ربع المنتجات قد تأتى من دول جديدة خلال الأعوام الـ5 المقبلة
يمكن للشركات أن تحول ربع مصادر منتجاتها العالمية إلى دول جديدة في غضون الأعوام الخمسة المقبلة، وفقا لما وجدته دراسة حديثة أجرها معهد ماكينزي العالمي، وحذر خلالها من أن التهديدات المتزايدة التي تلاحق سلاسل الإمداد يمكن أن تلحق خسائر فادحة بأرباح الشركات.
وقدر معهد ماكينزي، في تقريره الحديث، أن البضائع التي تتراوح قيمتها بين 2.9 و4.6 تريليون دولار، أو التي تستحوذ على ما يتراوح بين 16% إلى 26% من الصادرات العالمية في عام 2018، دخلت ضمن اللعبة.
وأضاف التقرير، أن الاعتبارات المتعلقة بالتكلفة والضغوط الحكومية، للاعتماد بشكل أكبر على الذات، يمكن أن تؤدي إلى انتقال أكثر من نصف عمليات إنتاج الأدوية والملابس إلى دول جديدة.
وتؤكد الدراسة على مدى تسبب أزمة تفشي جائحة “كوفيد-19 ” في إجبار الشركات على إعادة التفكير في الوقت المناسب في سلاسل الإمداد التي أصبح الاقتصاد العالمي يعتمد عليها، والتي تعمل على موائمة طلبات السلع والمواد مع جداول الإنتاج.
ولكن الضغوط، من أجل هذا التركيز الجديد على مرونة سلسلة الإمداد والنزعة الإقليمية، كانت تتزايد قبل تفشي الوباء.
قالت الشريكة في معهد ماكينزي العالمي، ذراع الأبحاث في شركة “ماكينزي أند كومباني” للدراسات والأبحاث، سوزان لوند، إن التوترات التجارية والهجمات الإلكترونية والمخاطر المناخية، بداية من موجات الحرارة وحتى الأعاصير، كلها تعرض الشركات لتوقفات مكلفة بشكل متزايد في العمليات.
ونتيجة لذلك، يمكن للشركات أن تتوقع، في المتوسط، تعرضها لاضطرابات من شأنها أن تدوم لمدة تزيد عن شهر كل 3.7 عام، وذلك سيكلفها أكثر من 40% من أرباح عام كل عقد زمني، وفقا لما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية عن تقرير “ماكينزي”.
وأشارت لوند، إلى أن هذا الأمر يغير الحسابات الخاصة بالاستثمارات في تنويع سلاسل الإمداد أو جعلها أكثر قربا من أرض الوطن، قائلة: “يمكنك الاستثمار في مرونة سلسلة الإمداد مع الاستمرار في الحفاظ على قيمة العمل، فالعملية ليست عبارة عن مقايضة بين الكفاءة والمرونة”.
ونشرت النتائج الرئيسية لدراسة معهد ماكينزي العالمي من خلال مجموعة بوسطن الاستشارية الشهر الماضي، التي أظهرت أن التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن تنكمش بنحو 15% أو ما يقارب 128 مليار دولار بحلول عام 2023، مقارنة بالمستويات التي وصلت لها في 2019.
ووجد تقرير مماثل صادر عن شركة “أيه تي كيرني” للاستشارات الإدارية الأمريكية، في يونيو الماضي، أن الآثار الحادة لتفشي “كوفيد-19 ” ستساعد الشركات في تسريع إعادة التقييم الأساسي لسلاسل الإمداد الخاصة بها، مشيرا إلى أن التكنولوجيا قد قللت بالفعل من أهمية المراجحة العمالية، في حين أن الطلب المتزايد من المستهلكين على التسليم السريع كان يخلق بالفعل ضغوطا على سلاسل الإمداد المتعددة المحلية شبه المحدودة.
ومع ذلك، يحذر بعض المحللين من توقع انعكاس سريع في عقود من العولمة، إذ لاحظت وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد أند بورز جلوبال”، هذا الأسبوع، أن المصنعين الأمريكيين لم يروا سوى خيارات قليلة لاستبدال مورديهم الصينيين.
وبجانب التكاليف الباهظة المحتملة الناتجة عن إيجاد بديل لعمليات التصنيع، قال المحللون في “ستاندرد أند بورز” إن الشركات الأمريكية ربما تتردد في المخاطرة بفقدان الوصول إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وقالت لوند، الشريكة في “ماكينزي”، إن إنتاج كميات كبيرة من المواد سيستمر في الصين نظرا لتواجد أكثر من مليار مستهلك هناك، مضيفة أنها لا تتوقع إعادة عمليات إنتاج الكثير من الشركات إلى الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فقد توصلت العديد من الشركات الأمريكية، على وجه الخصوص، إلى أن سلاسل الإمداد الخاصة بها أصبحت طويلة ومعقدة للغاية، على حد قول لوند.
وأفادت أن الوباء أدى إلى تسريع الاستثمارات الرقمية للشركات، التي تهدف إلى تحسين فهمهم لنقاط الضعف التي تعاني منها سلاسل الإمداد، مضيفة: “عندما أطلب من أمازون، أعرف متى تم استلام الطلب وتحضيره وشحنه.. لكن معظم الشركات لا تستطيع القيام بذلك، لا يمكنني إخبارك بعدد الصناعات التي لا يزال الأشخاص فيها يرسلون الطلبات إلى الموردين عبر الفاكس”.