اكتسحت الحماسة العالم يوم الاثنين الماضى مع الإعلان عن النتائج القوية – ولكن المبكرة – من أحد الأمصال التى يتم تطويرها ضد “كوفيد 19”.
وأعلنت شركة “فايزر” المطورة للدواء فى بيان صحفى أن المصل أظهر أنه فعال بنسبة تزيد عن 90% فى وقاية المشاركين من الإصابة بكوفيد 19، فهل هذا يعنى ذلك اقتراب نهاية الوباء؟
ورغم أن تلك أنباء جيدة بلا شك، من الأهمية أن نتذكر أن الوباء لا يزال فى المراحل الأولى نسبيا من الاختبار، ولفهم إمكانات اللقاح نحتاج إلى معرفة مدى فاعليته ومدة استمرار هذه الفاعلية.
وتخبرنا النتائج الأولية أن فاعلية المصل تزيد على 90% فى السبعة أيام التالية للحصول على الجرعة الثانية، وسوف تصدر المزيد من النتائج قريبا وتظهر مدى الفاعلية بعد 14 يوم، ثم ستتراكم البيانات فى الأشهر المقبلة وتخبرنا إذا كانت الفاعلية استمرت أم لا.
وسوف تظهر تلك النتائج إذا كان الأشخاص سوف يحتاجون جرعات سنوية بانتظام أم لا، كما لا يزال علينا أن نعرف إذا كانت الفاعلية تختلف من شخص لآخر أم لا، فعلى سبيل المثال، تكون أمصال الانفلونزا أقل فاعلية بشكل عام فى الأشخاص الأكبر.
وبجانب بيانات الكفاءة، من الأهمية أن نعرف إذا كان إعطاء المصل إلى الأشخاص الأصحاء آمنا أم لا، ولكن الأمر المشجع أن تجربة “فايزر” لم تبلغ عن أى “حوادث معاكسة” حادة فى الـ43.5 ألف حالة التى شاركت فى التجربة.
وبالنظر إلى أن أغلب الأعراض المعاكسة الحادة المرتبطة بالأمصال تظهر بعد وقت قصير من تناول المصل، فسوف يكون من المهم أن تتم متابعة المشاركون فى التجربة – وهؤلاء من يأخذون التطعيم بعد اعتماده – عن كثب لضمان أن فوائد الحصول على المصل تتعدى أى مخاطر.
ويأتى التحدى الحقيقى تاليا، فكيف سنحصن الـ7.8 مليار شخص المعرضين لخطر الإصابة؟ ووفقا للسعة التصنيعية الحالية، فإن جرعات إنتاج هذا المصل وغيره من الأمصال تحت التجربة لن تكفى ما هو مطلوب فى الأجل القريب.
ويتوقع مرفق “كوفاكس”، وهو مؤسسة أنشأتها منظمة الصحة العالمية وشركائها لضمان حصول الدول منخفضة ومتوسطة الدخل على الأمصال، أن يتوافر لديه ما يصل إلى 200 مليون جرعة فى 2021.
ولدى العديد من الدول، بما فى ذلك أغلب الدول مرتفعة الدخل، اتفاقات ثنائية مع واحد أو أكثر من مطورى الأمصال لتوريد الجرعات فى 2020 و2021، ولكن بالنسبة لبعض الدول، لن تكون الجرعات متاحة إلا لـ20% فقط من الشعب وهى نسبة أقل بكثير من نسبة التغطية المطلوبة عند 60% لتحقيق المناعة الجماعية.
وبالتالى سوف تحتاج كل دولة اتخاذ قرار بشأن أولويات تخصيص الأمصال، وأغلب الدول سوف تركز على الشرائح الأكثر عرضة للخطر أى الأكثر احتمالا للمعاناة من نتائج حادة مثل كبار السن وهؤلاء الأكثر تعرضا للإصابة مثل العاملين فى مجال الرعاية الصحية.
وعلى المدى القصير، على الأرجح سوف يحتاج بقية العالم أن يبقى على تدابير التباعد الاجتماعى وغسل اليدين باستمرار وارتداء الأقنعة الطبية للحفاظ على مستويات العدوى منخفضة.
وهناك أيضا عقبات لوجستية كبيرة أمام تحقيق التلقيح الشامل، وهو أمر لم يتم القيام به من قبل على هذا النطاق، ويجب تصنيع معدات التطعيم ونقلها من المصانع وتوصيلها لمراكز الصحة العامة، وينبغى توفير مخازن باردة لها على طول الطريق، ويطرح لقاح “فايزر” تحديات خاصة نظرا لأنه يتطلب التخزين فى درجة تجميد عند سالب 80 درجة مئوية، وسوف يتطلب توصيل المصل إلى كل دولة جيش من العاملين فى الرعاية الصحية.
لذا دعونا لا ننسى أن الفيروس لا يزال معنا وأن المصل مجرد بداية طريق طويل أمامنا، لذا ربما يجدر بنا تأجيل الاحتفال فى الوقت الحالى.
بقلم: أزرا غانى، أستاذ الأوبئة والأمراض المعدية فى “إمبريال كوليدج” بلندن
المصدر: صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية