خالف الاقتصاد المصرى توقعات أكثر المحللين تفاؤلًا العام الماضى، ونجح فى التعايش مع أزمة كورونا بأقل الخسائر حتى الآن، محققًا معدل نمو أعلى من التوقعات عند %3.6 العام المالى الماضى، فهل يواصل الارتفاع والأداء غير المتوقع؟ وما توصيات المؤسسات البحثية لاستمرار النمو على المدى المتوسط؟
توقعت المجموعة المالية هيرميس، تباطؤ النمو إلى %3.2 العام المالى الحالى على أن يرتفع إلى %5 العام المالى المقبل.
وقالت إن النمو ستقوده القطاعات الأكثر استقرار مثل الإنشاءات والزراعة والخدمات العامة.
أوضحت أن ارتفاع إنتاج المنتجات الهيدروكربونية بعد اضطرار الحكومة لخفضه عقب ترجع الطلب، سيدعم النمو، كما أن أثر سنة الأساس لآخر ربعين من العام المالى سيعطى دفعة قوية أخرى.
وقالت: «رغم أننا أقل يقينًا حول تعافى الاستهلاك المنتظر، فالتعافى كان ضعيف خلال العامين الماضيين، حيث إن المستهلكين استعادوا ببطء قدرتهم الشرائية فى أعقاب مستويات التضخم المرتفعة من 2016 إلى 2019.
أضافت: «لم يقدم الوباء أى دعم لتعافى الاستهلاك الذى يعانى بالأساس، فرغم تحسن معدل البطالة فى سبتمبر، لكن قوة العمل مازالت أقل %3 عن مستويات ما قبل الجائحة الأمر الذى يؤكد أنه بشكل عام هناك فقدان لنحو 800 ألف وظيفة».
وأشارت إلى أن ترجمة أساسات الاقتصاد إلى مخرجات حقيقية مازال هو التحدى الرئيسى بين عدد من العقبات أولها، أن المجال للتحفيز المالى والنقدى محدود ما يحرم الاقتصاد من دفعة قوية بعد سياسات انكماشية حادة خلال سنوات الإصلاح خاصة فى ظل تأثيرات الوباء.
اضافت: وثانيها أن هناك حاجة لتخفيف معوقات الأعمال وطرح حوافز للنمو فى قطاعات أكثر انتاجية والمضى قدمًا نحو الخصخصة.
وكان من المنتظر أن تعلن الحكومة خطة للإصلاح الهيكلى فى نوفمبر الماضى تستهدف جذب الاستثمارات وإفساح دور أكبر للقطاع الخاص، لكن الحديث عنها اختفى، وبدلا من ذلك عادت الحكومة لأفكارها القديمة لدعم النمو عبر زيادة الاستثمارات الحكومية، وأعلنت عن مشروعين طموحين لإنشاء خطة سكة حديد عالى السرعة بين العلمين والعين السخنة بتكلفة 8.3 مليار دولار، وتطوير قرى الريف بقيمة 515 مليار جنيه.
قالت «بلتون المالية»، فى مذكرة بحثية لها، إنَّ الاقتصاد المصرى سينمو %3.5، خلال العام المالى الحالى، وإن الإجراءات التى اتخذتها الحكومة ستدعم- خلال السنوات المقبلة- التحول لنمو يقوده القطاع الخاص، وهو ما يضمن استدامة التدفقات الدولارية والحفاظ على العملة المحلية قوية.
وقالت بلتون: «نؤمن أن الحزمة التحفيزية المقدمة من البنك المركزى ووزارة المالية تدعم معدلات الطلب، وهو ما سنشهد أثره خلال العام المالى الحالى».
ونوهت بتسجيل معدلات الاستهلاك نمواً استثنائياً بمعدل %7.2 على أساس سنوى، خلال العام المالى الماضى، وبلغ هذا النمو ذروته فى الربع الأخير من العام، نتيجة تضاؤل الفجوة بين الأجور والتضخم والذى انعكس بالإيجاب على القوى الشرائية التى وجدت متنفساً بعد سنوات من الإصلاح.
