تمكن العمال المهاجرون من الدول النامية الآسيوية من إرسال مبالغ مالية طائلة إلى أوطانهم فى الأشهر الأخيرة، ليتحدوا بذلك التوقعات الوبائية ويدعموا اقتصادات الوطن فى الأوقات الحرجة.
ومع ذلك، يرى المتشائمون شيئا آخر فى تلك التحويلات النقدية التى كانت أكبر من المعتاد، حيث يعتقدون أن هناك انهيار قادم ناجم عن سوق العمل القاتم، خاصة فى الشرق الأوسط، وذلك نظرا لرصدهم لتلاشى الفرص بجانب الطلب على البترول، وبالتالى فإن العمال يرسلون الأموال قبل العودة إلى أرض الوطن.
وتتوقع الحكومة الفلبينية، على سبيل المثال، عودة نحو 300 ألف فلبينى فى الخارج إلى بلادهم هذا العام، مع احتمال حدوث عواقب وخيمة، خاصة أن التحويلات النقدية تشكل نحو 10% من الاقتصاد كما أنها دفعت البيزو الفلبينى إلى أعلى مستوياته فى 3 أعوام مقابل الدولار الأمريكى.
وقال توماس إسحاق، وزير المالية فى ولاية كيرالا بجنوب الهند، التى تمثل أكبر حصة من التحويلات النقدية فى البلاد: “الناس يعودون إلى ديارهم، لذلك فهم يرسلون كافة مدخراتهم.
وأشارت وكالة أنباء “بلومبرج” إلى أن الهند تعتبر أكبر مستقبل للتحويلات فى العالم ومورد رائد للعمالة إلى الخليج، وقد جمعت 83 مليار دولار العام الماضى، متجاوزة حاجز الـ51 مليار دولار التى جمعتها من خلال الاستثمار الأجنبى المباشر.
وبشكل عام، ستنخفض التحويلات النقدية إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 12% فى النصف الثانى من عام 2020 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، وفقا لوكالة التصنيف الائتمانى “فيتش”.
وقال جيريمى زوك، المدير فى مؤسسة “فيتش” ومقرها هونج كونج: “سيؤدى ذلك إلى انخفاض التحويلات فى ظل تلاشى العوامل الداعمة المؤقتة”.
وعلى عكس دول أمريكا اللاتينية، التى تواصل الاستفادة من التعافى المؤقت للولايات المتحدة، تعتبر الدول الآسيوية أكثر عرضة للتقشف الاقتصادى فى السعودية وأماكن أخرى فى الشرق الأوسط.
وأشار خورام شهزاد، الرئيس التنفيذى لشركة “ألفا بيتا كور” للاستشارات المالية ومقرها مدينة كراتشى الباكستانية، إلى أن أكثر من 60% من التحويلات النقدية إلى الهند وبنجلاديش وباكستان تأتى من دول مجلس التعاون الخليجى، كما أن المنطقة تعتبر أيضا الوجهة الأولى للعمال القادمين من الفلبين، التى تعتبر واحدة من أكبر موردى العمالة إلى الخارج فى العالم.
ويبدو أن تخفيض الوظائف فى السعودية يستهدف الأجانب فى المقام الأول، حيث تعتقد شركة جدوى للاستثمار ومقرها الرياض أن هناك أكثر من مليون عامل أجنبى سيغادرون سوق العمل السعودى هذا العام.
وتوقع البنك الدولى، فى أبريل الماضى، انخفاض تحويلات العمال الأجانب إلى أوطانهم بنسبة 20% هذا العام، وهو الانخفاض الأكبر منذ عام 1980 على الأقل.
وقال ديليب راثا، كبير الاقتصاديين فى شؤون الهجرة والتحويلات بالبنك الدولى، إن البنك المقرض لم يحدث توقعاته لعكس المرونة الأخيرة، ولكن لا يزال هناك انخفاض منتظر.
وتوقع أن تؤدى معدلات البطالة المرتفعة بين أوساط العمال المولودين فى الخارج فى الدول المضيفة الرئيسية والصعوبات المالية المصاحبة إلى إعاقة تدفق التحويلات النقدية.