ثمة نقاط هامة حول مفهوم السلوك المسئول للمؤسسات، وحتى نرى الصورة عن قرب، سنتناول هذا المفهوم من خلال إحدى الأدوات الدولية التى تسهم فى تعزيز نشر مبادئ المسؤولية المجتمعية والعمل المسؤول للشركات: إعلان المبادئ الثلاثى للمنظمة بشأن المنشآت متعددة الجنسيات والسياسة الاجتماعية الصادر فى 1977 والمعدل فى 2017.
يرسى الإعلان مبادئ إرشادية للشركات متعددة الجنسيات والحكومات ومنظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال، فى مجالات مثل العمالة والتدريب وظروف العمل والحياة والعلاقات الصناعية.
وتستند هذه التوجيهات بدرجة كبيرة إلى المبادئ الواردة فى اتفاقيات وتوصيات العمل الدولية.
ومن شأن تقيد جميع الأطراف المعنية بهذا الإعلان، أن يسهم فى تهيئة مناخ أكثر ملاءمة لتحقيق العمل اللائق والنمو الاقتصادى الشامل والتنمية المستدامة.
ويوضح الإعلان أهم الإرشادات التى يتعلق بتعزيز التشغيل وخلق فرص العمل كصورة من صور السلوك المسئول للشركات.
وحدد الإعلان دور الحكومات كالتالى:
أولا.. بأن تعلن وتتبع سياسة نشطة ترمى إلى تعزيز التشغيل الكامل والمنتج ، بغية تنشيط النمو والتنمية الاقتصاديين المستدامين ورفع مستويات المعيشة وتلبية متطلبات العمالة والتغلب على البطالة.
ثانيا.. التأكد من أن الشركات توفر معايير سلامة وصحة كافية، وتُسهم فى إرساء ثقافة وقائية للسلامة والصحة فى المنشآت التى تهيئ تدريجيا بيئة عمل آمنة وصحية.
ثالثا.. أن تضع سياسة وطنية ترمى إلى ضمان القضاء فعليا على عمل الأطفال؛ وأن ترفع الحد الأدنى لسن الاستخدام أو العمل بصورة تدريجية إلى مستوى يتفق مع النمو البدنى والذهنى للأحداث.
رابعا.. أن تتبع سياسات ترمى إلى تعزيز الفرص والمساواة فى المعاملة بغية القضاء على أى تمييز قائم على العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأى السياسى أو الأصل القومى أو المنشأ الاجتماعي.
وينبغى للحكومات أن تعزز المساواة فى الأجر بين العمال والعاملات عن العمل ذى القيمةالمتساوية.
خامسا.. أن تدرس بعناية أثر المنشآت متعددة الجنسية على العمالة فى مختلف القطاعات الصناعية، وينبغى للحكومات، وللمنشآت متعددة الجنسية بذاتها فى كل البلدان، أن تتخذ تدابير مناسبة لمعالجة آثار عمليات المنشآت متعددة الجنسية على العمالة وسوق العمل.
سادسا.. أن توفر الحكومات، بالتعاون مع المنشآت متعددة الجنسية والمنشآت الوطنية، شكلا من أشكال حماية دخل العمال الذين أنهى استخدامهم.
ويؤمن اتحاد الصناعات المصرية بما جاء به الإعلان محددا لدور القطاع الخاص، فى دعم تعزيز التشغيل كصورة من صور العمل المسؤول للشركات، وذلك على النحو التالى:
أن تسعى إلى زيادة فرص العمل والإرتقاء بمستوى الاهتمام بالعمال، مع مراعاة سياسات وأهداف التشغيل التى تتبناها الحكومة.
كما يجب أن تراعى أهمية استخدام تكنولوجيات تولد مزيد من فرص العمل بشكل مباشر وغير مباشر على السواء. وينبغى لها أن تكيف تكنولوجياتها مع احتياجات البلدان المضيفة وخصائصها بالقدر الذى تسمح به طبيعة العملية والظروف السائدة فى القطاع الاقتصادى المعني.
أيضا أن تحترم الحد الأدنى لسن العمل، ضمانا للقضاء على عمالة الأطفال بشكل فعال فى عملياتها.
وينبغى كذلك أن تتخذ الشركات إجراءات فورية وفعالة ضمن اختصاصها لضمان حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال، والقضاء على الظاهرة على وجه السرعة.
وأشار الإعلان إلى ضرورة قيام المنشآت متعددة الجنسيات بتزويد عمالها على جميع المستويات بتدريب مناسب . وينبغى لهذا التدريب أن يعززفرص الترقى والتعلم المتواصل.
أيضا، على الشركات أن تسترشد بمبدأ عدم التمييز فى كل عملياتها أو بالسياسات الحكومية الرامية إلى تصحيح أنماط التمييز ومن ثم توسيع نطاق تكافؤ الفرص والمساواة فى المعاملة فى التشغيل. وأن تتخذ من المؤهلات والمهارة والخبرة أساسا لتعيين عامليها على جميع المستويات وتوظيفهم وتدريبهم وترقيتهم.
وفى النهاية، يبين لنا هنا أن مفهوم منظمة العمل الدولية للسلوك المسئول للمؤسسات يركز على مسؤلية القطاع الخاص تجاه العاملين لديه سواء من حيث التشغيل أو التدريب أو ظروف العمل أو علاقات العمل بصفة عامة، مع تركيز دور الحكومات على تسهيل هذا الدور.