فيتش سوليوشنز: المركزى سيبقى على المعدلات الحالية رغم تراجع التضخم
الإمارات دبى الوطنى: التضخم الأقل من المتوقع يفسح المجال أمام خفض الفائدة الاجتماع المقبل
يقترب العام الحالى من نهايته، وتبقى خلاله اجتماعين للجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى، فى نوفمبر وديسمبر.
وانقسمت التوقعات حول ما إذا كان هناك تخفيض قادم فى أسعار الفائدة خلال هذين الاجتماعين، فى ظل تراجع التضخم دون المستويات المستهدفة من البنك المركزى.
السيطرة على التضخم
ويعد استهداف التضخم ضمن نطاق محدد هدف أساسي للسياسة النقدية فى مصر، ورجح البنك البنك المركزي تسجيل التضخم السنوي فى الحضر معدل أقل من المتوسط المستهدف البالغ 9% خلال الربع الأخير من العام الجارى 2020.
وسجل الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين، الذى أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، معدلاً شهرياً 0.3% فى سبتمبر الماضى مقابل معدل (صفر) فى ذات الشهر من العام الماضى، فيما سجل المعدل السنوى للتضخم العام 3.7% فى سبتمبر 2020 مقابل 3.4% فى أغسطس وتوقع المركزي، عبر تقرير السياسة النقدية الأخير أن يحوم التضخم العام السنوى حول الحد الأدنى للمعدل المستهدف البالغ 9% (يزيد أو يقل بنحو 3%) فى المتوسط خلال الربع الرابع من العام الحالى.
ورغم أن التضخم بات أقل من نطاق مستهدفات البنك المركزي خلال الربع الثالث من العام الحالي، لكن فيتش سوليوشنز توقعت تثبيت أسعار الفائدة على الجنيه خلال المتبقى من العام الحالي، على أن نشهد على المدى الطويل تخفيضًا تدريجيًا، وتوقعت ارتفاع نمو الأسعار بشكل متوازن خلال المتبقى من العام.
أوضحت أن نمو الأسعار سيأتى مدعومًا بأثر سنة الأساس غير المواتى، والتعافى التدريجي للنشاط الاقتصادي، ما يدفع التضخم للوصول إلى 5.3% بنهاية العام الحالي، وهو مستوى قريب من مستهدفات المركزي.
وتوقعت خفض المركزي الفائدة 0.5% خلال 2021، لتصل فائدة الإيداع لليلة واحدة لدى البنك المركزي 8.25% وفائدة الإقراض 9.25%، بدعم من استمرار التضخم حول 6% فى المتوسط وفق توقعاتهم.
لكنها ذكرت أن تباطؤ معدلات التضخم قد تدفع صندوق النقد الدولي لحث المركزي على مزيد من خفض الفائدة خلال الاجتماع المقبل، لتشجيع الإقراض ودعم النشاط الاقتصادى فى مواجهة فيروس كورونا، وفقاً لما نص عليه اتفاق الاستعداد الائتمانى الموقع مع صندوق النقد الدولي والذي يلزم المركزي بالتشاور مع الصندوق حال تراجع التضخم عن 4%.
ويرى بنك الإمارات دبى الوطنى، أن تباطؤ التضخم بصورة أكبر من المتوقع سيعزز موقف المركزي فى خفض الفائدة خلال العام الحالي، مع الاحتفاظ بأسعار فائدة حقيقية جاذبة للمستثمرين الأجانب.
ورغم توقعه ارتفاع معدلات التضخم خلال المتبقى من العام، ما يعنى أن المركزي قد يميل للحذر وتثبيت الفائدة، لكن على الأرجح حال استمرار التضخم المنخفض فى أكتوبر سيقدم المركزي على خفض الفائدة الاجتماع المقبل فى حدود 0.5%.
أوضحت أن توقعها ذلك يدعمه لغة البنك المركزي فى بيانه التى أكدت على أنه لن يتردد فى استخدام جميع الآليات المتاحة أمام لدعم التعافى فى النشاط الاقتصادى.
