بوند رادار: العالم النامي يبيع سندات دولية بـ 115.23 مليار دولار فى 27 يوماً
عندما أعلنت السعودية، مؤخراً، اعتزامها بيع سندات دولية بقيمة 5 مليارات دولار، سارع المستثمرون للحصول على نصيب من عملية البيع، واستطاعت الدولة الخليجية استقطاب طلبات بنحو 20 مليار دولار لسنداتها لآجل 12 و40 عاماً، مما ساعدها على تقليل تكاليف الاقتراض التي دفعتها على الدين، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.
ويعد الإنجاز الذي حققته السعودية، الأحدث في سلسلة نجاحات لمقترضي الأسواق الناشئة، الذين سارعوا للاستفادة من أسواق رأس المال الدولية هذا العام، في محاولة لتأمين معدلات فائدة منخفضة.
وبحسب بيانات منصة “بوند رادار”، باعت الحكومات والشركات في العالم النامي سندات دولية بقيمة تصل إلى 115.23 مليار دولار في أول 27 يوماً من عام 2021، متجاوزة أعلى مستوى شهري على الإطلاق والذي بلغ 112.78 مليار دولار في يناير الماضي.
ونقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية عن سيرجي جونشاروف، مدير محفظة الأسواق الناشئة في “فونتوبيل أسيت مانجمنت”، قوله: “بيع السندات كان لجميع النوايا والاتجاهات، وهذا تسونامي نواجهه الآن”.
ويقول المصرفيون والمستثمرون، إن ثمة عاملين زادا من حدة الاندفاع المعتاد على السندات لشهر يناير، أولهما يتمثل في اضطرار الحكومات التي تعاني من ضائقة مالية إلى زيادة اقتراضها، نظراً لإضرار أزمة كورونا بالمالية العامة.
أما العامل الثاني، فيتمثل في أن عمليات البيع المكثفة في بداية العام في سوق الخزانة الأمريكية، والتي دفعت العوائد القياسية لآجل 10 أعوام لأعلى مستوياتها في 10 أشهر تقريباً، كانت بمثابة تذكير بأن حقبة عوائد السندات المتدنية للغاية في العالم المتقدم، والتي دفعت المستثمرين إلى العالم الناشئ بحثا عن عائدات قد لا تدوم إلى الأبد.
ويقول رئيس أسواق رأس المال لأوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا لدى “جي.بي مورجان”، ستيفان ويلر : “من وجهة نظر المقترض، حان الوقت لتثبيت الأسعار قبل ارتفاع العائدات، لكن من الصعب تخيل تحسن سوق السندات أكثر من ذلك، وربما لأننا رأينا أدنى مستوى في الأسعار، وكثير من الفروق السعرية قريبة من أدنى مستوياتها على الإطلاق”.
يذكر أن السعودية باعت سنداتها لآجل 12 عاماً بعائد 1.3% فوق ديون الحكومة الأميركية لآجل 10 أعوام، في حين سُعر الإصدار لآجل 40 عاماً بعائد 3.45%.
وتنضم البلاد إلى مقترضين، منهم المكسيك وكولومبيا وإندونيسيا، في إصدار أجزاء كبيرة من الديون الجديدة في الأسابيع القليلة الأولى من عام 2021، كما فعلت العديد من الحكومات الشرق أوسطية الشقيقة الأمر نفسه، بما في ذلك جهات الإصدار ذات التصنيف المنخفض مثل عمان والبحرين، اللتان باعتا ديوناً لآجل 30 عاماً.
وقال مدير المحفظة لدى “بلوباي أسيت مانجمينت”، أنتوني كيتل، إن بعضا من هؤلاء المقترضين في الشرق الأوسط تعرضوا لضربة مزدوجة من الوباء وأسعار البترول، لذا فهم يمثلون الكثير من زيادات الإصدارات لهذا العام.
وأقبل المستثمرون بفارغ الصبر على المعروض الجديد، فقد ضخوا ما يصل إلى 4.3 مليار دولار في الصناديق التي تستثمر في سندات الأسواق الناشئة للأسبوع المنتهي في 20 يناير، وهو أكبر مبلغ في نحو عامين والأسبوع الـ 16 على التوالي من التدفقات، ليرتفع بذلك إجمالي المبلغ للأسابيع الـ3 الأولى من عام 2021 إلى 9 مليارات دولار تقريباً.
وتؤكد ضجة المستثمرين على ثقتهم في أن عمليات البيع المكثفة التي شهدتها وزارة الخزانة الأمريكية مؤخراً لن تؤدي إلى إعادة نوبة الغضب لعام 2013، عندما أضر الارتفاع الحاد في عائدات السندات الأميركية بسندات الأسواق الناشئة.
وتغلغلت المخاوف من حدوث تراجع في بداية العام، عندما أشار عدد قليل من رؤساء الاحتياطي الفيدرالي الإقليميين، إلى احتمال أن يبدأ “الفيدرالي” سحب دعمه من الأسواق المالية بداية العام الحالي، كما افترض معظم المشاركين في السوق، أن الاحتياطي الفيدرالي سيتأخر عن تقليص برنامج شراء الأصول البالغ 120 مليار دولار شهرياً حتى عام 2022 على الأقل.
ومنذ ذلك الحين، بذل كبار مسئولي الاحتياطي الفيدرالي، بمن فيهم رئيس مجلس الإدارة جاي باول، جهوداً كبيرة لتهدئة التكهنات بشأن التراجع في وقت أبكر مما كان متوقعاً، لكن بعض المستثمرين يخشون ظهور المشكلة مرة أخرى، خصوصاً أن التعافي الاقتصادي يتقدم بوتيرة عالية.
وقال رئيس استراتيجية الديون الناشئة العالمية في “شرودرز”، جيمس بارينو، إن ما يلفت الانتباه في موجة مبيعات السندات الأخيرة هو سعي دول عديدة إلى بيع سندات طويلة الأجل، فقد اختارت السعودية بيع سندات لآجل 40 عاماً، في حين اختارت المكسيك وإندونيسيا سندات لآجل 50 عاماً، وانضمت تشيلي إلى نظرائها في الشرق الأوسط في بيع سندات لأجل 30 عاماً.
ويتوقع محللو وكالة التصنيف الائتماني “موديز” تباطؤ الوتيرة القياسية للبيع بمرور الوقت هذا العام وبدء التعافي الاقتصادي العالمي، ورغم أنه لايزال من المتوقع تسجيل إصدارات قوية في عام 2021، إلا أنه من المتوقع أيضاً أحجاماً أقل من أعلى مستوى على الإطلاق عند 639 مليار دولار لمقترضين من الأسواق الناشئة تم جمعهم في الأسواق الدولية العام الماضي.