تسبب تزامن حصاد موسم الأرز مع ذروة جائحة كورونا التى تضرب البلاد منذ فبراير الماضى، فى خسائر كبيرة لمن يتعاملون فى الأرز بداية من الفلاح وصولاً إلى التاجر.
فقد تراجع الطلب على الأرز من جانب المستهلكين بسبب ترشيد الاستهلاك، فضلاً عن وفرة المعروض فى الأسواق بدعم من المخزون الحكومى الكبير، ووقف عملية التصدير منذ سنوات.
وأوضح المتعاملون فى القطاع، أن التأثيرات السلبية التى نتجت عن الأزمة تمثلت فى انخفاض السعر إلى ما دون 3000 جنيه لطن الشعير بداية الموسم، وهو سعر «غير مجزى» للمزارع فى ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج من أسمدة، ومبيدات، وخدمات أخرى.
قال مجدى الوليلى عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، إن جائحة كورونا تسببت فى حالة ركود شديدة لجميع القطاعات الصناعية والزراعية، نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطنين فى جميع الدول خوفًا على السيولة المالية حال استمرار الأزمة لفترة طويلة.
وأضاف أن وفرة المعروض من الأرز فى الأسواق بسبب المخزون الكبير، مع تراجع الاستهلاك كان لهما دور كبير فى الضغط على الأسعار منذ بداية الحصاد وحتى الآن، لذلك فإن السوق لن يشهد أى زيادة فى الأسعار خلال الفترة المقبلة.
بحسب عضو الغرفة، فإن مخزون الأرز من العام الماضى بلغ 1.2 مليون طن، بالإضافة إلى أكثر من 300 ألف طن بواقى ارز مستورد من الهند والصين من مواسم سابقة.
وكشف الوليلى، أن انخفاض أسعار الأرز للموسم الحالى، من المتوقع أن تغير وجهات عدد كبير من المزارعين إلى زراعة محصول آخر خلال الموسم المقبل، أو التنويع بين عدد من الزراعات لتقليل معدل المخاطر بدلاً من زراعة محصول واحد.
وأوضح أن صغار المزارعين فى حاجة إلى مساندة من الدولة، نظرًا لارتفاع جميع تكاليف الإنتاج ومستلزمات الزراعة، فى ظل بقاء جائحة كورونا قائمة، لضمان الخروج بهامش ربح يغطى جميع نفقاتهم بدلاً من الخسائر التى تعرضوا لها.
وأوضح أن الأرز هو منظومة متكاملة (زراعة، وصناعة، وتجارة)، وبالتالى لا يمكن تجزئته من حيث دعم طرف والتخلى عن آخر.. لذلك فإن الدولة كما استطاعت أن تحقق المعادلة الصعبة وهى الحفاظ على استقرار أسعار الأرز، فإنها قادرة على دعم المزارعين بطريقة تتناسب معهم.
ولفت إلى أن الغرفة تجهز لعقد اجتماع خلال الفترة المقبلة، لمناقشة تدنى أسعار الأرز للموسم الحالى، وتقديم عدد من المقترحات من شأنها رفع جزء من الأعباء عن الصناع والتجار والمزارعين.
ويعمل بقطاع الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية نحو 5 ملايين عامل بطريقة مباشرة وغير مباشرة بحسب الوليلى.
وقال عزت عزيز، عضو شعبة الحاصلات الزراعية بغرفة القاهرة التجارية، إن موسم الأرز الحالى اختلف بشكل كبير عن السنوات الماضية بسبب جائحة «كورونا»، والتى تسببت فى ركود كبير فى المبيعات لجميع الشركات، فضلاً عن الفجوة الكبيرة بين السعر وتكلفة الإنتاج.
وفيما يخص اتجاه حركة الأسعار خلال الفترة المقبلة، أوضح أن جميع الشركات تعتمد على السوق المحلى فى تسويق منتجاتها من الأرز، بعد غلق باب التصدير قبل عدة سنوات.. لذلك فإن ثبات معدل الطلب الحالى مع وفرة المعروض سيعمل على استقرار الأسعار لفترة طويلة.
وأشار إلى أن الأرز فى الغالب يشهد زيادات سعرية طفيفة فى المواسم التى يزداد الطلب عليه فيها، ومنها موسم شهر رمضان، لكن جائحة كورونا أحبطت طموحات العاملين فى القطاع رمضان الماضى، متوقعاً أن يكون الموسم المقبل أفضل على مستوى المبيعات والأسعار.
وتراجعت أسعار الأرز الأبيض إلى 5000 جنيه للطن مع بداية طرح المحصول الجديد، مقابل 6000 جنيه فى شهر أغسطس 2020، فى حين سجل الأرز الشعير رفيع الحبة نحو 3700 جنيه للطن حاليًا وعريض الحبة 4000 جنيه.