وقالت وحدة استخبارات الإيكونوميست، فى تقرير حديث لها، إن هناك مجالاً كبيراً لخفض الفائدة الاجتماع المقبل، حال جاءت قراءة التضخم لشهر أكتوبر أقل من 6%.
وذكرت أن قرار المركزي يحجمه أيضًا تأثيره على استثمارات الأجانب فى محافظ الأوراق المالية رغم أن بيانات لجنة السياسات النقدية لا تنص عليه صراحة.
وتوقعت أن يتخذ المركزي مسارًا تدريجيًا وحذرا فى طريقه للتيسير النقدي على المدى القصير.
أسعار البترول
أشار البنك المركزي إلى ارتفاع التوقعات لأسعار خام برنت المندرجة في النظرة المستقبلية للتضخم المحلى بشكل طفيف، مقارنة بتقرير السياسة النقدية السابق، مع الأخذ فى الاعتبار تأثير ضعف الطلب العالمي نتيجة إجراءات التباعد الاجتماعي وحظر التجوال المتبعة في كثير من الدول.
وقال إن وصول أسعار بعض المنتجات البترولية لمستويات تغطية التكاليف محلياً يعزز انعكاس الأسعار العالمية للبترول على التضخم المحلى من خلال قرارات لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية.
وترى فيتش سوليوشنز، أن أسعار البترول سترتفع خلال العام المقبل، وهو ما قد يؤثر نسبيًا على توقعات التضخم، والتى تأخذها لجنة السياسات النقدية فى الحسبان عند اتخاذ قرارها، وهو عامل اخر يدعم توقعاتها بتثبيت الفائدة، لكن فى ظل تنفيذ إجراءات رفع الدعم الكبرى بالفعل، وأن تحركات البترول ستكون فى نطاق ضيق، فإن تأثيرها سيكون ضعيف على التضخم.
وتوقعت ارتفاع سعر برميل البترول من 44 دولاراً للبرميل متوسط العام الحالى إلى 51 دولارًا متوسط متوقع العام المقبل، وهى زيادة طفيفة يسهل استيعابها على صعيد تكلفة النقل ومدخلات الانتاج وبالتالى فزيادة أسعار المنتجات لن تكون كبيرة.
دعم تعافى النشاط الاقتصادى
قال محمد أبوباشا، كبير محللى الاقتصاد الكلى بالمجموعة المالية هيرميس، إن البنك المركزى على الأرجح سيثبت أسعار الفائدة حتى نهاية عام 2020، لاستكشاف أوضاع السوق العالمية فى ظل الموجة الثانية من فيروس كورونا وانتخابات الرئاسة الأمريكية، وتأثيرات كل ذلك على قدرة قطاعات مثل السياحة والتصدير على سرعة التعافى.
أضاف أن معدلات التضخم أيضًا سترتفع بشكل طفيف نتيجة أثر سنة الأساس غير المواتى، وليس لضغوط ضمنية متوقعة وهو عامل آخر يدعم احتمالات التثبيت.
واستبعد إجراء تخفيض كبير فى أسعار الفائدة قبل النصف الثانى من العام المقبل، على أن يستأنف المركزي خفض الفائدة فى الربع الأول من العام.
أبوباشا: المركزى سيكون حذراً حتى نهاية العام تحسباً للعوامل الخارجية
وقال إن نشاط القروض الرأسمالية على الأرجح لن يتعافى بشكل كبير قبل النصف الثانى من العام المقبل تزامنًا مع تعافى الاستهلاك، مشيرًا إلى أنه ليس بالضرورة مشروطاً بالفائدة لدى المركزى، خاصة فى ظل وجود مبادرات البنك المركزي وخفض الفائدة 3.5% منذ بداية العام، والتى كان لها أثر جيد على قروض الشركات.
