معدل البطالة مرشح للتراجع من 13% فى يونيو الماضى إلى 6% بحلول نهاية 2021
إعلان وشيك عن أعلى معدل نمو فصلى منذ الحرب العالمية الثانية
ساهم تفشى جائحة «كوفيد-19»، فى معاناة الولايات المتحدة من أعمق ركود اقتصادى منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل، إذ تراجع الناتج المحلى الإجمالى بمعدل سنوى بلغ 31.4% فى الربع الثانى من 2020.
لكن بطريقة ما، نما الاقتصاد الأمريكى مرة أخرى، فمن المرجح أن تعلن الحكومة فى 29 أكتوبر- وفقاً للاقتصاديين ممن استطلعت وكالة أنباء «بلومبرج» آراؤهم- ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى السنوى بنسبة 30% فى الربع الثالث، وهو ما يعتبر أيضاً رقماً قياسياً بعد الحرب.
ومع ذلك، تتلاشى المخاوف تجاه إمكانية تسبب الموجة الثانية من الوباء فى عودة الاقتصاد إلى الركود، إذ يتوقع الاقتصاديون، فى استطلاع «بلومبرج»، نمو الناتج المحلى الإجمالى بشكل أقوى قليلاً من المعتاد للربع السنوى الحالى وعام 2021 ككل، ومن المفترض أن يتسبب ذلك فى تراجع معدل البطالة، الذى بلغ ذروته عند 13% فى يونيو، إلى 6% تقريباً بحلول نهاية عام 2021.
وفى الوقت نفسه، تراجعت مشاركة المرأة فى القوى العاملة خلال أبريل، ربما بسبب توجه الأمهات لرعاية الأطفال عند إغلاق المدارس، لكن نسبة المشاركة تعافت بشكل جزئى.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن ثمة أمران يفسران انتعاش الاقتصاد، وهما إنهاء البلاد لعمليات الإغلاق العامة التى أعاقت النمو فى الربع الثانى، فضلاً عن نجاح الكونجرس الأمريكى و«الاحتياطى الفيدرالى» فى إنقاذ الوضع من خلال تقديم حزمة تخفيف مالى ونقدى غير مسبوقة.
وتشير التوقعات إلى أن الانتعاش سيواصل الاستناد إلى افتراضين رئيسيين، أولهما يتمثل فى صعوبة إعادة فرض الولايات لعمليات إغلاق واسعة النطاق حتى إذا استمرت حالات الإصابة فى الارتفاع، بينما يتمثل الثانى فى إمكانية شروع الكونجرس فى إصدار حزمة إنقاذ جديدة لتخفيف الأضرار الناتجة عن كورونا قبل أو بعد الانتخابات الرئاسية المقررة فى 3 نوفمبر المقبل.
ورغم أن المستهلكين من جميع مستويات الدخل يعربون عن عدم ارتياحهم بشأن الظروف الاقتصادية، إلا أن مستوى إنفاقهم ارتفع على مدى 4 أشهر متتالية- لايزال منخفضاً عن العام السابق- فى حين انخفض معدل الادخار، الآن بعد أن خرج الناس إلى الشارع مرة أخرى، بعد أن قفز فى الربيع عندما كان الناس يلزمون منازلهم.
وفى الوقت نفسه، تعتقد مجلة «بزنس إنسايدر» الأمريكية أن الولايات المتحدة بحاجة إلى دفع شركات التكنولوجيا للانتقال إلى المدن الأمريكية متوسطة الحجم، إذا كانت ترغب حقاً فى التعافى من الركود وتنمية اقتصادها خلال الأعوام المقبلة.
وأوضحت أن الانقسام بين المناطق الحضرية والريفية خلال العقد الماضى أصبح يشكل خط التصدع السياسى والاقتصادى فى البلاد، حيث يتمركز الاقتصاد الأمريكى بشكل متزايد فى المدن الكبرى الحضرية الكبيرة، مثل نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو وواشنطن وسان فرانسيسكو، كما أنه قائم بشكل أكثر على الاقتصاد التكنولوجى.
أما اليوم، فى خضم الركود الناجم عن الوباء ومع حدوث هجرة داخلية، أصبحت المدن، التى استطاعت قبل عقود زمنية الحفاظ على أمريكا الوسطى، تتمتع بفرصة العودة.
