60 ألف شركة صغيرة ومتوسطة تحت تهديد الإفلاس أو أفلست بالفعل
على الرغم من تطبيق واحدة من أطول عمليات الإغلاق فى العالم وأكثرها صرامة، إلا أن عدد الوفيات فى الأرجنتين يستمر فى الارتفاع، حيث يعتبر معدل الزيادة فى الوفيات اليومية الناتجة عن الإصابة بـ«كوفيد-19» سادس أعلى معدل فى العالم، فقد لقى أكثر من 10 آلاف شخص حتفهم حتى الآن.
ومع ذلك، لايزال معدل الوفيات فى الأرجنتين البالغ 234 حالة وفاة لكل مليون شخص أقل من جيرانها الكبار، فقد تجاوز هذا المعدل حاجز الـ600 حالة وفاة لكل مليون شخص فى كل من البرازيل وتشيلى، لكن العواقب الاقتصادية لإغلاق البلاد كانت وخيمة بشكل خاص.
وقال أندريس بورنستين، الخبير الاقتصادى لدى شركة «Econviews» الاستشارية فى بوينس آيرس، إن الاقتصاد الأرجنتينى تضرر بقوة مضاعفة عن تلك التى تعرض لها جيرانه.
وأشارت دراسة استطلاعية حديثة أجراها البنك الدولى إلى أنه من المتوقع انخفاض الناتج المحلى الإجمالى للبرازيل وتشيلى بنسبة تتراوح بين 5% و6% هذا العام، بينما يتوقع تراجع الناتج المحلى الإجمالى للأرجنتين بنسبة تصل 12%.
وفى الوقت نفسه، كانت المبيعات فى شهر أغسطس أقل بنسبة 27% فى الأرجنتين، مقارنة بشهر فبراير، أى قبل تفشى الوباء، لينخفض بذلك متوسط المبيعات لعام 2020 بنسبة 10.5% مقارنة بالعام الماضى، أما مبيعات التجزئة الأساسية فى البرازيل فقد تجاوزت بالفعل مستويات ما قبل الوباء.
وبدأت الأرجنتين عمليات الإغلاق فى مارس الماضى ومددت تلك الإجراءات حتى 20 سبتمبر على الأقل، لتعتبر بذلك القيود، التى تشمل حظر الرحلات الجوية واللقاءات الاجتماعية والإغلاق المستمر للأماكن السياحية والمطاعم والحانات، هى الأكثر صرامة فى أمريكا اللاتينية، وفقا لما نقلته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وأظهر مؤشر التنقل التابع لـ«جوجل»، الذى يستخدم البيانات من التطبيقات لتتبع تأثير فيروس «كورونا» على تحركات الناس حول العالم، أن الأرجنتين تتمتع بأكبر قدر من تقييد التنقل فى العالم.
ودخلت الأرجنتين أيضا فى أزمة فيروس «كورونا» مع وضع صعب واحد على الأقل، فبعد عقد من الركود الاقتصادى وأزمة العملة التى أصابت البلاد فى 2018 والتى أدت إلى التخلف عن سداد الديون السيادية فى مايو الماضى، قال الاقتصادى بورنستين إن الحكومة لم تكن تمتلك أى موارد لمواجهة الأزمة باستثناء طباعة النقود.
وأوضح أن الحكومة الجديدة التى تفتقر إلى الخبرة، والتى تولت السلطة قبل ثلاثة أشهر فقط من تفشى الوباء فى الأرجنتين فى مارس، كانت بمثابة ضربة مضاعفة لاقتصاد البلاد.
ومما يزيد الأمور تعقيدا، استهداف الحكومة لخفض عجز الموازنة الأولى من حوالى 7% هذا العام إلى 4.5% فى عام 2021.
وفى هذا الصدد، قال بورنستين، الذى توقع ارتفاع التضخم إلى أكثر من 50% العام المقبل: «أى نوع من ثقة السوق التى يمكنك بنائها.. أنت تخبر الناس فعليا أنك ستطبع الكثير من الأموال مرة أخرى العام المقبل»، مضيفا: «إذا كان استقرار العملة هى أحد مشكلات الأرجنتين، فأنت لا تعطى علامات صحيحة».
وفيما يخص الامتثال لقيود الإغلاق، أوضح إدواردو ليفى يياتى، عميد كلية الإدارة الحكومية فى جامعة «توركواتو دى تيلا» فى بوينس آيرس، فى دراسة حديثة شملت 120 دولة، أن الاقتصادات الأكثر فقرا لم تشهد امتثالا ضعيفا لعمليات الإغلاق فحسب، بل تراجع أيضا فى تلك الإجراءات بمرور الوقت.
وذكرت «فاينانشيال تايمز» أن الامتثال لقواعد الإغلاق يمثل مشكلة خاصة فى الضواحى الشاسعة والفقيرة لبوينس آيرس، حيث يتركز أكثر من ثلث الأرجنتينيين الذين يعملون فى القطاع غير الرسمى هناك، ويعيشون أيضا فى ظروف غير مريحة تجعل البقاء فى المنزل أمرا صعبا.
علاوة على ذلك، غالبا ما تكون الإعانات الحكومية غير كافية لتغطية تكاليف المعيشة الخاصة بالعديد من العائلات.
وقال بيدرو كاسكاليس، المتحدث باسم «سى ايه إم آى»، وهو اتحاد أعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم فى الأرجنتين: «إذا خرجت إلى الشوارع، ستجد أنه من الواضح أن هناك انخفاضا كبيرا فى النشاط الاقتصادى».
وأوضح أن 10% من أعضاء الاتحاد، أى ما يقرب من 60 ألف شركة على مستوى البلاد، كانت فى وضع حرج، فقد كانت على وشك الإغلاق أو أغلقت أبوابها بالفعل.
وقال كاسكاليس: «إذا انهارت الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، سينهار الاقتصاد بأكمله»، مشيرا إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة توفر 70% من الوظائف فى الأرجنتين وتمثل 45% من الناتج المحلى الإجمالى للبلاد.
وقال إن القرارات المتعلقة بالإغلاق كانت تُتخذ دائما بنصيحة الأطباء وعلماء الأوبئة والخبراء المتخصصين فى الأمراض المعدية، ولكن ليس مع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم أو الشركات الكبيرة أو العمال، مضيفا: «كان بإمكاننا المساهمة بأفكار لمنع الانهيار الاقتصادى».