وقال باسم قمر، كبير الاقتصاديين فى البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية لمنطقة جنوب وشرق المتوسط، إن الأولوية بالنسبة للسياسات النقدية فى مصر هى للتضخم ثم النمو، فمصر تمتلك احتياطيات نقدية قوية تغطى من 9 إلى 10 أشهر من الواردات، ويتم إدارتها بشكل حكيم، كما أن عجز الحساب الجارى لم يتسع بصورة كبيرة فى ظل انخفاض الوارادت بشكل كبير الأمر الذي امتص جزءاً كبيراً من انخفاض إيرادات السياحة، ولذلك خفض تكلفة الاقتراض للمستثمرين لدعم النمو من جهة وكذلك للحكومة فى ظل اتساع عجز الموازنة بعد التوسع فى الإنفاق لتلبية احتياجات القطاع الصحي وتعزيز الانفاق الاجتماعى تزامنًا مع تراجع الإيرادات العامة.
وتوقع تراجع الفائدة لمستويات ما بين 7% و8% حال استقر التضخم فى حدود 4%، مشيرًا إلى أنه المتبع عالميًا أن تكون أسعار الفائدة الحقيقة من 3% إلى 4%.
وقالت رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس، إن خفض الفائدة سيدعم تعافى القطاع الخاص والإقراض، بالتزامن مع زوال أثر الإغلاق الاقتصادى وعودة النشاط لصورة اقرب لطبيعته.
وذكرت أنه فى الوقت الحالي تغطى مبادرات البنك المركزي جانب كبير من شركات القطاع الخاص، واحتياجاتها التمويلية الجديدة، لكن خفض الفائدة يقلص تكلفة التمويل عن القروض القائمة، وبالتالى يعزز السيولة لدى الشركات.
أضافت أن البنك المركزي أمامه فرصة كبيرة لخفض أسعار الفائدة فى ظل معدلات التضخم الأقل من المتوقعة.
السويفى: أتوقع الخفض بين 0.5 و1% لدعم القطاع الخاص وتخفيف أعباء التمويل عن الشركات
لكنها رجحت أن يسلك المركزى منهجًا حذرًا حفاظًا على استثمارات الأجانب فى محافظ الأوراق المالية، وأن يكون هناك خفض فى حدود 0.5% إلى 1% خلال الاجتماعين المقبلين، وترى السويفي أن التضخم السنوى فى الحضر سيسجل 4.5% بنهاية العام الحالي.
وقال دويتشه بنك، إنه رغم أهمية استثمارات المحافظ المالية كمصدر للتمويل الخارجي، لكن الخفض الحذر لأسعار الفائدة يشير إلى رغبة المركزي بخفض معدلات الفائدة على خلفية عدم اليقين بشأن النمو المحلي، بحسب البنك الألماني.
وتابع البنك قائلاً: “نعتقد أن التعافي التدريجي للنشاط الاقتصادي قد يسبب بعض القلق للبنك المركزي في ظل مستويات الدين الحالية في البلاد رغم أنها في الوقت الحالي ضمن نطاق مستدام، لكن ذلك قد يختلف في حال زاد أمد أو شدة تأثير الجائحة عن التوقعات”.
توقعت وحدة بحوث بلتون لتداول الأوراق المالية، أن يبقي البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل يوم 12 نوفمبر 2020، مع الأخذ في الاعتبار أن أثر خفض أسعار الاستباقي بنحو 350 نقطة أساس لدعم نشاط الاقتصاد المحلي لم ينعكس كلياً على أرض الواقع.
الاستقرار النقدى والحفاظ على استثمارات المحافظ المالية
وقالت فيتش سوليوشنز، إن احتمالات تجدد خروج رؤوس الأموال الأجنبية تضع بعض الضغوط على الجنيه، وبالتالى لن تشجع البنك المركزي على خفض الفائدة فى المدى القريب.
أوضحت أن الفائدة الحقيقية فى مصر مازالت الأكثر جاذبية عالميًا، ما يفسح المجال أمام خفض المركزى أسعار الفائدة خلال الشهور المقبلة حال واصل التضخم قراءاته المنخفضة، لذلك لا يمكن استبعاد خفض الفائدة قبل نهاية العام كلية، لكن الارجح أن يتم التثبيت.
وذكرت أن هناك مخاطر تجدد اضطراب الأسواق العالمية فى ظل عدم اليقين المحيط بانتخابات الرئاسة الأمريكية، فحدوث موجة جديدة من خروج رؤوس الأموال فى ظل تأثير كورونا على موارد الدولة التقليدية من العملة الأجنبية مثل السياحة والتحويلات من الخارج، سيدفع المركزي على الأرجح لتثبيت الفائدة.
