتها الإنتاجية، وتصدرها القطاعات التى تعافت من الجائحة بشكل سريع.
وأرجع عاملون فى القطاع، رواج مبيعات منتجات الألبان الفترة الحالية، لانخفاض سعرها من ناحية، وكونها مصدراً رئيسياً للبروتين والكالسيوم، إذ ترفع مناعة الجسم أمام فيروس كورونا.
قال محمد حميدة، صاحب أحد معامل تصنيع الألبان بمحافظة كفر الشيخ، إن صناعة الألبان لم تختلف كثيراً عن صناعات أخرى عديدة شهدت تراجع الطلب عليها مع بداية أزمة كورونا.
وخلال فبراير ومارس الماضيين، توقعت غالبية معامل الألبان، أن انكماشاً سيحدث فى المبيعات.
ومرت أيام صعبة فى أبريل ومايو ويونيو، أى الربع الثانى من العام، إلى أن دخل فيروس كورونا مرحلة الانحسار مع بداية شهر يوليو. لذلك فإن عدداً كبيراً من العاملين تمكنوا من استئناف عملهم بشكل طبيعى قبل انتهاء الأزمة.
وأوضح أن المرحلة الصعبة فى أبريل ومايو ويونيو، بدأت مع قرار الحكومة فرض إجراءات احترازية لمواجهة الجائحة، منها حظر التجوال وتقييد عمليات التوزيع، إذ تعتمد معامل الألبان فى تسويق منتجاتها على المطاعم والفنادق والمستهلكين الأفراد.
وتعرض عدد كبير من المعامل إلى خسائر لعدم وجود فرص تسويقية خارج نطاق المطاعم والفنادق المغلقة.
كشف «حميدة»، أن مصانع الألبان لم تتوقف رغم تفاقم الأزمة، بل لجأت إلى تصنيع الأجبان وتخزينها فى تلك الفترة.. ومع بداية التعافى التدريجى وفتح القنوات التسويقية بدأت التخلص منها، وتقدم حالياً منتجات طازجة أولاً بأول.
أضاف أن صناعة الألبان من أكبر الصناعات الغذائية التى توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، نظراً لكثرة الفاعلين فيها بداية من المنتجين، مروراً بالتاجر الوسيط، ثم إلى معمل الألبان، ومن ثم تتشكل فى صورتها النهائية أو يتم توريد اللبن إلى جهات تصنيع أخرى بعد فرزه.
وعزا أحمد جودة، صاحب معمل ألبان بمحافظة الشرقية، زيادة الطلب على الألبان الفترة الحالية، إلى استئناف عمل المصانع التى تعتمد عليه كمنتج وسيط مثل شركات البسكويت والشيكولاتة.
وأوضح أن قطاع الألبان لم يتأثر بشكل كبير خلال الشهور الماضية، نظراً لانخفاض الكميات المنتجة خلال موسم الصيف مقارنة بموسمى الشتاء والربيع اللذين تتزايد فيهما الكميات المنتجة.
وبحسب دراسة نشرها المركزى المصرى للدراسات الاقتصادية فإنَّ إنتاج اللبن فى الشتاء والربيع يمثل من 65% إلى 75% من إجمالى الإنتاج السنوى من الألبان.
أوضح جودة أن معمله يتخصص فى تصنيع الأجبان البيضاء والرومى، ويتم توريدهما إلى السلاسل التجارية، والمطاعم والفنادق بجانب الشركات المتخصصة فى تصديرها إلى الدول العربية منها السعودية والكويت.
وتتراوح الطاقة الإنتاجية للمعمل بين 400 و500 طن أسبوعياً، ترتفع إلى 1000 طن فى موسم الربيع.. لذلك تحرص المعامل على رفع أسعارها لجذب أكبر عدد من التجار والوسطاء لتوريد ألبان إليها.
وقال أحمد عطا، أحد موردى الألبان إلى معامل تصنيع الجبن، إن أسعار الألبان بنوعيه البقرى والجاموسى قفزت بنحو 25% مع بداية شهر مارس لتسجل 5.5 جنيه للكيلو البقرى مقابل 4 جنيهات و10 جنيهات للجاموسى مقابل 8 جنيهات قبل الأزمة.
وأضاف أن المعامل تعتمد على التجار لتوريد الكميات التى تحتاجها، وتشهد رواجاً فى عمليات التصنيع والمبيعات منذ بداية يوليو، مقارنة بفترة الركود التى خيمت على أغلب المصانع بداية الأزمة.
