تراجع تكلفة الأموال فى 15 بنكاً بوتيرة أسرع من انخفاض إيرادات الفوائد
قال مصرفيون ومحللون، إن البنوك استعدت مبكرًا لمرحلة خفض الفائدة منذ مطلع 2018، عبر إدارة هيكل آجال الأصول والالتزامات لديها، والتحول نحو الأوعية الادخارية متغيرة العائد، ومنخفضة التكلفة، واجتذاب إيداعات الشركات لتقليل تكلفة الأموال.
وتوقعوا أن يسهم زيادة نمو الائتمان خاصة ضمن مبادرات البنك المركزي فى الموازنة مع تكلفة الأموال إثر الانتقال السريع لسعر الفائدة على قروض الشركات والاستثمارات في أدوات الدين الحكومي قصير الأجل والودائع متغيرة العائد المربوطة بالكوريدور لدى البنك المركزي.
وكشف مسح أجراه “بنوك وتمويل” على قوائم الدخل لدى 18 بنكًا نجاح 15 بنكاً منها فى السيطرة على تكلفة الأموال بوتيرة أسرع من الانخفاض فى العائد.
ونمت تكلفة الأموال لدى بنك أبوظبى الإسلامى 8% فى الوقت الذي ارتفعت فيه إيرادات المرابحات والعوائد المشابهة بوتيرة أقل عند 6%.
وارتفعت تكلفة الأموال لدى بنك فيصل الإسلامى 6.6% فى الوقت الذي تراجعت فيه إيرادات المرابحات والعوائد 0.1%.
ويعكس ارتفاع تكلفة الأموال بوتيرة أكبر من الزيادة فى إيرادات الفوائد، انكشاف البنك أكثر لمخاطر أسعار الفائدة، وتراجعت تكلفة الأموال لدى 15 بنكًا بين البنوك محل المسح، بوتيرة تراوحت ما بين 11% و31.4%، خلال النصف الأول من العام الحالى، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، لكن مدير قطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة، يرى أن انخفاض مدفوعات الفوائد لدى البنوك، لا يتناسب مع تراجع أسعار الفائدة 5% منذ يونيو 2019.
أوضح أن التراجع فى تكلفة الأموال يعكس خفض الفائدة اواخر العام الماضي، بالإضافة إلى جزء بسيط من الـ3% الاستثنائية التى أقرها المركزي فى مارس، مشيرًا إلى أن ذلك له عدة أسباب أولها المنافسة مع البنوك العامة فى ظل شهادة قصيرة الأجل يصل عائدها إلى 15%، وكذلك شهادة طويلة الأجل بفائدة 12%، وهو عامل مهم للبنوك.
أضاف أن السبب الثانى، هواتجاه البنوك للتنافس على مدخرات الشركات خاصة فى الحسابات الجارية وطرح فوائد مرتفعة عليها، حتى أن بعض البنوك رفعت الفائدة على ذلك المنتج، بجانب التنافس على مدخرات صناديق الاستثمار.
تابع: “والسبب الثالث هو هيكل ودائع كل بنك ومدى سيطرة حسابات التوفير والحسابات الجارية على محفظة الودائع، وكذلك حصة الشهادات متغيرة العائد، والتى كلما زادت تكون وتيرة انتقال إثر قرارات السياسة النقدية.
وقال البنك التجارى الدولى فى تقرير مجلس إدارته، إن مواصلة الأداء المرن خلال الربع الثانى من العام، محققًا نمواً مرتفعاً مع الحفاظ على المستوى المالى دون أى تأثير، يعكس المركز القوى الذى كان عليه البنك قبل الأزمة.
أوضح أن القوة مبعثها ميزانية البنك خلال السنوات الماضية، والتى ركزت على الشركات ذات الملاءة المالية المرتفعة والتركيز الأكبر على السندات طويلة الأجل، والتى حمت ربحية البنك فى مواجهة الانخفاض الحاد فى أسعار الفائدة.
