رغم تداعيات جائحة كورونا السلبية التى طالت عدداً كبيراً من القطاعات الصناعية والخدمية خلال الفترة الماضية، إلا أن أسواق الماشية فى مصر، تأثرت إيجابياً بالأزمة، وتغيرت خريطة السوق.
فقد أعادت أزمة الجائحة، حالة الاتزان إلى السوق بعد عملية الإغراق التى شهدتها الأعوام الماضية، بسبب عشوائية الاستيراد للسلالات الأجنبية، ولم يتوقف التأثير عند هذا الحد، إذ أدت الجائحة إلى خلق أسواق جديدة موازية للأسواق التقليدية متمثلة فى البيع «أون لاين» عن طريق موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، أو عبر إنشاء قنوات على موقع «يوتيوب» والتسويق من خلالها.. الأمر الذى أدى إلى رواج كبير للمبيعات مع توقعات بزيادة الطلب خلال الفترة المقبلة.
قال محمد سعد، تاجر ماشية بمحافظة كفر الشيخ، إن ارتفاع الأسعار خلال الفترة الحالية يرجع إلى التداعيات السلبية الناتجة عن أزمة فيروس كورونا ، وتتمثل فى توقف أغلب المزارع عن استيراد العجول الأجنبية، والإقبال على شراء العجول البلدية بديلاً عنها.
أضاف أن زيادة الطلب على الماشية، تزامن مع ارتفاع أسعار الأعلاف.. الأمر الذى أدى إلى قفزة كبيرة فى أسعار القائم بقيم تتراوح بين 2 و3 آلاف جنيه للأعمار التى تتعدى عام ونصف العام من الأبقار الذكور، ليسجل العجل زنة 250 كيلو جرام 16 ألف جنيه حاليًا مقابل 13 ألف جنيه قبل 3 شهور.
وتوقع أن تواصل الأسعار ، الزيادة مع اقتراب شهر رمضان، نظرًا لزيادة استهلاك اللحوم فى هذا الشهر، وبالتالى سينعكس ذلك على السعر النهائى للكيلو ليلامس حاجز 200 جنيه.
وقال أحمد عطا، تاجر ماشية، إن تخوف التجار من جائحة كورونا خلال الفترة الحالية، ادى إلى تراجع الكميات المعروضة داخل الأسواق خوفًا الزحام، وبالتالى ارتفعت الأسعار.
أضاف أن بعض التجار، باتوا يعتمدون على جمع الماشية من منازل المربين بدلاً من التعامل مباشرة فى الأسواق لتحقيق مبدأ التباعد، وهذا أسلوب جديد لم يكن متعارف عليه قبل ذلك، موضحًا أن أسعار الماشية ذات الأوزان الثقيلة وصلت إلى مستويات قياسية، ويتراوح سعر القائم فى الذكور البقرى بين 54 و55 جنيهاً للكيلو، فى حين يتراوح سعر القائم فى الإناث بين 44 و45 جنيهاً للكيلو.
ولفت عطا، إلى أن أسعار الماشية ستواصل الزيادة خلال الفترة المقبلة، نظراً لتدافع التجار على الشراء ترقباً لزيادة الأسعار مع اقتراب شهر رمضان وزيادة الطلب على اللحوم من قبل المستهلكين.
وذكر أن ارتفاع سعر الأعلاف يسير بالتوازى مع ارتفاع أسعار المواشي، معتبرًا أن أسعار اللحوم «قائم» مرضية للمربين، وتؤهلهم لتحقيق هامش ربح بسيط، عكس العام الماضى الذى تكبد فيه المربين خسائر كبيرة بسبب الحمى القلاعية وتراجع الطلب وانخفاض الأسعار.
ووصف محمد نصر، تاجر ماشية بمحافظة الشرقية، الزيادة التى شهدتها الأسعار خلال الشهرين الماضيين، بأن السوق بدأ يعود للانضباط مرة أخرى رغم التداعيات السلبية المسيطرة على عملية البيع والشراء بسبب الجائحة.
وأضاف أن أزمة كورونا أدت إلى تغير خريطة أسواق الماشية فى مصر، نظرًا لأن أغلب الشركات والمزارع المستوردة للسلالات الأجنبية لجأت إلى الاعتماد على الأسواق المحلية، وبالتالى توجد حالة من التوازن بين العرض والطلب.. والأسعار باتت مرضية للمربين.
وأوضح أن عملية الاستيراد العشوائية من قبل أصحاب المزارع، كان لها دور كبير فى الخسائر التى تكبدها المربين عام 2019، وهى تدنى مستوى الأسعار حتى وصل كيلو القائم إلى مادون الـ30 جنيهاً فى ذكور الأبقار، ووفقًا لوزارة الزراعة، ارتفعت واردات اللحوم الحية فى 2019 بنسبة 50%، لتقترب من 300 ألف رأس من جميع الأصناف، مقابل 200 ألف رأس فى 2018.
وأصدرت الوزارة، إحصائية جديدة بتقديرات استهلاك اللحوم فى مصر، عند مليون طن تقريبًا كل عام، تتوزع بين 70% لحوم حية، و30% لحوم مجمدة، وتوقع مؤمن أبوالخير مربى ماشية، تحسن الأوضاع مع بداية شهر مارس وزيادة الطلب المتوقع من قبل الجزارين والمستهلكين الأفراد، نظرًا لتشارك عدد من المواطنين فى شراء الماشية لانخفاض سعر كيلو اللحم بها مقارنة بالشراء من الجزارين.
وطالب أبوالخير، وزارة الزراعة والقائمين على صناعة الثروة الحيوانية بالحفاظ على حركة السوق عند هذا المستوي، لضمان استمرار صغار المربين الذين تخارجت أعداد كبيرة منهم خلال العامين الماضيين بسبب الفجوة الكبيرة بين التكلفة والإنتاج.
وقال خميس عمر، تاجر ومربى ماشية، إن حالة الاتزان الذى يشهدها السوق منذ بداية العام، تنذر باستمرار التحسن حتى نهايته، خصوصاً أن أسعار القائم من الذكور والإناث «أبقار وجاموس» زادت بقيم تتراوح بين 2 و3 جنيهات للكيلو.
أضاف أن أزمة كورونا خلقت أنواعاً جديدة من الأسواق لم تكن موجودة سابقًا وهى الأسواق الإلكترونية، وقد لجأ إليها عدد كبير من التجار والمتعاملين فى القطاع لزيادة مبيعاتهم، لذلك فإن قياس درجة السوق من حيث وفرة المعروض أو ندرته لن يكون مقياساً خلال الفترة المقبلة.