وقال محمد البرعى، رئيس شركة النصر لضرب الأرز بمحافظة كفر الشيخ، إن جائحة كورونا لم تمكن الشركة من تخزين سوى %40 من المحصول الجديد بسبب وجود مخزون كبير من العام الماضى.
أضاف أن الشركة كانت تورد منتجاتها لعدد من القرى السياحية والفنادق، بجانب سلاسل المطاعم، ومع دخول أزمة كورونا توقفت عن التوريد بسبب الإغلاق الكلى والجزء لبعض المحلات.
وحول معدل الطلب فى الفترة الحالية، أوضح البرعى، أن مبيعات الشركة لم تتجاوز %20 منذ بداية العام وحتى الآن، متوقعًا انتعاش الطلب حال عودة نشاط القطاع السياحى، كما كان قبل بداية الأزمة.
أضاف أن أغلب المزارعين كانوا يرغبون فى تحقيق هامش ربح ولو بسيط.. إلا أن الموسم الحالى جاء مخيبًا لأمالهم، مفسرًا ذلك بأن القيمة الإنتاجية للفدان لا تتجاوز 3 أطنان أو ما يعادل 9 آلاف جنيه.. وبعد حساب تكاليفه فإن هامش الربح غير مجزى.
وحددت رابطة منتجى الأرز بمحافظة كفر الشيخ دراسة نشرت قبل أيام، حجم خسائر فى الموسم الحالى بنحو 5200 جنيه لكل فدان، تمثل الفرق بين الإيرادات والمصروفات، إذ ينتج الفدان 3 أطنان بما يعادل قيمة بيعية 9000 جنيه، تمثل عائداً متوسطاً، فى حين يتكلف الفدان طبقاً للدراسة 14000 جنيه شاملة الإيجار 7000 جنيه، و7000 جنيه أخرى مصروفات ومستلزمات زراعية، وهو ما يبين حجم الخسائر.
وطبقاً للدراسة فقد اشتملت أهم تلك المصروفات الزراعية للمحصول على 420 جنيهاً لشراء التقاوى، و450 جنيهاً تسميد سوبر فوسفات، وتكلفة حرث الأرض 500 جنيه، و1300 جنيه تكلفة الشتل، ورش مبيدات حشرية بنحو 500 جنيه.
وقال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن المزارعين كانوا ينتظرون محصول الأرز العام الحالى، لتعويض الخسائر التى تعرضوا لها العام الماضى بسبب ضعف إنتاجية القمح نتيجة هطول الأمطار الغزيرة التى ضربت البلاد، إلا أن ذلك لم يحدث.
أضاف أن المواطنين ليسوا فى حاجة إلى زيادة الأسعار، لأن ثبات أسعار الأرز عند هذه القيمة وهى 5 جنيهات للكيلو جيد بالنسبة لهم، لكنها الأسعار غير عادلة للمزارعين لذلك، على حسب تعبيره.
وتابع: «تحقيق المعادلة بين المستهلك والمزارع من جانب الدولة سيحافظ على وفرة المعروض فى السوق».
أشار أبوصدام إلى أن المزارع فى حاجة إلى دعم مدخلات الإنتاج التى يحتاجها الفدان ومنها السولار والأسمدة والتقاوى، فضلاً عن الدعم النقدى للمساحات المزروعة تحت إشراف وزارة الزراعة بالمحافظات.
وتقدر المساحات المزروعة من الأرز فى مصر وفقًا لبيانات وزارة الزراعة، بحوالى 1.5 مليون فدان، منها 1.1 مليون مقنن و500 ألف مخالف.
أضاف أن فتح وزارة التموين باب التوريد خلال الفترة المقبلة، سيحرك عجلة السوق بدلاً من حالة الركود الحالية.. لذلك فإن التعجيل من قبل الوزارة بفتح الباب أمام الشركات والتجار سيكون له مردود إيجابى على السوق.
وتقدمت 70 شركة فى الممارسة رقم واحد التى أعلنتها هيئة السلع التموينية الشهر الماضى، لتوريد الأرز الأبيض المحلى إنتاج موسم 2020.
وقال مصدر بالهيئة فى تصريح سابق لـ «البورصة»، إن عدد الشركات المتقدمة للممارسة بلغ 70 شركة من مضارب القطاعين العام والخاص، فى حين تراوحت الأسعار المعروضة بين 6900 و7400 جنيه للطن.
وكشف أن الوزارة لديها مخزون من الأرز يكفى 4 أشهر، فى حين أن المستهدف من الممارسة تغطية 8 أشهر أخرى على فترتى توريد بدءاً من يناير المقبل.