على الرغم من خفض سعر الفائدة بمعدلات كبيرة قاربت 4% منذ بداية العام الحالى، فإنَّ تفشى جائحة كورونا قلص المكاسب التى كان يتوقعها قطاع التأجير التمويلى جراء خفض تكلفة التمويل البنكى.
وخفَّض البنك المركزى أسعار الفائدة بواقع 300 نقطة أساس، منتصف مارس الماضى، وهو التخفيض الأول العام الحالى، ثم كرر الخفض بخمسين نقطة أساس خلال الشهر الماضى.
وساهمت الإجراءات الداعمة التى قدمها كل من البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية معاً بتأجيل أقساط قروض العملاء لمده 6 أشهر انتهت فى سبتمبر الماضى ساهمت فى تقليص معدل دوران رأس المال فى شركات التأجير التمويلى، وتقليص معدلات النمو المستهدفة.
وقال مسئولو شركات تأجير تمويلى ومديرو ائتمان ببعض البنوك، إن الستة أشهر الماضية شهدت تأثراً عاماً لمختلف القطاعات الاقتصادية، وهو ما أثر على تراجع نمو معدلات التمويل لصالح شركات التأجير التمويلى، بعد أن كانت تحقق معدلات نمو متزايد خلال ما قبل كورونا.
وأكدوا أن قطاع التأجير التمويلى بدأ مطلع الشهر الحالى رحلة التعافى، وعودة الطلب بعد استئناف عدد من المشروعات.
وكشف تقرير صادر عن الرقابة المالية تراجع إجمالى قيمة عقود نشاط التأجير التمويلى خلال الفترة من يناير إلى أغسطس الماضى بواقع 11% لتسجل 33.8 مليون جنيه، مقابل 37.9 مليون جنيه خلال الفترة نفسها من العام الماضى.
كما تراجع إجمالى عدد عقود النشاط إلى 1.6 ألف عقد، مقابل 1.7 ألف عقد خلال فترة المقارنة، بمعدل تراجع بلغ نحو 5.7%. وهو ما يدل على مؤشر التعافى مع بدء تعافى الأنشطة الأقتصادية ورفع الحظر، ولكن ما زال التخوف الأكبر من تفشى موجة ثانية من فيروس «كورونا».
وقال طارق فهمى، الرئيس التنفيذى لشركة التوفيق للتأجير التمويلى، إنَّ تراجع أسعار الفائدة من أهم محفزات الطلب على تمويلات التأجير التمويلى، ولكن التداعيات السلبية التى صاحبت تفشى فيروس كورونا أثرت على جميع القطاعات وحدت بشدة من إيجابيات خفض الفلائدة الكبيرة والتى تحت 3.5%.
وأضاف »فهمى«، أنه مع بداية تفشى فيروس كوررونا قامت »التوفيق للتأجير التمويلى« بإصدار سياسة من خلال قطاع المخاطر لتتواكب مع التأثيرات على بعض القطاعات، ما أدى إلى حماية الشركة من الدخول فى القطاعات الأكثر تأثراً.
“فهمى”: القطاع بدأ مرحلة التعافى تدريجياً وخفض الفائدة يحفز الطلب
واضاف أن عقود التأجير التمويلى، ما زالت تتركز فى تمويل جميع أوجه النشاط الخاصة بالعميل، وذلك حسب احتياج كل حالة، مشيراً إلى أنها تتركز فى أصول رأسمالية فقط.
ويرى »فهمى«، أن أى تخفيضات مستقبلية فى أسعار الفائدة ستكون بنسب صغيرة، وأن أسعار العائد الحالية مشجعة جداً للاستثمار، موضحاً أن قطاع التأجير التمويلى بدأ بالفعل حالة من التعافى مع بداية سبتمبر الماضى، متوقعاً مزيداً من التحسن خلال الشهور القليلة المقبلة.
وأكد أن تراجع تكلفة الائتمان فعلياً سيبدأ فى الانعكاس على نمو مختلف قطاعات الائتمان، وليس التأجير التمويلى فقط؛ حيث إنَّ اغلب الاستثمارات يبحث حالياً عن تعويض فترات الأزمة واستغلال تراجع الأسعار.
كما رجح »فهمى«، أن تشهد عمليات التوريق نشاطاً ملحوظاً بحلول عام 2021، بدعم من التخفيض المتوقع لأسعار الفائدة.
