لم يستطع السياسى البرازيلى روى كوستا إخفاء سخطه عندما أعلنت شركة «فورد» أنها ستغلق عمليات التصنيع الخاصة بها فى البرازيل، التى يعتمد فيها آلاف الأشخاص على صانع السيارات الأمريكى للعمل.
وقال حاكم الولاية الشاسعة الواقعة على الساحل الشمالى الشرقى للبلاد: «البرازيل عازمة على أن تصبح مزرعة كبيرة»، مضيفاً: «ما الذى خططنا له فى الخمسة أعوام الماضية لزيادة الاستثمار فى التكنولوجيا والتصنيع؟.. لا شىء».
وتعكس تعليقات كوستا المخاوف العميقة التى تتغلغل فى صناعة السيارات فى البرازيل، التى تترنح من الخروج المفاجئ لـ«فورد» فى يناير بعد وجود دام لأكثر من قرن فى البلاد، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
ويبدو أن صناعة السيارات فى البرازيل، التى تفتقر إلى الاستثمار المناسب وتعانى ضعف المبيعات والتكاليف البيروقراطية المرهقة، لا يمكن الدفاع عنها بشكل كبير، رغم أن المسئولين التنفيذيين فى مجال السيارات يحاولون رسم صورة وردية للصناعة، مشيرين إلى إمكانات سوق البرازيل الهائلة والمنتجات الجديدة المعروضة وحتى الجانب المشرق لوباء «كورونا»، الذى دفع مزيداً من الأشخاص نحو النقل الخاص.
ويقول جواو هنريكى أوليفيرا، المدير التنفيذى لدى شركة «فولفو» فى البرازيل، رئيس جمعية مستوردى السيارات، إنَّ خروج «فورد» يوضح بشكل أكبر مدى صعوبة بيئة الأعمال فى البرازيل، بل ومدى عدوانيتها أيضاً، ويمكن أن تشهد البلاد اتخاذ علامات تجارية أخرى نفس القرار.
ومع عدم وجود شركات تصنيع محلية، هيمنت الشركات الغربية واليابانية على صناعة السيارات فى البرازيل لعقود زمنية، كما استطاع المصنعون الصينيون تحقيق نجاحات كبيرة فى الأعوام الأخيرة.
ومع ذلك، لم يتعاف قطاع السيارات بالكامل من الركود المتأرجح الذى ضربه فى عامى 2015 و2016، بسبب ارتفاع معدلات البطالة وضعف سعر صرف العملة الذى جعل قطع الغيار المستوردة باهظة الثمن.
وبهذا الصدد، قال أوليفيرا، إنَّ العلامات التجارية فى البرازيل تتعرض لضغوط مالية شديدة، مشيراً إلى أن المصانع فى البرازيل تعمل بنسبة 50% من طاقتها الاستيعابية، وهو أمر ضعيف للغاية.
يذكر أن مغادرة «فورد» للبرازيل جاءت عقب خطوات مماثلة، حيث قال صانع السيارات «مرسيدس» فى ديسمبر الماضى إنه سيغلق إحدى منشآت الإنتاج فى البرازيل، بينما قامت «فولكس واجن» العام الماضى بتسريح ما يصل إلى 1300 موظف فى ساو باولو.
ويأتى الأداء الضعيف لأكبر سوق فى أمريكا اللاتينية فى وقت يشهد فيه العالم الأوسع نطاقاً عمليات إعادة هيكلة كبيرة للقطاع، حيث تركز شركات صناعة السيارات على آسيا والتحول نحو السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة، لذا يعتقد بعض المحللين أن البرازيل ستتخلف عن الركب.
وقال أندريه رونكاليا، أستاذ الاقتصاد وخبير السيارات فى جامعة ساو باولو، إنَّ إعادة الهيكلة العالمية تلعب دوراً أكبر بكثير فى تهديد صناعة السيارات فى البرازيل، ففى ظل التحول نحو السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة، فإن كل الاهتمام ينصب على آسيا، الأمر الذى يضع البرازيل فى موقف ضعيف.
وأضاف رونكاليا: «ليست لدينا القدرة على اللحاق بعملية إعادة الهيكلة هذه، ولا أعتقد أننا مستعدون حتى للتحرك فى هذا الاتجاه دون تغييرات عميقة فى مخططات الدعم الحالية المقدمة للصناعة».
وعلى الرغم من ذلك، لا تعتبر التوقعات بشأن صناعة السيارات فى البلاد قاتمة تماماً، حيث يقول بعض المديرون التنفيذيون إنهم متفائلون ولكن بحذر بشأن العام المقبل، فهم يعتقدون أن سوق السيارات من شأنه تعزيز أوضاعه من خلال تقديم عروض جذابة وكذلك أسعار الفائدة المنخفضة تاريخيا فى البرازيل، والتى تقول الشركات إنها تشجع المستهلكين على شراء السيارات بدلاً من الادخار.