«عاشور»: قرار خفض الفائدة صحى للاقتصاد.. و«كورونا» خلقت نموذج عمل جديداً للبنوك المركزية
اعتبر مصرفيون ومحللون قرار لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى خفض الفائدة الأساسية على الجنيه فى اجتماع الخميس الماضى خطوة فى دعم القطاع الخاص والاستثمار.
وخفضت اللجنة أسعار الفائدة الأساسية على الجنيه 0.5% على عمليات الكوريدور لليلة واحدة والعملية الرئيسية للبنك المركزى، ليصل مجمل الخفض خلال العام الحالى إلى 4%، لتعود بذلك الفائدة لمتوسطها التاريخى فى مصر، قبل الأزمات الاقتصادية التى مرت بها منذ 2011.
وسبق القرار تحركات محدودة من قِبل هيئة البريد التى خفضت فائدة حسابات التوفير لديها 0.5%، وكذلك البنوك الأربعة المصدرة لشهادة أمان المصريين؛ حيث خفضت فائدة شهاداتها 3% لتصبح 13% بدلاً من 16%.
وتعقد البنوك، الأسبوع الحالى، اجتماعات لجان الأصول والخصوم لاتخاذ قرارها بشأن تسعير فائدة الأوعية الادخارية وقروض التجزئة، وذلك بعد الأخذ فى الاعتبار مستويات تكلفة الأموال لديها بجانب مستويات تسعير العائد لدى البنوك الأخرى.
وقال يحيى أبوالفتوح، نائب رئيس البنك الأهلى، إنه تقرر الإبقاء على فائدة شهادات البنك ذات العائد الثابت، كما هى عند 12% تصرف شهرياً و12.25% تصرف ربع سنوى، مشيراً إلى أن مستويات التسعير الحالية مرضية.
أضاف أن الشهادات ذات العائد المتغير وقروض الشركات تغير العائد عليها بداية من تعاملات أمس الأحد، وأن الأوعية الادخارية الأخرى وقروض التجزئة ستحسمها لجنة الأصول والخصوم.
«أبوالفتوح»: قررنا تثبيت الفائدة على شهادات العائد الثابت ولجنة الأليكو تدرس الأوعية الادخارية الأخرى
وقال عاكف المغربى، نائب رئيس بنك مصر، إنَّ البنك يستعد لعقد اجتماعات لإعادة تسعير الفائدة على الأوعية الادخارية المختلفة بعد قرار البنك المركزى خفض الفائدة الخميس الماضى 0.5%.
وأضاف أن الفائدة على الشهادات متغيرة العائد تم تعديلها تلقائياً بعد قرار البنك المركزى.
وقال محلل قطاع البنوك بأحد بنوك الاستثمار، رفض ذكر اسمه لعدم دخول الأهلى ومصر ضمن نطاق تغطيته رسمياً، إنَّ بنكى الأهلى ومصر لديهما قاعدة واسعة من عملاء الشركات والأرصدة منخفضة التكلفة، وكذلك فرص أفضل للوصول إلى التمويلات بالعملة الأجنبية والتى تكون عوائدها منخفضة للغاية، خاصة مع استقرار سعر الصرف.
أضاف أن تلك العوامل تمكنها من الحفاظ على تسعير الشهادات المرتفع، لكنَّ عدداً قليلاً من بنوك القطاع الخاص يستطيع الإبقاء على الشهادات عند المستوى الحالى، خاصة أن معظم البنوك لن تحقق وفورات كبيرة من خفض فائدة الأوعية الادخارية الأخرى؛ لأنها مخفضة بالفعل، فى الوقت الذى تمثل فيه الأصول البينية- الأرصدة المربوطة لدى البنك المركزى- وقروض الشركات الجزء الأكبر من أصولها.
وقال أشرف القاضى، رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إنَّ خفض سعر العائد مؤشر على استمرار تحسن وتعافى وقوة الاقتصاد المصرى، ونتيجة السياسة النقدية الناجحة من قِبل البنك المركزى.
واعتبر الخفض مناسباً فى ظل مستويات معدلات التضخم الحالية -بالرغم من ارتفاعها الطفيف مؤخراً – بالإضافة إلى تحسن سعر الصرف وارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى.
أضاف أن انخفاض سعر الفائدة سيؤدى إلى تحرك الاقتصاد بوتيرة أسرع، وسوف يؤدى ذلك إلى زيادة معدلات النمو لخلق فرص عمل جديدة أيضاً سوف يقلل عجز الموازنة.
