3 دول آسيوية تمثل الآن نحو ثلثى التكوين الحالى للمؤشر
ربما يعتقد مستثمرو صناديق المؤشرات، الذين يشترون أسهم الأسواق الناشئة العالمية، أنهم يتعاملون بشكل واسع النطاق مع العالم النامى، لكن الأبحاث تظهر أن هذا الأمر بعيد كل البعد عن الحقيقة.
بدلا من ذلك، تتجه الكثير من أموال هؤلاء المستثمرين إلى دول يمكن القول إنها لم تعد ناشئة، بعد أن وصلت بالفعل إلى وضع متقدم فى نظر الكثيرين، ويتركز الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات فى 3 دول فقط.
ووفقا لبيانات بنك “رينيسانس كابيتال” الاستثمارى، الذى يركز على الأسواق الناشئة، تمثل آسيا 78.3% من مؤشر “إم سى إس آى” للأسواق الناشئة، وهو مؤشر الأسواق الناشئة الأكثر استخداما، بينما تمثل الصين وتايوان وكوريا الجنوبية فقط الآن 63.5%.
وأفاد المعلق المستقل جيف دينيس، أن الوضع الحالى يتناقض بشكل كبير مع يونيو 2008، على سبيل المثال، فى ذروة دورة السلع الأساسية وقبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، ففى ذلك الوقت كانت البرازيل تستمتع بالوزن النسبى الأكبر فى مؤشر “إم سى إس آى” بنسبة 17.6%، بينما كانت الدول السبع الأكبر موزعة على أربع قارات، وهى أمريكا الجنوبية وآسيا وأوروبا وأفريقيا، وبلغ مجموع وزنها 78%.
وقال دينيس إن تايوان وكوريا الجنوبية تشكلان الآن نحو ربع المؤشر، وهما دول لا يعتبرها معظم الناس أسواق ناشئة على الإطلاق، مشيرا إلى أن نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى، قدرته بيانات صندوق النقد الدولى عند 31.430 دولار لكوريا الجنوبية و24827 دولار فى تايوان فى عام 2019، فكلاهما متقدم على 23.030 دولار التى سجلتها البرتغال فى نفس العام، والتى تعتبر دولة متقدمة.
وأفاد دانيال سالتر، رئيس استراتيجية أسواق الأسهم فى الأسواق الناشئة فى “رينيسانس كابيتال”، أن الصين تقترب من الاستحواذ على ثلثى المؤشر، جنبا إلى جنب مع تايوان وكوريا، مضيفا: “بناءا على كيفية رؤيتك للأشياء، فهذه اقتصادات آمنة نسبيا ومتفوقة تكنولوجيا نسبيا ومختلفة نسبيا عما قد يعتبره كثير من الناس أسواق ناشئة”.
وتشكل الصين فقط ما يصل إلى 39.1% من المؤشر، وهو مستوى هيمنة لدولة واحدة لم يسبق له مثيل، فقد كان أعلى مستوى حققته أى دولة أخرى هو 24.2% لصالح كوريا الجنوبية فى عام 2002، ووفقا لبيانات “رينيسانس كابيتال”.
وأشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إلى أن صعود الصين كان مذهلا، فقد كانت تستحوذ على 10% فقط من المؤشر فى عام 2006 و20% فى 2014.
ويرجع جزء من صعود الصين إلى قرار “إم سى إس آى” بالبدء فى إدراج أسهم الفئة “أ” المدرجة فى البر الرئيسى الصينى على المؤشر، بجانب تلك المدرجة فى هونج كونج والشركات المدرجة فى نيويورك، مثل “بيدو” و”نت ايز” و”على بابا”.
لكن حتى بعد الانتهاء من عملية إدراج أسهم الفئة “أ” المدرجة فى بورصتى شنغهاى وشينزن نهاية العام الماضى، لا تزال تمثل هذه الأسهم أكثر بقليل من عُشر وزن الصين.
وأوضحت الصحيفة أن ارتفاع القيمة السوقية لهونج كونج والشركات الصينية المدرجة فى الولايات المتحدة، مقابل الأسواق الناشئة الأخرى، عاملا أكثر أهمية بكثير.
وارتفع وزن الصين بشكل ملحوظ منذ بداية تفشى وباء “كورونا”، مضيفًا 4.8% فى الأشهر الستة الأولى من عام 2020 بعد أن كان 34.3% فى بداية العام، ويرجع الفضل فى ذلك إلى جنى مؤشر “إم سى إس آى” للصين 2.8% بالقيمة الدولارية، حتى مع تسجيل كل دولة أخرى مدرجة فى المؤشر خسارة مالية.
وفى الواقع، لحسن الحظ بالنسبة للمستثمرين فى قطاع السيارات التابع لمؤشر “إم سى إس آى” للأسواق الناشئة، كانت الصين وتايوان وكوريا الجنوبية هى أفضل ثلاثة دول مندرجة فى المؤشر من حيث الأداء فى النصف الأول من 2020، مع تراجع الأخيرتين فقط بنسبة 1.7% و7.8% على التوالى.
وانخفض مؤشر “إم سى إس آى” العام بنسبة 10.2%، مع تراجع الهند 16.7% وروسيا 23.3% والبرازيل 37.3%.
وعلى الرغم من استفادة المستثمرون هذا العام من تعرضهم الكبير للصين بشكل خاص، وشرق آسيا بشكل عام، إلا أن الأمور لن تسير على هذا النحو دائما.
وأشار سالتر، فى “رينيسانس كابيتال”، إن الأمور على ما يرام الآن، فقد واجهت هذه الدول فيروس كورونا وسيظهر ما إذا كانت تعانى اقتصاداتها من مشاكل قليلة للغاية، لكن هذا يعنى أن بقية العالم الناشئ متواجد ضمن ثلث المؤشر فقط.
وأوضح المعلق المستقل دينيس: “باتباع مؤشر الأسواق الناشئة، لا يحصل المستثمرون حقا على تمثيل جيد للاقتصادات النامية أو الناشئة، بل إنهم يحصلون على الكثير من آسيا”.
وفى هذا الصدد، علق جارى جرينبيرج، رئيس قطاع الأسواق الناشئة العالمية فى المجموعة المالية “هيرميس”، قائلا إن هناك مزايا وعيوب كامنة خلف التكوين الحالى لمؤشر “إم سى إس آى” المتمحور حول آسيا، فعلى الجانب الإيجابى تعتبر تنمية آسيا من حيث نسبتها من المؤشر دليل على حجم السكان والنموذج الاقتصادى والسياسات الذكية، لكن الجانب السلبى يتمثل فى خسارة المستثمرين للفرص المحتملة.