يجب التوصل لاتفاق قانونى مُلزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بما يحفظ الحقوق والمصالح المشتركة مع عدم اتخاذ أية قرارات أُحَادية
قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إن محور المياه يعد من أهم ركائز الأمن القومى المصرى، حيث ترتبط خطط التنمية المستدامة الشاملة فى جميع المجالات بِقُدرة الدولة على توفير الموارد المائية اللازمة لتنفيذ هذه الخطط.
أضاف أن الدولة تسعى الدولة جاهدةً للحفاظ على الموارد المائية، وتعظيم الاستفادة منها، حيث بلغ إجمالى ما أَنفقته الدولة فى قطاع مياه الشرب والصرف الصحى 124 مليار جنيه خلال السنوات الست الماضية، مُقَسمة على قطاعات مشروعات مياه الشرب ومعالجة الصرف الصحى.
وتابع مدبولى: “وصلنا إلى نسبة 99% فى تغطية مياه الشرب على مستوى الدولة، فالمدن مغطاة بنسبة 100%، وفى القرى يتم استكمال العمل لتوصيل الخدمة لها، أما قطاع الصرف الصحى، فقد تم الوصول إلى نسبة تغطية 65% على مستوى الجمهورية من إجمالى سكان مصر”.
وأشار إلى أن الدولة تبنت برنامجاً طموحاً لمضاعفة كميات المياه المحلاة، لاستخدامها فى قطاع مياه الشرب باستثمارات تبلغ 135 مليار جنيه حتى عام 2030.
وألقى رئيس مجلس الوزراء، كلمة مسجلة، خلال افتتاح أسبوع القاهرة للمياه 2020، حيث نقل للحضور، تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، وتمنياتِه بالتوفيقِ والنجاح للفعاليات، كما أعرب عن سعادته بافتتاح أسبوع القاهرة للمياه للعام الثالث على التوالى، بعد النجاح الذى تحقق فى النسختين السابقتين لعامى 2018 و2019.
وأضاف أن اختيار محطة معالجة مياه مصرف المحسمة بالإسماعيلية، لتكون مشروع العام كأفضل عمل إنشائى فى العالم فى عام 2020، جاء تتويجاً لجهد الدولة فى تبنى العديد من مشروعات إعادة الاستخدام، والتى تساهم فى سد العجز المائى الذى تُعانى منه البلاد.
وأوضح مدبولى أن المناطق التى تُعانى من ندرة المياه، تتصاعد بها المنافسة على المياه على كافة المستويات من المجتمعات والقطاعات والبلدان، حيث يُعْتبر التحدى الأعظم للدول هو الموازنة بين الاحتياجات المائية والموارد المحدودة، إلى جانب التحديات المتعلقة بإدارة الموارد المحدودة على المستويين المحلى والإقليمي، كما أن الإخفاق فى معالجة تلك التحديات سيؤثر بشكل مباشر على السلام والأمن الدولى.
وقال إن التعاونَ هو الطريقُ الأكثرُ أمانًا وَسِلمًا على جميع المستويات، فهناك حاجة ماسة إلى إيجاد مِنَصة للتعاون وتبادل الآراء، والمشاركة فى مناقشات موضوعية للشروع فى حلول عادلة ومستدامة، فالعالم اليوم يواجه تحديات تتعلق بالمورد الأكثر نُدرة والأكثر أهمية على الإطلاق، وتحديات باتت تُهَدد دُولَ العالم الأكثر جفافاً، وأصبحت تُثْقِلُ كَاهِلَ الحكومات، خاصة فى ظل تأثير التغيرات المناخية والزيادة السكانية.
وأشار إلى أنه عند الحديث عن المياه، فإننا بالقطع نتحدث عن القطاعات التى تتأثر بها، مثل الغذاء، والطاقة، والبنية التحتية، والصناعة، والصحة، والتنمية الحضرية، وكافة الأنشطة الاقتصادية.
وقال رئيس الوزراء إنه من الضرورى أن تَسْتخدم الحكومات على كل المستويات، كافة الأدوات التى تساعد على تحقيق الأمن المائى، مثل التخطيط المكانى، والتخطيط الحضرى، والتقييم البيئى الاستراتيجى، والتخطيط للتكيف مع تغير المناخ، آخذين فى الاعتبار احتياجات وأولويات القطاعات الاقتصادية المختلفة، وذلك لضمان حياة كريمة مستدامة للأجيال الحالية، وكذلك الحفاظ على الموارد المائية للأجيال القادمة.
وَأكد َحرص مِصر دائما على تعزيز التعاون مع كافة الدول على المستويين الاقليمى والدولى فى كافة المناحي، مع إعطاء أولوية خاصة للتعاون مع دول حوض النيل وأفريقيا والمنطقة العربية.
ولفت مدبولى إلى أن مصر حَرَصَت خلال فترة رئاستها للاتحاد الإفريقى وبالمشاركـة مع الأشقاء، على ترسيخ مبدأ “الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقيـة”، حتى يتسنى اعتماد مُقَاربة شاملة، تستهدف إرساء دعائم التنمية، من خلال رؤية قارية، تستند إلى مُقَومات التاريخ المشترك وَوِحدة المصير، وَإِعلاءِ مصالح الشعوب.