قال شهاب محمد، محلل قطاع البنوك في بنك الاستثمار برايم، إن إلغاء الشهادات مرتفعة العائد يحرر تسعير فوائد الأوعية الادخارية لدى البنوك الأخرى وهو بدوره ما يخفض تكلفة الأموال لديها ويقلل الضغوط على هوامش الأرباح التي تأثرت بالفعل نتيجة التوسع في تكوين المخصصات لمواجهة تحديات كورونا.
في حين رأى أحمد الخولى رئيس قطاع الخزانة السابق ببنك التعمير والإسكان، أن تسعير البنوك للفائدة على اوعيتها الأدخارية غير مرتبط بسعر الفائدة على أوعية الأهلى ومصر.
وأضاف الخولى، أن قرار البنك المركزى بخفض الفائدة هو المحرك الأساسى لتوجهات البنوك الفترة المقبلة، وقال الخولى إن تكلفة الأموال المتحكم الأول فى تسعير الفائدة على الأوعية الادخارية للبنوك، حيث ان البنوك التى لديها سيولة جيدة تكفى لمتطلبات العملاء وتوسعات البنك فلا يوجد سبب للاحتفاظ بسعر فائدة مرتفع حينذاك.
وأشار إلى أن تسعير الفائدة على الحساب الجارى وغيره من المنتجات يختلف من بنك لآخر وفقاً لاحتياجات كل بنك من هيكل الودائع واستهدافاته الاستثمارية والتمويلية.
وأوضح أن معدلات الادخار الفترة المقبل سترتبط بمعدلات تعافى الاقتصاد وهذا ما وصفة بالطببيعى فى ظل انفتاح الأسواق وتعافى الاقتصاد التدريجى وهى ظاهرة صحية للاقتصاد والاستثمار بشكل عام.
واستبعد الخولى حدوث انعكاس سريع لتراجع تكلفة الأموال على أرباح البنوك التى تخفض أو تلغى الشهادات مرتفعة العائد، حيث ان هناك مدخرات طويلة الأجل مربوطة بفائدة مرتفعة وهو ما سيجعل تراجع تكلفة الأموال أو ارتفاع هامش ربحية البنوك بطىء وفقاً للآجال المربوطة بها المدخرات.
وقال نائب رئيس أحد البنوك الحكومية، إن توسع البنوك فى النمو بحجم قروضها خاصة تحت مبادرات البنك المركزي خلال الفترة الأخيرة، سيعوض تراجع إيرادات الفوائد نتيجة خفض المركزي الفائدة 3.5% منذ بداية العام.
وخلال الشهور الـ6 الأولى من العام نمت القروض البنكية 16.5% بعدما وصلت إلى 2.18 تريليون جنيه مقابل 1.87 تريليون جنيه فى ديسمبر بزيادة 310 مليارات جنيه.
أوضح أن فائدة أذون الخزانة مرتبطة أكثر بحالة عدم اليقين العالمي، ووضع السيولة فى السوق ووتيرة عمليات ربط السيولة لدى البنك المركزي، لذلك خفض الفائدة لن ينعكس عليها بشكل كبير، معتبرًا أنه معنوي أكثر، مشيرًا إلى عدم انعكاس خفض مارس التاريخى على فوائد أذون الخزانة.
وذكر أن البنوك استعدت لخفض الفائدة منذ بدء دورة التيسير النقدي، عبر زيادة حصة حسابات التوفير، والتوجه نحو الالتزامات قصيرة الأجل أكثر مع التوظيف فى الآجال طويلة الأجل والتوسع فى طرح الشهادات متغيرة العائد.
ويطرح 27 بنكًا ما يزيد على 36 شهادة ذات عائد متغير مربوط بالكوريدور، بجانب هامش ثابت للعميل أعلى أو أدنى من سعر الفائدة.
وقال إن تعليمات البنك المركزى التى أقرها قبل عامين والخاصة بمواجهة التقلب فى أسعار العائد، لمحفظة الاقراض الزمت البنوك بالاحتفاظ برؤوس أموال إضافية حال اتساع فجوة الآجال ومتوسط الفائدة المدفوعة والمحصلة على كل أجل، ما جعل البنوك محصنة أكثر فى مواجهة الانخفاض الكبير فى أسعار الفائدة على مدار الشهور الماضية.