60 % من النساء العاملات بدأن يتساءلن عن إمكانية الاستمرار في عملهن من جراء الثمن الذي يتوجب عليهن دفعه لأجل ذلك
أكد البحث الجديد الذي أجرته “ديلويت” أن طريقة حياة وعمل عدد كبير من النساء قد شهدت تغييرات جذرية منذ انتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، وفقد أفاد 82% تقريباً من النساء أن حياتهن قد عانت من أضرار سيئة بسبب وباء كورونا، وأن 70% تقريباً ممن عانين من هذه الأضرار قد بدأن يشعرن بالقلق إزاء قدرتهن على الاستمرار في حياتهن المهنية.
جاءت هذه النتائج في استطلاع أجرته “ديلويت” شمل حوالي 400 امرأة عاملة من مختلف دول العالم، وسلطت فيه الضوء على التأثيرات السلبية لوباء فيروس كورونا على التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، والراحة الجسدية والنفسية، بالإضافة إلى تهديده بتقويض الإنجاز الذي تم إحرازه خلال السنوات الأخيرة في مجال المساواة بين الجنسين في أماكن العمل.
بالمقابل، يكشف الاستطلاع عن الإجراءات التي يتعين على مختلف المؤسسات اتخاذها لدعم المرأة العاملة لتمكينها من مواصلة النجاح والتقدم الذي حققته في مختلف مجالات العمل حيث توجد عدة مجالات حساسة تحتاج من جميع جهات العمل تطبيق تلك الإجراءات التمكينية ابتداءً من اتباع نظام ساعات العمل المرنة وانتهاءً بمعالجة التحديات.
وتعليقاً على هذه النتائج، قالت رنا غندور سلهب، الشريكة المسؤولة عن المواهب والتواصل في ديلويت الشرق الأوسط: “لقد أجبرنا وباء فيروس كورونا منذ انتشاره على تغيير حياتنا اليومية وتكييفها مع الظروف المستجدة؛ غير أن النساء العاملات على وجه الخصوص يعانين من الآثار الحادة من جراء هذا الوباء حيث فرض عليهن تحديات ضخمة تمثلت في زيادة الأعباء الأسرية الملقاة على عاتقهن وفي الوقت ذاته مواصلة أداء واجباتهن الوظيفية، هذا الوضع الطارئ، مضافاً إليه عدم وجود نهاية لهذا الوباء في المستقبل المنظور، يحتم على جميع المؤسسات العامة والخاصة الاستجابة للدعوات المنادية بضرورة توفير الدعم المناسب لتمكين المرأة من مواصلة دورها ونجاحها على الصعيد الشخصي والمهني وإلا ستعاني اقتصاداتنا ومجتمعاتنا في الشرق الأوسط وفي مختلف العالم من انعكاسات سلبية طويلة الأجل من جراء عدم تمكين المرأة العاملة”.
الآثار الجسيمة لوباء فيروس كورونا على الحياة اليومية للمرأة العاملة
أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن 65% من النساء اللواتي عانين من نظام المناوبات والتغيير في دوامهن اليومي من جراء تفشي وباء كورونا قد أكدن أن مسؤولياتهن الأسرية والمنزلية قد ازدادت، وأن ثلث النساء اللواتي شملهن الاستطلاع قد ارتفعت أعبائهن الوظيفية بسبب هذا الوباء.
كما أكدت النساء اللواتي اضطررن للعمل بنظام المناوبات أنهن يعانين من مجموعة من الآثار السلبية لهذا النظام تقف على رأسها: التأثير السلبي على راحتهن الجسدية “40%”، وعدم القدرة على الموازنة بين أعباء العمل والالتزامات الحياتية الشخصية “40%” والتأثير على راحتهن النفسية “39%”.
كما ألقى وباء فيروس كورونا بأعباء إضافية من نوع خاص على عاتق النساء العاملات اللواتي لديهن أطفال بحاجة للرعاية، فمع وجود 75% أو أكثر من مسؤوليات رعاية الأطفال ملقى على عاتق المرأة، فقد ارتفع حجم هذه المسؤوليات ثلاثة أضعاف تقريباً من 17% ما قبل انتشار وباء كورونا إلى 48% حتى وقت الاستطلاع.