وقال أحدث تقارير دويتشه بنك، إن المركزي على الأرجح سيثبت الفائدة في نوفمبر المقبل للوقوف على أثر الخفض الأخير في سبتمبر الماضي وتحسبًا لاضطرابات الأسواق العالمية قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تتسم بقدر عال من عدم اليقين، على أن يستأنف دورة التيسير النقدي ويخفض الفائدة بمقدار، 0.5% في ديسمبر وبمقدار 1.5% في عام 2021، لكنه ذكر أيضاً أن النهج الحذر للبنك المركزي سيمنع مخاوف انخفاض السيولة الأجنبية أو مخاوف تيسير السياسة النقدية بأكثر مما ينبغي.
وتوقع البنك، أن يكون أداء مصر أفضل من جميع الأقران في أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا عند مقارنة العوائد بمستوى المخاطر بنهاية العام.
ويعتقد محللو دويتشه بنك، أن التخفيض التدريجي لأسعار الفائدة سيؤدى إلى المزيد من التدفقات لاستثمارات المحافظ المالية، مستبعدًا انخفاض سعر صرف الجنيه.
وتوقع محللو البنك، أن تبقى مستويات الفائدة الحقيقية مرتفعة، بل وقد ترتفع إلى 5.3% الشهر المقبل بدلاً من 4.9% حاليًا في حال صحت التوقعات بشأن شهر أكتوبر وانخفاض معدل التضخم فيه.
توقع البنك استمرار الطلب المرتفع من المستثمرين الأجانب على الطروحات الاسبوعية لأذون وسندات الخزانة الحكومية بالعملة المحلية.
وقال محمود نجلة، المدير التنفيذى لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلى لصناديق الاستثمار ومحافظ الأوراق المالية، إنه خلال الوقت الحالي استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية عنصر غير قوى فى قرار البنك المركزي، خاصة أن تسعير الفائدة على الأذون والسندات مرتبط أكثر بالعرض والطلب.
أوضح أنه رغم خفض الفائدة 3.5%، لكنها مازالت مرتفعة، نتيجة توسع وزارة المالية فى الإصدارات، وأيضًا مستويات السيولة فى السوق بعد تفعيل آلية ربط الودائع المربوطة بالكوريدور ذات الآجال الطويلة.
وقال مدير غرفة المعاملات الدولية فى أحد البنوك العامة، إن أسعار الجنيه أمام الدولار فى العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، تشجع المستثمرين الأجانب، وتجعل معادلة المخاطر بالعوائد فى صالح الأوراق المصرية لذلك لا خوف من انخفاض أسعار الفائدة على الأذون والسندات، لأن ذلك عند حدوثه سيكون مرتبط بانخفاض الاحتياجات التمويلية لوزارة المالية، وتراجع مستويات عجز الموازنة وبالتالى المخاطر التى يقيمها المستثمر قبل دخوله الاقتصاد، وبالتبعية سيغير معامل، علاوة المخاطر ويتقبل سعر الفائدة بعد انخفاضها.
ووفقًا لمركز بحوث بنك أبوظبى الأول يسجل الجنيه فى العقود الآجلة غير القابلة للتسليم ما بين 15.77 و15.82 جنيه للدولار أجل شهر، و15.89 و15.94 جنيه أجل شهرين، و16.03 جنيه و16.08 جنيه أجل 3 أشهر، و16.4 جنيه و16.45 جنيه أجل 6 أشهر، و16.83 جنيه و16.88 جنيه أجل 9 أشهر، و17.25 جنيه و17.3 جنيه أجل عام.
تأثير طفيف على البنوك
وقالت ستاندرد أند بوزر، للتصنيف الائتمانى، إن البنوك المصرية أقل تعرضًا للضغوط، مقارنة بمثيلاتها فى الدول المختلفة نتيجة خفض الفائدة بدعم من حيازاتها الكبيرة لأذون وسندات الخزانة التى تكفل لها عوائد مرتفعة.