3.8 مليار يورو استثمارات القطاع النصف الأول من 2020 بانخفاض من 5.6 مليار فى 2019
يبدو أن شركات التكنولوجيا المالية فى أوروبا تذوقت طعم الدواء الذى كانت ترغب فى منحه لغيرها خلال الأسبوع الماضى، عندما نشر مستشارو الإدارة فى معهد “ماكينزى” العالمى تقريرا يجادلون فيه بأن القطاع يواجه “تهديدا وجوديا”.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن هذا التهديد الوجودى هو بالظبط ما كانت تأمل شركات التكنولوجيا المالية فى إثارته بين شركات التأمين والبنوك ومديرى الأصول الذين سيطروا على عالم المال لفترة طويلة.
ففى ظل أزمة “كوفيد-19” التى استنزفت مواردها المالية، جادل “ماكينزى” بأن بعض شركات التكنولوجيا المالية ستضطر إلى خفض أو تغيير نماذج أعمالها، بينما ينبغى على الآخرين التطلع إلى عمليات الاندماج والاستحواذ أو عقد شراكات.
وكانت التعليقات المتعلقة بالتكنولوجيا المالية على موقع التغريدات القصيرة “تويتر” تدل على الذعر تجاه الشكوك التى جاءت فى الوقت الذى كانت تعلن فيه شركة “كلارنا” للخدمات المالية عن جولة تمويلية كبيرة، حيث قال البعض إن “ماكينزى” كانت تكتب لجمهور من البنوك الكبرى بدلاً من شركات التكنولوجيا المالية الصغيرة.
وقال روب موفات، الشريك فى شركة رأس المال الاستثمارى “بالديرتون كابيتال”، إن “ماكينزى” أخطأت فى تقديراتها للتمويل، مضيفا: “أنظر أمامى وأرى الكثير من جولات التمويل الجيدة، فسوق التمويل يبدو وكأنه قويا حقا بالنسبة لى”.
وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن بعض جولات التمويل الضخمة للتكنولوجيا المالية الأوروبية فى الأشهر القليلة الماضية تدعم مزاعم “موفات”، حيث جمعت منصة صرف العملات الأجنبية “ريفوليت” أموال بتقييم يزيد عن 5 مليارات دولار هذا العام، بينما جمعت مجموعة المدفوعات الهولندية “مولى” ما يصل إلى 90 مليون يورو بداية سبتمبر الجارى.
وفى الوقت نفسه، قال توندى أولانريواجو، الشريك البارز فى “ماكينزى”، إن بعض الأوضاع المتعلقة بالتمويل والأوضاع الأوسع نطاقا تؤثر على الخدمات المالية، بل تجعل الوضع صعبا بالنسبة للكثير من الشركات، مشيرا إلى مدى صعوبة تحقيق أرباح فى ظل هذه الظروف.
وسلط تقرير “ماكينزى” الضوء على بيانات تظهر انخفاض الاستثمار الرأسمالى فى شركات التكنولوجيا المالية الأوروبية من 5.6 مليار يورو فى النصف الأول من عام 2019 إلى 3.8 مليار يورو فى نفس الفترة من عام 2020، كما انخفض الاستثمار فى شهرى يوليو وأغسطس بشكل أكثر حدة من ذلك، فقد انخفض إلى النصف تقريبا.
ويعتقد “أولانريواجو” وزملاؤه أن قطاع التكنولوجيا المالية فى أوروبا سيحتاج إلى تمويل بقيمة 5.7 مليار يورو حتى يستطيع إكمال طريقه إلى النصف الثانى من العام المقبل، لحين عودة الحياة الاقتصادية إلى وضعها الطبيعى، لكن ليس من الواضح بعد من أين ستأتى هذه الأموال.
ومن المؤكد أن شركات التكنولوجيا المالية غير متساوية فى حجم المعاناة التى تمر بها، فالشركات التى استطاعت مؤخرا تأمين التمويل اللازم أو حققت أرباحا بالفعل ستكون فى وضع أفضل لتحمل أى تباطؤ فى سوق جمع الأموال.
ومن جانبها، وافقت تارا ريفز، الشريكة فى شركة “أو إم إى آر إس فينتشرز” ومقرها لندن، على أن بيئة التمويل بالنسبة لأى عمل تجارى يتكبد خسائر على المدى الطويل تعتبر صعبة للغاية فى الوقت الراهن.
ومن المحتمل أيضا أن تتأثر القطاعات الفرعية فى مجال التكنولوجيا المالية بالأزمة بشكل مختلف، حيث يقول المحللون فى “ماكينزى” إن التكنولوجيا التنظيمية والمدفوعات الرقمية والاستثمارات الرقمية يجب أن تعمل بشكل جيد، فى حين أن المقرضين من الأقران والبنوك الرقمية قد يعانون فى ظل انخفاض أسعار الفائدة وحجم القروض.
وتقدر “ماكينزى” أن خسارة البنوك الرقمية الأوروبية مقابل كل عميل ستزداد من قيمة تتراوح بين 10 و60 يورو قبل الأزمة إلى ما يتراوح بين 20 و75 يورو.
وذكر تقرير “ماكينزى” أنه حتى قبل أزمة “كوفيد-19″، كانت قدرة البنوك الرقمية الأوروبية فى الوصول إلى نطاق مربح ليست بالمهمة السهلة.
وأوضح التقرير أنه فى ظل بيئة التمويل المتعاقد عليها، لا يمكن للعديد من البنوك الرقمية الحفاظ على نموذج أعمال يستهلك النقد على المدى المتوسط.
وردا على ذلك، سيتعين عليهم تغيير موقفهم تجاه النمو، فقد قال “أولانريواجو”، الشريك فى “ماكينزى”، إن العديد من شركات التكنولوجيا المالية كانت تحاول بالفعل مطاردة النمو، لكن ما يثير القلق حقا هو غياب التدفقات النقدية الكافية واللازمة لدعم الجذب المستمر للعملاء على المدى القصير، وبالتالى سيكون هناك حاجة للتركيز بشكل أكثر على محاولة جنى الأموال من العملاء الحاليين.