ولتنمية الاقتصاد الأمريكى فى ظل هذا الركود، يجب على صانعى السياسة التركيز على النمو التكنولوجى فى المدن متوسطة الحجم ومدن الدرجة الثانية، ولم يستطع أى قطاع آخر تقديم أداء مماثل للقطاع التكنولوجى.
ففى فترة ما بعد التعافى بعد الكساد العظيم، قادت التكنولوجيا النمو الاقتصادى الأمريكى، والذى انعكس أيضاً على سوق الأسهم، إذ يولد القطاع الآن خُمس إجمالى الناتج الأمريكى بعد التصنيع والحكومة فقط، فهو سجل نمواً يزيد على 70% من الناتج المحلى الإجمالى فى العقد الماضى فقط.
ويعتبر نمو سوق الأسهم فى صناعة التكنولوجيا أمراً مثيراً للإعجاب، لكن خلق فرص العمل هو الجانب الذى يمكن الشعور بتأثير الصناعة فيه بشكل أكثر، فقد تجاوز خلق فرص العمل فى قطاع التكنولوجيا جميع الصناعات الأخرى، باستثناء إعداد الطعام والعناية الشخصية والنقل، بمعدل نمو سنوى يبلغ 2.6%، ورغم أن القطاع التكنولوجى يمثل 10% فقط من الوظائف فى الولايات المتحدة، إلا أنه يساهم فى خلق 18% من الناتج الاقتصادى.
الاستثمار فى الاقتصاد التكنولوجى فى المدن متوسطة الحجم
أصبح قطاع التكنولوجيا أحد أركان التقدم الاقتصادى الأمريكى، لكن هذا الازدهار لم تتم مشاركته، مما تسبب فى اتساع الانقسامات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين المدن والمناطق، وبالتالى ساهم التصنيف الجغرافى للعمال ذوى المهارات العالية والمتعلمين فى المناطق الحضرية فى تعزيز أوجه الاختلاف الاجتماعية والاقتصادية.
وفى ظل انتقال العمال إلى المدن الكبرى بدءاً من التسعينيات ومروراً ببداية القرن الحالى وحتى بداية العقد الماضى، قامت الشركات بتوحيد وتسريع خلق فرص العمل والنمو الاقتصادى فى تلك المناطق الحضرية وفى المناطق الساحلية فى الغالب.
وأشارت «بزنس إنسايدر» إلى أن التحول من التصنيع إلى الخدمات والتكنولوجيا أدى إلى تفاقم أوجه التفاوت فى الدخل فى المناطق الريفية والضواحى والعديد من مدن الدرجة الثانية التى واجهت فى النهاية انخفاضاً.
ويعد الاقتصاد القائم على الابتكار أمراً بالغ الأهمية للمساعدة فى خروج الاقتصاد الأمريكى من هذا الركود، ومع ذلك، بينما تتركز معظم الشركات الناشئة وشركات رأس المال الاستثمارى فى سان فرانسيسكو ونيويورك وبوسطن، يجب على المدن، التى شهدت مؤخراً هجرة كبيرة إلى الخارج، والمدن متوسطة الحجم أيضاً تطوير مؤهلاتها التكنولوجية.
لكن ثمة سؤال مهم يدور حول الأسباب التى يمكن أن تصعب ظهور مجتمعات التكنولوجيا وتنمية شركات التكنولوجيا العالمية فى تلسا أو أوكلاهوما أو كليفلاند أو أوهايو، وفى الواقع، يمكن أن يحدث ذلك إذا وضعت السياسات الفيدرالية والإقليمية الصحيحة.
الابتكار التكنولوجى كاستراتيجية اقتصادية وطنية
يبدو أن الوقت الأفضل لإعادة التفكير فى النمو الاقتصادى الأمريكى لم يحن بعد، فمع اقتراب الانتخابات الأمريكية، يمكن تقديم وعد جديد للأمريكيين بإمكانه تعزيز النمو التكنولوجى كاستراتيجية وطنية لمعالجة الاختلافات الإقليمية.
ويشعر الاقتصاديون اليوم بالقلق تجاه فكرة حافة الابتكار الأمريكية الباهتة، رغم نمو الإنفاق على الأبحاث وشهادات الدكتوراة فى العلوم، إذ يشير البعض إلى اتساع الفجوة بين البحث وتطبيق الأعمال التجارية، والحل بعد ذلك يتضمن التركيز على مجتمعات التكنولوجيا التى يمكنها اعتماد العلم وتطبيقه على أنه ابتكارات فى السوق.