علاوة على ذلك، أعرب معظم النساء اللواتي لديهن أطفال عن زيادة في مسؤوليات رعاية أطفالهن “58%” بالإضافة إلى زيادة في مسؤوليات تعليم أطفالهن في المنزل / التعليم عن بُعد “53%”.
من ناحية ثانية، أفادت النساء العاملات اللواتي ليس لديهن مسؤولية رعاية الأطفال عن شعورهن بالحاجة للبقاء دائماً في العمل “53%” مقارنة بنظيراتهن اللواتي يتحملن مسؤولية رعاية أطفالهن “44%”، وينعكس هذا الشعور لدى النساء العاملات بأنواع مختلفة من الضغوطات حيث تشعر النساء غير المسؤولات عن رعاية الأطفال أنهن تحت وطأة ضغوط أكثر من نظيراتهن اللواتي يتحملن مسؤولية رعاية أطفالهن “58% مقابل 41%”.
معظم النساء ترى في وباء كورونا تهديداً لعملهن
بالإضافة إلى اضطرارهن إلى إجراء تغييرات جوهرية في حياتهن اليومية، تعاني النساء العاملات من الشعور بالقلق من تأثير وباء كورونا على فرص التقدم في مسارهن الوظيفي على المدى القصير والبعيد.
بينما ترى الأغلبية العظمى من النساء العاملات المشاركات في الاستطلاع أنه أمامهن فرص محتملة للتقدم في عملهن خلال السنة القادمة بطريقة ما (مثلاً، من خلال الحصول على ترقية، زيادة في الراتب، تغيير في الدور الوظيفي أو إسناد مسؤوليات إضافية إليهن)، يتساءل 60% من النساء المشاركات إن كن فعلاً يرغبن بالتقدم في وظائفهن عندما يفكرن بالثمن الذي يجب عليهن دفعه مقابل الارتقاء في مسارهن الوظيفي في مؤسساتهن.
على سبيل المثال، أعرب 23% من النساء المشاركات اللواتي يشعرن بأنه ينبغي عليهن البقاء دائماً مستعدات للقيام بأي عمل من أجل وظائفهن عن خشيتهن أن ينتهي هذا الأمر بهن إلى الاختيار بين حياتهن الشخصية وعملهن، كما أفاد 10% من هذه المجموعة من النساء أنهن قد يفكرن بأخذ إجازة من العمل أو مغادرته نهائياً.
الإجراءات التي يتوجب على المؤسسات اتخاذها في هذه الظروف الحرجة
بالإضافة إلى تحليل التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه النساء العاملات، وإلقاء الضوء على تطلعاتهن المهنية، يشير بحث ديلويت إلى 6 خطوات أساسية يتعين على المؤسسات تطبيقها الآن لدعم العنصر النسائي بين القوى العاملة لديها خلال فترة الوباء.
وتتضمن هذه الخطوات تطبيق إجراءات عمل مرنة، تعزيز الثقة في النساء ومراعاة ظروفهن، توفير فرص التعليم والإشراف والتواصل مع الآخرين، تعميم التجارب التعليمية التي تتناسب مع الحياة اليومية للموظفين، الانتباه للمحاباة غير المقصودة عند التخطيط للإحلال الوظيفي والترقيات، وجعل التنوع والاحترام والاندماج قيم راسخة وجزءاً أساسياً من ثقافة العمل اليومي.
وتعقيباً على هذه الخطوات، أضافت رنا غندور سلهب قائلة: “مع استجابة المؤسسات لدعوات توفير الدعم للنساء العاملات في ظل انتشار وباء كورونا، يشير البحث الذي أجريناه في ديلويت إلى أنه لا توجد طريقة واحدة تناسب جميع الجهود المبذولة في هذا المجال، لذلك، ستكون السنة القادمة عاملاً حاسماً في جهودنا لتعزيز التنوع بين الجنسين في القوى العاملة حيث سيتعين على المؤسسات إعطاء الأولوية للمرونة والمساواة والاندماج لتمكين النساء العاملات لديها من تحقيق طموحاتهن الوظيفية”.