لم يشعر كثيرون بالأسى على صناديق التحوط التي أذلها جيش من المستثمرين الأفراد في أسبوع جامح للتداول في “وول ستريت”.
وأصبحت صناديق البيع على المكشوف تلك، التي كانت توصف في بعض الأحيان بالمفترسة، ضحية لمجموعة من صغار المتداولين الذين صوروهم كأعضاء في نخبة تكدس الاحتمالات ضد المستثمر الفردي.
حتى أن أحد تلك الصناديق قرر وقف هذا النشاط يوم الجمعة.
وبعد 20 عاما في أعمال البيع على المكشوف، قال صندوق “سيترون ريسيرش” إنه لن ينشر بعد الآن تقارير تحدد الأسهم التي يبيعها وسيركز على تحديد فرص الشراء.
ومثله مثل صندوق “ملفين كابيتال”، كان من بين صناديق التحوط التي علقت في نيران الشراء التي أشعلها المتداولين الأفراد والتي تركزت في الأساس على أسهم شركة التجزئة المتعثرة “جيم ستوب”.
وأدى هذا الشراء إلى ارتفاع سعر السهم وأجبر صناديق التحوط على إغلاق رهاناتهم على هبوط السعر بخسائر مؤلمة.
ومع ذلك وفي مثل هذه الأوقات المحمومة، من الأهمية أن نتذكر أن البائعين على المكشوف يلعبون دورا هاما في النظام البيئي المالي.
والبيع على المكشوف هو استراتيجية تداول أساسية طورتها صناديق التحوط، وتتضمن اقتراض أسهم من شركة تداول ثم بيعها في السوق بهدف شرائها مجددا بأسعار أقل قبل إعادتها وبالتالي تولد أرباح.
وعندما تفعل ذلك، فهي تقدم تحذيرا للمستثمرين طويلي الأجل بشأن التقييمات الشاهقة وتحدد الشركات ذات نماذج الأعمال المتعثرة، وفي المقابل، تساعد في مسائلة مجالس الإدارة، وفي بعض الأحيان تسلط الضوء على العمليات المحاسبية المشبوهة.
وعلى سبيل المثال، انتقد كثيرون قيام صناديق التحوط ببيع أسهم شركة “وايركارد” على المكشوف.. ولكن ثبتت وجهة نظرهم عندما انهارت شركة التكنولوجيا المالية الألمانية واعلنت إفلاسها العام الماضي.
وحققت الاستراتيجية التي يطلق عليها استراتيجية المراكز الطويلة والقصيرة – حيث تباع الشركات المتعثرة وتشترى المنافسة الأقوى – مكاسب لصناديق التحوط في 2020 بنسبة 17.3% في المتوسط وفقا لمقدم البيانات “يوريكا هيدج”.
ولكن هناك سببا آخر يجعل الناس لا تحب البيع على المكشوف، وهو أنه يتحدى سيناريو التفاؤل القوي في أسواق الأسهم، والذي يؤمن بآفاق نمو الشركات على المدى الطويل وبالارتفاع المطرد في أسعار الأسهم مع الوقت.
وبلغ إجمالي عدد أسهم “جيم ستوب” التي طرحها البائعون على المكشوف ووعدوا بتسليمها للمشترين ما يعادل 260% من الأسهم القائمة، وفقا لشركة البيانات “مورنينج ستار”.
وتصفية بعض من هذه الرهانات الثقيلة يفسر لماذا ارتفعت أسعار أسهم الشركة في مرحلة ما إلى 500 دولار للسهم الأسبوع الحالي بعدما كانت تتداول عند 20 دولارا أوائل يناير.
ويقول براد لامينسدورف، مدير صندوق تحوط بمراكز طويلة وقصيرة “أكتيف ألتس”: “بمجرد أن يتم بيع أسهم بشدة على المكشوف، فأنت تضع نفسك في وضع لم تعد فيه مسيطرا، ويرى الجميع أن السهم أصبح يتداول بكثرة ما يجعله عرضه لارتفاع سعره”.
وسينظر أغلب المستثمرين ذوي المحافظ المتنوعة إلى ما وراء هذه الضجة في السوق، ولكن من الواضح أن ثمة مجالات في السوق تتداول بما لا يتماشى مع فكرة القيمة الأساسية، وهو ما يقدم فرصا للمستثمرين الذين يفكرون بعقلية منفتحة.
وتعد أسهم “جيم ستوب” على وشك السقوط مجددا بحدة وهو ما سيكافيء البائعين على المكشوف في مرحلة ما، وبعض الأسهم تراجعت بسبب اضطرار صناديق التحوط لبيعها للحصول على النقدية سريعا لتغطية خسائرهم وتلك ستقدم فرصة شراء.
ويقول الشريك في “ريسيرش أفلياتس”، فيتالي كاليسنيك : “تتضمن حقيقة أن هناك كثير من سوء التسعير يمنح مزيدا من فرص العائد للمستثمرين الصبورين”.
ومع ذلك فإن آلية السوق الحالية وهي الارتفاع نتيجة المضاربة من قبل المستثمرين الأفراد باستخدام أموال مقترضة ومشتقات، أشارت في الماضي إلى تكون فقاعة سوقية، وجاء بعد ذروات مشابهة خاصة في عام 2000، وبمدى أقل في 2007، تراجعات كبيرة في السوق الأوسع وليس فقط بين مجموعة أسهم قليلة تطاردها صناديق التحوط.
ويقول ألبرت إدواردز في “سوسيتيه جنرال”، إن أحد العلامات الأكيدة على أن الفقاعة تقترب من الانفجار هي عندما يشتري المستثمرون الأفراد الكثير من الأسهم من خلال الاقتراض، مضيفا أنه إذا كانت كتيبة المستثمرين الأفراد من جيل الألفية غاضبة الآن، فلننتظر لنرى ما سيحدث عندما يفقدوا أموالهم في أي انهيار سوقي؟
بقلم: مايكل ماكينزي، محرر الاستثمار لدى صحيفة “فاينانشال تايمز”. المصدر: وكالة أنباء “فاينانشال تايمز”.