وتوقعت نمط استهلاك أكثر رشداً فى العام المالى الحالى، لينخفض معدل نموه إلى %3.6 العام المالى الحالى، مدفوعاً بتراجع دخل الأسر نتيجة تعطل الأنشطة الاقتصادية وانخفاض الاستثمار، وأن يكون التركيز على المنتجات الأساسية، وهو ما سيؤثر على الأعمال فى قطاعات عريضة مثل الترفيه.
وأكدت أن زيادة الإنتاج الصناعى، هى مفتاح لدعم الحساب الجارى الذى يعانى من عجز متسع، وأن الصادرات غير البترولية ما زالت ضعيفة، مضيفة: «ما يعنى أن المبادرات المقدمة فى الوقت الحالى للقطاع الصناعى، وسيلة للإبقاء على العملة المحلية قوية، دون أى تدخل فى سعر الصرف، لكن عبر جهود تكوين مصادر للإيرادات الدولارية، وخفض فاتورة الواردات فى ظل تعافى القطاع الخاص والطلب».
ورفع صندوق النقد توقعاته لنمو الاقتصاد إلى %2.8 خلال العام المالى الحالى مقابل %2 كانت متوقعة قبل ذلك، كما توقع أن يبلغ معدل النمو %5.5 العام المالى المقبل.
وقال بنك بى إن بى باريبا الفرنسى، إن الرؤية المستقبلية للاقتصاد المصرى ستظل ايجابية وإن النمو قد يرتفع بشكل هامشى إلى %3.8 خلال العام المالى الحالى.
وتوقع البنك الدولى نمو الاقتصاد المصرى بمعدل %2.7 خلال العام المالى الحالى على أن يرتفع إلى %5.8 خلال العام المالى للمقبل.
وأوضح أن النمو فى مصر سيتباطأ فى ظل تدهور القطاع السياحى واستخراجات الغاز والتباطؤ فى قطاعات رئيسية أخرى مثل التصنيع.
وقال إن النمو على المدى المتوسط متوقف على تطبيق صناع السياسات لإصلاحات داعمة للنمو.
وانقضى النصف الأول من العام المالى الحالى بالفعل، وسجل النمو خلال الربع الأول من العام المالى الحلاى نحو %0.7.
توقع تقرير صادر عن سيتى بنك تعافى نمو الاقتصاد المصرى إلى %5.4 خلال العام المالى المقبل، مقابل %4.6 العام المالى الحالى.
وقال إن السؤال الذى سيظل موجودًا على المدى المتوسط هو إلى أى حد ستدفع الحكومة النمو لمستويات أعلى عبر تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، خاصة مع التوجه نحو الخصخصة لتشجيع استثمارات أكثر فى قطاع الزراعة والصناعة، وسيدعم ذلك جهود التوحيد المالى عبر تعزيز الإيرادات.
وتوقع بنك الاستثمار فاروس نمو الاقتصاد %3.9 خلال العام المالى الحالى بعد الصدمة التى تلقاها خلال الجائحة، وأدت لتباطؤ نموه إلى %3.5 خلال العام المالى الماضى.
وقال البنك فى مذكرة بحثية، «رغم أن مصر كانت بين الاقتصادات القليلة التى حققت نمواً، لكن يلزمها 3 سنوات لاستعادة زخم النمو إلى معدلات ما قبل كورونا».
أوضح أن النمو العام الحالى سيستمر مدفوعاً بقطاع التعدين، خاصة مع استقرار أسعار البترول، يليه قطاع الإنشاءات بدعم من المشروعات القومية الضخمة القائمة، بجانب خدمات التجزئة وتجارة الجملة التى كانت داعمًا تاريخيًا للنمو.
وقال إن مساهمة الحكومة فى النمو تنخفض تدريجياً نتيجة إفساحها المجال أمام القطاع الخاص ليقود النمو.
أضاف أنه تاريخيًا، كان %80 من الناتج المحلى الإجمالى منبعه القطاع العائلى سنويًا، وهذه النسبة بدأت فى التقلص على خلفية ارتفاع مساهمة القطاع الخاص فى ظل تحسن بيئة الاستثمار.
ويتوقع بنك أبوظبى الأول نمو الاقتصاد المصرى %2.75 العام المالى الحالى على أن يرتفع إلى %4.5 العام المالى المقبل.