وتصرف المعامل، مستحقات الموردين بشكل منتظم منذ يونيو، فى حين كانت تتأخر لفترات طويلة؛ بسبب صعوبة تسويق المنتج فى ظل الإجراءات الاحترازية التى فرضتها الدولة، وهذا تسبب فى مضاعفة الأعباء على منتجى الألبان لعدم توافر سيولة مالية لشراء مؤن لمواشيهم.
وقال حسن رؤوف، صاحب وحدة تجميع الألبان بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ، إن صناعة الألبان فى مصر من أهم الصناعات التحويلية لاستيعابها عدداً كبيراً من العمالة ودخولها فى عمليات تصنيعية أخرى.
ويشكل قطاع الصناعات الغذائية أكبر مولد لفرص العمل من بين الصناعات التحويلية، ويعمل به حوالى 25% من إجمالى المشتغلين فى القطاع الصناعى بشكل عام.
“المصرى للدراسات” يوصى بإصدار وتحديث مواصفات منتجات الألبان وإشراك صغار المنتجين فى إعدادها
ويعمل بصناعة الألبان 7% من إجمالى المشتغلين فى الصناعات الغذائية وتشكل 9% من القيمة المضافة فى الصناعات الغذائية، بحسب تقرير نشره المركز المصرى للدراسات الاقتصادية الأسبوع الماضى.
أوضح رؤوف، أن رغبة الحكومة فى منع تجنيس الجبنة «الموتزاريلا» لتسببها فى الإصابة بالسرطان، والاكتفاء بإنتاج جبن بيضاء تعتمد على اللبن الطبيعى فى عملية التصنيع، أدى إلى استخدام كميات كبيرة من اللبن السائب وبالتالى حالة رواج فى عملية التصنيع وحركة البيع.
وأوضح أن أغلب مصانع الألبان تعتمد على نزع الدسم من الألبان وهى القشدة والزبدة واستبدالهما بمواد دهنية.. وأبرز المنتجات المستخدمة كبدائل سمنة «شورتنج».
ولفت إلى أن نسبة الربح فى تصنيع الجبن الموتزاريلا، قد تصل إلى 40% من قيمة المنتج حال اعتمادها على عمليات التصنيع التقليدية، أما حال اعتمادها على الألبان فقط فإن معدل الربح ينخفض لـ 10 و15%.
وتواجه معامل الألبان، مشكلات تتمثل فى كيفية الحفاظ على جودة المنتجات، إذ إن بعض الأمراض التى تصيب الأبقار والجاموس يتطلب علاجها مضادات حيوية تظهر بقاياها فى الإنتاج، مثل مضادات الحمى القلاعية التى تجبر المربين على التخلص من ألبانهم لعدم صلاحيتها.
وأضاف أنه تجرى تحليلات على عينات من الألبان الموردة إليهم، للتأكد من أنها طبيعية وسليمة قبل توريدها للشركات، حتى لا يفقدوا زبائنهم الكبار. فبعض المزارعين قد ينزعون الدسم من الألبان لبيعه قشدة بسعر أعلى.. لذا يجب التأكد من أن اللبن يحتوى على نسب الدهون الطبيعية.
وأوضح المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى تقريره، أن أزمة كورونا أظهرت أوجه الضعف المؤسسى فى صناعة الألبان، والتى تتطلب ضرورة تنظيم العلاقة بين مزارع الألبان والمصانع للوصول إلى صيغة عادلة لسعر توريد اللبن.
وتتطلب أهمية وضع نموذج مختلف لتطوير مراكز تجميع الألبان لدورها المهم فى زيادة الاستفادة من الألبان السائلة من خلال تحسين جودتها وملاءمتها للمواصفات القياسية، ما يؤدى لخفض التكاليف المرتبطة باستيراد اللبن المجفف، وتقديم الدعم الفنى من المؤسسات الحكومية المتخصصة لصغار المزارعين لتحسين جودة الألبان.
وأوصى المركز بالإسراع فى إصدار وتحديث مواصفات خاصة بمنتجات الألبان وإشتراك صغار المنتجين فى اللجان الخاصة بوضع تلك المواصفات.
وأكد ضرورة التفعيل الكامل لهيئة سلامة الغذاء، إذ ما زالت بعض الجهات الرقابية منها وزارتا الصحة والتموين تعمل بشكل منفرد رغم وجود الهيئة، بجانب أهمية تطوير المعامل الحكومية لزيادة دقة النتائج وضمان عدم تعارضها والتقليل من الفترة الزمنية للحصول على النتائج.