6 دول ناشئة تساهم فى 40% من إجمالى الانبعاثات الكربونية خلال 2019
من الناحية التاريخية والمعاصرة، ظل مسار اقتصادات العالم ومشهد الطاقة العالمى بشكل كبير تحت إشراف أكثر الدول تقدما فى أوروبا وأمريكا الشمالية، لكن بينما تتطور الاقتصادات الناشئة، مثل الصين والهند والبرازيل، وتتحول إلى مناطق حضرية وتنمو بوتيرة غير مسبوقة حقا، يمكن أن يتغير العالم الذى نعرفه اعتمادا على قرارات هذه القوى العالمية الجديدة.
ويعتبر هذا الأمر صحيحا بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالتحول العالمى للطاقة النظيفة ومكافحة التغييرات المناخية الكارثية، التى لن تنجح إلا فى حالة عمل كافة القوى العالمية سويا للحد من الانبعاثات الكربونية وخلق خارطة طاقة أنظف وأكثر ملائمة للبيئة.
ويعتمد نجاح هذا المشروع التعاونى أيضا بشكل كبير على ابتكار تقنيات جديدة للطاقة النظيفة والتمويل والبنية التحتية لتوسيع نطاقها، وفقا لما ذكره موقع “أويل برايس” الأمريكى.
وبالنسبة للاقتصادات الناشئة، مثل الصين والهند والبرازيل، فهى تأتى ضمن دول أخرى تنمو اقتصاداتها الصناعية وبالتالى بصماتها الكربونية بوتيرة سريعة، لكنها غالبا ما تفتقر إلى التمويل من أجل البحث التكنولوجى المبتكر، فضلا عن البنية التحتية والقدرة على التنفيذ.
ولكن هذا لا يعنى أن تلك الدول لا تعمل على الابتكار أو تنفيذ الطاقة النظيفة على الإطلاق، فهى بالتأكيد كذلك، فقد سعت الصين بشدة لتقليل بصمتها الكربونية وتعهدت بالوصول إلى حياد الكربون بحلول عام 2060، وهو هدف نبيل للغاية يعتمد على توسيع نطاق الطاقة النووية والمتجددة، كما تجاوزت الهند أيضا أهدافها الخاصة بالحد من الانبعاثات الكربونية وتعهدت باستبدال الكثير من استهلاكها للفحم ببدائل أنظف للطاقة.
ومع ذلك، تكمن المشكلة فى أن نمو تلك الاقتصادات الناشئة سريع للغاية لدرجة أن الطلب على الطاقة يفوق ببساطة نمو البنية التحتية الخاصة بالطاقة النظيفة.
وساهمت 6 من هذه الاقتصادات الناشئة، وهى البرازيل والصين والهند وإندونيسيا والمكسيك وجنوب أفريقيا، بأكثر من 40% من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون العالمى فى عام 2019، وهو ما يعتبر 1.5 ضعف الانبعاثات الإجمالية الناتجة عن الولايات المتحدة وأوروبا، لكن فى الوقت ذاته كانت تأتى الصين والهند والبرازيل فى المرتبة الأولى والرابعة والسادسة من حيث المنتجين للكهرباء المتجددة، وفقا لما ذكرته مجلة “ذا كونفيرسيشن” مؤخرا بناء على بيانات صادرة عن الاستعراض الإحصائى لشركة “بريتش بتروليوم” لعام 2020.
وتجادل مجلة “ذا كونفيرسيشن” أن هذا الوضع يضع اقتصادات هذه الدول الثلاثة – أكبر ثلاثة اقتصادات ناشئة – فى صلب قضية التحول العالمى للطاقة النظيفة، وبالتالى تمر الآن كلا من الصين والهند والبرازيل بمنعطف حاسم، حيث تواجه إمكانات هائلة لتصبح ضمن الدول المبتكرة الرئيسية فى تطوير تكنولوجيا الطاقة النظيفة، وهم يبذلون بالفعل جهودا جادة للقيام بذلك.
وفى الهند، على الرغم من عدم وجود دفعة كبيرة فى مجال الطاقات المتجددة حتى الآن، إلا أن هناك جهودا متضافرة لتحسين كفاءة الطاقة، فعلى سبيل المثال كانت هناك حملة ضخمة لطرح كميات كبيرة من مصابيح الصمام الثنائى الباعث للضوء، أو ما يعرف بمصابيح الليد “LED”، على مدى 5 أعوام، مما يؤثر بشكل كبير فى استهلاك الطاقة فى البلاد، حيث تعتبر مصابيح الليد أكثر كفاءة فى استخدام الطاقة وعمرها الافتراضى أطول من الأنواع الأخرى من المصابيح الكهربائية.
ووفقا لتقرير “ذا كونفيرسيشن”، فى الوقت الذى قد لا يكون هذا البرنامج هو الأكثر جاذبية لتوفير الطاقة، إلا أنه يحقق تقدما جادا، حيث يُقدر أن انتقال الهند لاستخدام مصابيح الليد يساهم فى توفير أكثر من 40 تيراوات فى الساعة من الكهرباء بشكل سنوى، وهو ما يكفى تقريبا لتشغيل 37 مليون منزل هندى متوسط أو الدنمارك بأكملها لمدة عام واحد.
وتجدر الإشارة إلى أن حصة الهند فى سوق مصابيح الليد العالمى نمت إلى نحو 10% خلال الثلاثة أعوام الماضية.
أما فى الصين، كان هناك جهد كبير لتوسيع صناعة الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى التوسع الهائل فى الطاقة النووية، حيث أصبح ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، أكبر مُصنع منفرد فى العالم وأكبر سوق للخلايا والوحدات الكهروضوئية الشمسية، لتصبح مسؤولة الآن عن 69% من إنتاج العالم بأكمله، كما أنها مسؤولة بشكل كبير عن الانخفاض العالمى فى تكاليف الألواح الشمسية.
وفى الوقت الذى لم تكن فيه الطاقة المتجددة وتغيرات المناخ بالتأكيد على رأس قائمة أولويات الرئيس البرازيلى جاييربولسونارو، إلا أن هناك قصة نجاح كبيرة يمكن روايتها عن صناعة الوقود الحيوى فى البرازيل، وهو ما تصفه مجله “ذا كونفيرسيشن” بأنه “نمو البرازيل طويل الأجل لتصبح أكبر منتج ومصدر وسوق للوقود الحيوى “الإيثانول” المصنوع من قصب السكر”.
وتوضح دراسات الحالة عددا من الدروس الهامة، والتى تدور حول أن الاقتصادات الناشئة ضرورية لتحقيق أهداف التغيرات المناخية العالمية، فهم يبذلون جهودا للارتقاء إلى المستوى المطلوب، لكن هذه الإجراءات لم تقترب من الحد الكافى ولم يتم إنشاء كافة حلول الطاقة النظيفة على قدم المساواة.