وقال إنَّ الاقتصاد المصرى مستمر فى استرداد عافيته، ويعود تدريجياً إلى المعدلات المستهدفة فى ظل جائحة كورونا وتباطؤ الاقتصاد العالمى.
«القاضى»: خفض الفائدة مؤشر على استمرار تحسن الاقتصاد ونجاح السياسات النقدية
وتوقع أن يقابل الجنيه المصرى بعض الضغوط الفترة القادمة، لكنه قادر على استيعابها فى ظل التسارع المتوقع فى دوران الاقتصاد وزيادة الإنتاج والتصدير.
قال شريف عاشور، وكيل محافظ البنك المركزى، خلال افتتاح منتدى الصناعة المصرفية ومستقبل الخدمات المالية لاتحاد المصارف العربية، إنَّ خفض سعر الفائدة بواقع نصف فى المائة صحى جداً للاقتصاد المصرى.
وأضاف أن القطاع المصرفى أثبت جدارته للمرة الثانية فى حماية الاقتصاد والتعامل مع الأزمات منذ عام 2008، خلال الأزمة المالية، ومؤخراً خلال جائحة كورونا؛ حيث استطاع الجهاز المصرفى والمركزى التعامل خلال الأزمة بقوة وسرعة وكفاءة.
وأوضح وكيل محافظ المركزى، أنَّ أزمة كورونا ساهمت فى خلق نموذج عمل جديد للبنوك المركزية، كما عجلت بخلق نمط عمل جديد من خلال التحول الرقمى والرقمنى والاعتماد على التكنولوجيا والعمل عن بُعد.
وأشار إلى ما حققته مبادرات البنك المركزى لدعم وتعزيز الاقتصاد المصرى فى قطاعات عدة، منها الصناعة والسياحة والزراعة، والتى اتخذت أشكالاً عدة من خلال التيسير على أصحاب المنشآت والمستفيدين بخفض سعر الفائدة لتشجيع القطاعات المختلفة على النمو والصمود فى مواجهة الأزمة، واستمرار مبادرات أخرى كان المركزى قد أطلقها قبل كورونا.
وكانت البنوك استعدت قبل عدة سنوات لمنحنى خفض أسعار الفائدة وعودتها للمعدلات الطبيعية، وبدأت فى طرح منتجات تناسب البيئة المتغيرة لأسعار الفائدة على رأسها الشهادات الادخارية ذات العائد المربوط بالكوريدور، كما عدلت هيكل توظيفاتها لتستثمر أكثر فى الآجال الطويلة، وهو ما أدى إلى نمو صافى دخلها من العوائد خلال النصف الأول من العام رغم خفض الفائدة 3% فى مارس، وتراجع إيراداتها من الفوائد؛ نتيجة أن الانخفاض فى تكلفة الأموال كان أكبر، وذلك وفقاً لمسح أجراه «بنوك وتمويل» على ميزانيات 17 بنكاً.
ووصل عدد البنوك التى طرحت الشهادات المتغيرة ما يزيد على 25 بنكاً بأكثر من 30 شهادة توفير ذات دوريات مختلفة لصرف العوائد ما بين شهرية وربع سنوية.
ويطرح بنك أبوظبى الأول أعلى فائدة على الشهادات الثلاثية بهامش 1.75% فوق سعر الكوريدور، لتصل فائدتها إلى 10% لكنها تصرف سنوياً، يليه المصرف المتحد بفائدة 9% تُصرف ربع سنوى، ثم البنك الأهلى وبنك مصر بفائدة 8.5% تصرف ربع سنوى.
أكد هيثم عبدالفتاح، رئيس قطاع الخزانة ببنك التنمية الصناعية، أنَّ استمرار خفض البنك المركزى لأسعار الفائدة لن ينعكس سريعاً على أرباح البنوك العام الحالى، متوقعاً تراجعاً طفيفاً وغير مؤثر على هامش أرباح البنوك.
وأشار إلى أن الأوعية الادخارية متغيرة العائد تحافظ على تكلفة اموال البنوك وتسهل تفادى حدوث ضغوط مفاجئة على الربحية.
وأشار مسئول بقطاع الائتمان بأحد البنوك العامة إلى أن هناك بعض البنوك التى رفعت استثماراتها طويلة الأجل فى قنوات توظيف مرتفعة العائد وبعد خفض الفائدة حافظت على هامش ربحية مرتفع، مقارنة بالسوق فى ذلك التوقيت، وهو ما قلص تأثيرات خفض الفائدة عليها.
وأضاف أن أغلب البنوك أصدرت منتجات متغيرة العائد اى مربوطة تلقائياً بقرارات تسعير الفائدة التى يتخذها البنك المركزى.