أضاف أن ذلك يشمل تعزيز التعاون فى إدارة الموارد المائية المشتركة العابرة للحدود، مؤكداً فى هذا الصدد على أهمية تعزيز التعاون بين كافة الدول ذات الموارد المائية المشتركة، بما يعود بالنفع على الجميع، وفى الوقت نفسه لا يسبب أضراراً لأى من هذه الدول، وذلك فى إطار احترام مبادئ القانون الدولى المنظمِ لهذا الأمر.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن هذا الأمر ينطبق على سد النهضة، مؤكداً فى هذا السياق بشدة على ضرورة التوصل لاتفاق قانونى مُلزم، حول قواعد ملء وتشغيل السد بما يحفظ الحقوق والمصالح المشتركة، مع عدم اتخاذ أية قرارات أُحَادية من شأنها التأثير سلباً على الاستقرار بالمنطقة.
وقال مدبولى: “مِصرُ حَريصةُ كُلَّ الحرص على استمرار عملية التفاوض مع كل من السودان وإثيوبيا للوصول إلى ذلك الاتفاق المُلزم”.
أضاف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، قد أكد فى كلمته التى ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن مِصْرَ سَعَتْ على مدار عقود، إلى تعزيز وتعميق أواصر التعاون مع أشقائها من دول حوض النيل، التى ترتبط معهم بعلاقات أزلية، وأن استمرار التعثر فى المفاوضات حول سد النهضة، سيكون له انعكاسات سلبية على الاستقرار والتنمية فى المنطقة عامة وفى مصر خاصة، مشدداً: “مع إقرارنا بحق إثيوبيا فى التنمية، فإن مياه النيل بالنسبة لمصر.. مَسْألة حياةٍ، وقضيةَ وُجود”.
ودعا رئيس الوزراء الخبراء والفنيين إلى الخروج بتوصيات يُمكن البناءُ عليها فى قضايا المياه المشتركة العابرة للحدود، وخاصة أن التصرفات أحادية الجانب لدول المنابع سَـتُؤدى حَتْماً إلى نتائجَ سلبية تُهددُ السلم العالمى.
وأكد أننا نرى الآن الكثير من دُول المنابع تُحاول أَن تَبْسُطَ هَيْمنتهما على الأحواض المائية لكثير من الأنهار فى عالمناً العربى، ليس فقط لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وإحياء المشروعات الزراعية، بل للسيطرة على التدفقات المائية وإلحاق الضرر بدول المصب المُتشاطئة، وهكذا يتم تشكيل الجغرافيا السياسية لأحواض الأنهار، من خلال المصالح الوطنية لدول المنبع غَير عابئةٍ بدول المصب.
وأضاف مدبولى أن المياه هى الإرثُ المُشترك للإنسانية، وهى أهم حق من حقوق الإنسان، فَدَعُونا نَعملُ جاهدين على استكمال مسيرة التنمية، لمواجهة كافة التحديات والصعوبات سوياً لتجنب الصراعات، لافتاً إلى أن مصر وَهَبَهَا اللُه نِعمةَ المياه لنحافظ عليها، وأن تكون سببا لرخاء الأمم، وضمان حياه كريمة للأجيال القادمة.
وقال إن “أسبوع القاهرة للمياه 2020” يعقد تحت شعار (الأمن المائى من أجل السلامة والتنمية بالمناطق القاحلة) وتتضمن الجلسات طَرْحَ مجموعة من أهم القضايا الإقليمية للمناطق التى تعانى من ندرة المياه.
والجدير بالذكر أن هذا الأسبوع يُعَد تمهيداً للمنتدى العالمى للمياه بالعاصمة السنغالية داكار2021، الذى تستضيفه أفريقيا بعد فترة انقطاع دامت أكثر من عشرين عاما، منذ انعقاد المنتدى العالمى الأول للمياه فى المغرب عام 1997، مما سَيُعزز من الجهود الدولية الرامية لإيجاد حُلول ومُقترحات لتحقيق الأمن المائى، والذى سيكون له بالغُ الأثر فى تجنيب العالم مخاطر الصراعات الدولية، وَيُسْهمُ بشكل كبير فى تحقيق السلام ويعمل على تَسْريع وَتِيرة التنمية.
وأشار مدبولى إلى أن أسبوع القاهرة للمياه فى نسخته الثالثة يأتى لِيُسْهم بشكل كبير فى تعزيز رؤية مصر 2030 على المستوى الإقليمى والدولي.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة وضعت رؤية مصر 2030، بهدف جعل مصر فى مَصَافِ الدول المتقدمة على مستوى العالم، من خلال مضاعفة الرقعة العمرانية لاستيعاب الزيادة السكانية الكبيرة المتوقعة، وَيشمل ذلك مُعَالجة المشكلات الناجمة عن زيادة الكثافات السكانية فى العديد من المدن، عبر انشاء مجموعة من المشروعات القومية الكبرى، سواء مشروعات المدن الجديدة، والاستصلاح الزراعي، ومشروعات تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحى والزراعي، ومشروعات الطرق الرئيسية والسريعة، مع توفير المرافق والبنية الأساسية لهذه المشروعات.
كتبت: إيمان السيد