من جانبه، قال محمود السقا، رئيس مجلس إدارة شركة العربى الأفريقى للتأجير التمويلى، إنَّ أى جهة مقرضة سواء شركات تأجير تمويلى أو غيرها تأثرت خلال فترة كورونا؛ بسبب تقليل التعامل، وتطبيق التباعد الاجتماعى خلال فترة تفشى الفيروس.
وأوضح أن تأثيرات كورونا على إغلاق الشهر العقارى وتوقف استيراد المعدات من الخارج وتوقف حركة التجارة، أدت لآثار سلبية على تمويل الأصول العقارية وتمويل المعدات للعملاء.
وأردف أيضاً أن استجابة شركات التأجير التمويلى لمبادرة البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية بتأجيل الاستحقاقات للعملاء، من الأسباب التى أدت لمواجهة الشركات للركود وضعف حجم الأعمال.
وأشار »السقا«، إلى عودة النشاط تدريجياً للتحسن مع تقليل الإجراءات الاحترازية، وعودة الحركة مع بعض الدول، كما أن اهتمام الدولة بشكل كبير لتخفيض أسعار الفائدة ساعد بشكل ما على تحسن الأوضاع.
“السقا”: “التكنولوجيا المالية” و”الأغذية” و”الأدوية” من القطاعات المتوقع نشاطها الفترة المقبلة
وأوضح أن التخفيض الأخير لأسعار الفائدة والذى جاء عكس المتوقع، يشير إلى تحسن الاقتصاد القومى، موضحاً أن نوعية عقود التأجير التمويلى الحالية تتنوع بين أصول كمبانٍ تجارية وإدارية أو معدات وآلات.
ويرى أن تخفيض الفائدة يعمل أيضاً على تشجيع المستثمرين على الاستثمار فى مشروعات جديدة بأعباء أقل وفرص للاقتراض بشكل أكبر والذى يؤدى بدوره لنجاح هذه المشروعات.
بالإضافة إلى دعم المشروعات القائمة بالفعل عن طريق تخفيف الأعباء التمويلية بالاقتراض بسعر فائدة أقل، والذى يعمل على تقليل التكلفة الخاصة بالمشروعات القائمة.
وأشار »السقا«، إلى أن تحسن قوانين مناخ الاستثمار يجذب المزيد من المشروعات، موضحاً أن تخفيض أسعار الفائدة ليس العامل الوحيد لتنشيط سوق التأجير التمويلى، ولكن له دور فعال فى تنشيطه.
وذكر أن قطاع التكنولوجيا المالية والأغذية والمشروبات والأدوية من القطاعات المتوقع أن تشهد نشاطاً ملحوظاً خلال الفترة المقبلة، بخلاف القطاعات الأخرى مثل القطاع العقارى الذى تشبع خلال الفترة الماضية.
وتوقع نمواً ملحوظاً فى تمويلات التأجير التمويلى فى ظل بدء حاله الاستقرار الاقتصادى الحالية وتعافى أغلب القطاعات.
وقالت إيمان إسماعيل، الرئيس التنفيذى لشركة »إيجى ليس للتأجير التمويلى«، إنَّ أسعار الفائدة ومستوياتها لا تؤثر بشكل أساسى على المشاريع الجديدة، مشيرة إلى أن القرار الاستثمارى للمشاريع الكبرى يبنى على دراسات عميقة ولا يتوقف على عامل واحد فى دراسة المشروع.
وأضافت أن قطاع التأجير التمويلى لم يتأثر بصورة كبيرة بتداعيات «كورونا»، لافتة إلى أنه مع بداية الأزمةعرضت الشركة تأجيل أقساط القروضعلى كل عملائها لتفادى التأثيرات السلبية التى صاحبت أزمة كورونا.
وأوضحت، أن 60% من العملاء قرروا تأجيل الأقساط، و40% التزموا بالسداد، مشيرة إلى أن كل حالة تعثر تدرسها الشركة لتوفير الوسيلة الأفضل للتعامل معها.
وأكدت »إسماعيل”، أنَّ نوعية العقود الجديدة لا تتركز فى قطاع بعينه، ولكن تتوزع ما بين تمويلات للأصول وتمويلات لرأس المال العامل.